الساعة 00:00 م
الأحد 28 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.84 جنيه إسترليني
5.4 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.1 يورو
3.83 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

بالصور "النطف المُهرّبة".. روح الأسرى الفلسطينيين يُجسدها الفن حكاية

حجم الخط
الفن في خدمة الأسرى
هداية عصمت حسنين- وكالة سند للأنباء

لطالما عُرِفَ التهريبُ بأنه عملية إدخال سلع إلى البلاد خلسةً، والمُهرَّبُ هو الممنوع أن يدخل أو يخرج من البلاد بطريقة مشروعة، ولكن ثمَّة حالة يكون التهريب والمُهرَّب فيها هو تقريباً أنفساً بشريةً، وحيواتٍ كاملة... إنها "النطف المهربة".

بهذه الكلمات تعبر الفنانة التشكيلية من غزة مريم صلاح لـ "وكالة سند للأنباء" عن اهتمامها، وانشغال تفكيرها بقضية "النطف المهربة" من الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال إلى زوجاتهن خارج الأسر.

"وبمفارقةٍ مدهشة، كيف أن الأسير الفلسطيني الذي لا يملك من حريته شيئاً وهو داخل السجون، لكنه يهب الوطنَ حريةً جديدةً بنطفةٍ منه، لتقدمَ مولوداً امتداداً له، واستمراراً لانزعاج المحتل"، بتعجبٍ تقول مريم.

"النطف".. فكرة المشروع الفني

وتروي مريم فكرة مشروعها الفني الذي أسمته "الحيوانات المجهرية"، وتتمحور فكرته حول "نطف الآباء الأسرى" التي تُهرب من داخل سجون الاحتلال، وإبراز الوسائل التي تُستخدم في "تهريب النطف".

وانطلاقاً من ما يتردد في ذهنها دوماً متسائلة عن آليات التهريب وأدواته، بدأت الفنانة مريم تبحث، وتتواصل مع من يعرف قصص زوجات أنجبن من خلال "تهريب النطف".

وتوضح مريم أن هذه الوسائل التي توصلت إليها تتمثل في: الولاعات، وعلب الكبريت، وأكياس البطاطس والشوكولاتة، وغيرها من الوسائل التي ببساطتها تستطيع أن تهرب الحياة إلى خارج السجون.

وبدأت "صلاح" العمل على عرض هذه القضية انطلاقاً من رسمها الاسكتشات الأولية على الورق، لتتوصل بالنهاية لطريقة مبتكرة، وهي العرض بطريقة ثلاثية الأبعاد عبر خاصية "هولوجرام".

تقنية حديثة

وعن آلية هذه الخاصية "هولوجرام" المستخدمة في عرض مشروعها الفني، فتوضح أنها تستخدم الليزر لإنتاج واقع افتراضي مجسم ثلاثي الأبعاد، أسفل صندوق زجاجي تبرز من خلاله الأدوات التي يهرب بها الأسرى نطفهم خارج السجن، وتتمكن بعدها زوجات الأسرى من زراعة الأجنة.

تُردف مريم "هذه الخاصية قرَّبت للمشاهد الصورة بشكل أوسع، وسهلت عليَّ توضيح الفكرة مرئياً".

المشروع الفني النطف المهربة.jpgامشروع النطف المهربة الفني.jpg

مشروع النطف المهربة.jpgمشروع النطف المهربة الفني للفنانة مريم صلاح.jpg

الأولى من نوعها

وعن إقبال الزوار لمشروعها الفني، والذي يأتي نتاجاً لمشاركة مريم وغيرها من الفنانين في مشروع "إقامات فنية" تبعه معرض فني متنوع نهاية 2021، في جاليري "التقاء" بمدينة غزة، تُشير ضيفتنا إلى أنه لاقى قبولاً واسعاً.

وبحسب ما حدثتنا به، فإن مشروعها يُعد الفكرة الأولى من نوعها التي تجسد قضية "النطف المهربة" بهذا الشكل من حيث المعالجة الفنية البصرية.

أفكار جديدة

ومن منطلق أن كل فنان يطمح لتطوير أدواته ومعالجاته الفنية للأفكار، تفيد مريم أنها تفكر جلياً بتخليد قضية "نطف الأسرى" وإنجازهم الذي تراه مدهشاً، فتحدثنا أنها انتهت بالفعل من وضع خطة كاملة لفيلم درامي يتناول قضية "تهريب النطف"، وهي في طور البحث عن دعم لفكرتها وإنتاجها.

وتستكمل "بدأت التفكير والبحث عن شكل آخر، وهو إمكانية إنتاج رسوم متحركة تحكي قصص الأسرى، لننقش ذكراهم في عالم الرسوم"، مؤكدةً أن الهدف إيصال الرسالة وخدمة القضية، بأي وسيلة فنية ممكنة.

نصرة القضية

وفي سؤالنا عن رسالتها الفنية، تحكي الفنانة "أشعر بواجب وطني وإنساني تجاه الأسرى وقضاياهم، والذين ربما لا نعرف عن قصصهم الكثير، وهذه القضية خاصةً "النطف المهربة" تتميز بأهميتها رغم حساسيتها، ما دعاني للعمل الفني عنها".

وتردف مريم، أن الفن لا يمكن أن يكون مجرد لون وفرشاة، أو لقطة شاشة جميلة، لكنه رسالة ويتميز بقدرته على الوصول للعالم أجمع عبر لغة يفهمها الكل، فهنا لا بد أن يكون الفن رسالة مقاومة بطريقة ما في المقام الفلسطيني.

الفن وخدمة الأسرى

رئيس الاتحاد العام للمراكز الثقافية في فلسطين يسري درويش، يحدثنا عن الجهود الفنية الفلسطينية المتواصلة المبذولة لإبراز القضايا المتعلقة بالأسرى، وخاصةً في الآونة الأخيرة.

يحكي "درويش" لـ "وكالة سند للأنباء" أن النماذج متواصلة ومتتالية للفنانين الفلسطينيين الذين عبروا من خلال فنهم عن الأسرى وناصروهم، كالفنانة التشكيلية مريم صلاح.

ويشير إلى أنموذج آخر، وهي فنانة فلسطينية جمعت مؤخراً كل رسائل والدها الأسير لأمها، التي بعثها إليها مُنذ أن كانت طفلة، وحولتها إلى لوحات فنية مكتوبة بجهده وشوقه للحرية ولأسرته ولابنته خاصة، واستطاعت الفنانة أن تجسد هذه الفكرة بمعالجة فنية معبرة ومؤثرة.

ويردف "درويش": "الفن والثقافة الفلسطينية تعالجان بشكل دائم القضايا الوطنية العامة، وخاصةً الأسرى بما يليق بتضحياتهم" معتبراً ذلك مقاومة لا تتجزأ عن المقاومة التي اعتدناها.

ويؤكد أن مثل هذه المشاريع الفنية تأتي كلها تعزيزاً للدور الإيجابي للفن في نصرة القضايا المهمة للفلسطينيين كالأسرى.

ويُتابع "درويش" أن ذلك يأتي في إطار الرد على ما يمكن أن يصدره ما يسمى فناً على الناحية الأخرى من نتاج سلبي على قضية مقدسة، كما هو فيلم "أميرة" الذي شكك برواية "تهريب النطف".

"نطف" تواجه نطفة

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بجملة من الاعتراضات على الفيلم الذي يسلط الضوء على قصة فتاة اسمها "أميرة" ولدت عبر نُطفة مهرّبة لوالدها القابع في سجن مجدو الإسرائيلي.

وفي فترة لاحقة تُفاجأ أن هذه النُطفة تعود لضابط إسرائيلي مسؤول عن التهريب من داخل السجن استبدل العينة قبل تسليمها للعائلة.

مواقف شعبية ورسمية عارضت بشدة الفيلم، واعتبروه طعناً في خاصرة قضية الأسرى، وتشكيكاً بقضية حساسة تحظى بحذر ودقة بالغة وهي "تهريب النطف".

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2021 أصدرت وزارة الثقافة الفلسطينية بياناً صحفياً توضح فيه أن الفيلم يمس بشكل واضح قضية مهمة من قضايا الشعب الفلسطيني، ويضرب الرواية الوطنية والنضالية، ويسيء بطريقةٍ لا لبس فيها لتاريخ ونضالات الحركة الأسيرة.

وكان من المفترض أن يشارك الفيلم في ترشيحات جوائز "أوسكار" لعام 2022، لكن وزارة الثقافة الأردنية سحبت ترشيحه، ومُنع بعدها من العرض، بعد حالة الرفض والإنكار الواسعة للفيلم.

أطفال الحرية

وبالرجوع لبداية ظهور فكرة "تهريب النطف" فإنها تعود للعام 2012، حينما قرر الأسرى قهر السجان والبحث عن الحياة من خلال الإنجاب عبر تهريب النطف خارج المعتقلات، وإطلاق اسم "أطفال الحرية" على أبنائهم.

وفي ظروف دقيقة جداً، تخرج النطفة من ظلمات السجن بواسطة وسيط، بعد اتفاق الزوج الأسير والزوجة على فكرة النطفة، ويكون هناك شاهدان من أهل الأسير وأهل الزوجة، بالإضافة إلى اثنين من الشهود إضافيين في المعتقل يشهدان على إخراج "النطفة".

ويقدر نادي الأسير الفلسطيني عدد الأطفال المولودين نتيجة تهريب النطف من آباء معتقلين في السجون الإسرائيلية بـ 102 طفل.