الساعة 00:00 م
الإثنين 06 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.66 جنيه إسترليني
5.24 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4 يورو
3.72 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

قنابل وصواريخ غير متفجرة.. خطر يداهم حياة الغزيين

عدنان البرش .. اغتيال طبيب يفضح التعذيب في سجون الاحتلال

منزل تحيطه مستوطنة وجدار..

عائلة "العامر" بسلفيت تعيش في سجن مفتاحه بيدها

حجم الخط
منزل هاني العامر
خالد معالي - وكالة سند للأنباء

على شرفة منزلها المقابل لأحد منازل المستوطنين، تقف منيرة العامر "أم نضال" (57 عامًا) من قرية مسحة غرب سلفيت، والقلق لا يفارقها، فمنزلها المعزول خلف جدار الفصل العنصري وقرب "جيران النحس" الذين ضيّقوا الخناق على عائلتها، حوّلوا منزلهم لسجن، وحياتهم لجحيم.

تتجول "أم نضال" بحذر في حديقة منزلها الصغيرة، بعد أن صادر المستوطنون نحو دونمين من أراضي العائلة، وجثموا فيها وأقاموا عليها الجدار، وهي تعلم أن الحمل أصبح ثقيلًا عليها بعد وفاة زوجها قبل عام.

وتعيش "أم نضال" في صراعٍ دائم خشيةً من أي اعتداء يشنه المستوطنون على عائلتها المكونة من ثمانية أفراد، بينهم أطفال.

بيت وحيد

تستهل السيدة الخمسينية  حديثها مع "وكالة سند للأنباء": إن "الحمل بات ثقيلًا جدًا عليهم، لكن كل محاولات الاحتلال ومستوطنين لطردهم من أرضهم لن تنجح"، واصفةً بيتها كـ "سجن كبير لنا بين الجدار والمستوطنين، ونملك نحن مفاتيحه".

ويعد منزل "العامر" المنزل الوحيد المعزول لوحده خلف الجدار في سلفيت وبلداتها الـ18، ما ترك آثارًا سلبية على العائلة بأكملها خاصة الأطفال.

وعن العلاقات الاجتماعية وزيارات الأقارب تقول "أم نضال" إن الخروج لزيارة الأقارب أقل صعوبة من قدوم الضيوف لزيارتنا، فالمنزل مراقب بالكاميرات والجنود والمستوطنين على مدار الساعة.

وتزيد "أم نضال" في شرح معاناتهم: "الجيش لا يفرقنا، والكاميرات تراقبنا، وهناك بوابة تُفتح وتُغلق بأمر الاحتلال، ما يجعلنا مترقبين لأي اعتداء في أي لحظة سواءً من الجنود أو من المستوطنين".

وتفاقمت معاناة العائلة بعد وفاة ربّ المنزل، الذي كان يقوم على كافة الاحتياجات ومقارعة المستوطنين تِبعًا لـ "أم نضال".

وفي حديثها عن اعتداءات المستوطنين تذكر أن "المستوطنين دمروا مشتلهم الزراعي بواقع دونمين وصادروهما وجرفوهما، وبنوا جدارًا بأرضهم"، مضيفةً بنبرة مؤلمة: "بعد وفاة زوجي بت لوحدي وعائلتي الصغيرة نقارع المستوطنين".

وتستذكر"أم نضال" الأيام الخوالي، قبل أن يجثم الاستيطان فوق صدر عائلتها، قائلةً: "كانت أيامًا جميلة جدا، ننام في الأرض دون خوف، ونصحو مبكرا على صوت العصافير، ونفرح ونسعد لفلاحة الأرض، لكننا الآن لا نملك سوى أقل من دونم، وننام ونصحو مع جيران مفروضين علينا".

طفولة مسلوبة

أما ابنتها ميساء العامر (24 عاما)، فلا تتذكر من طفولتها سوى الخوف من اللعب في فناء المنزل، وحرمانها وأخواتها من أبسط حقوقهم باللهو مع أصدقائهم.

تقول الشابة "ميساء" لـ "وكالة سند للأنباء: "عندما كنت طفلة بالمدرسة، تمنيت لو أن صديقاتي يأتين لزيارتي بالمنزل، ونلعب سويا، لكن ذلك لم يكن ممكنا لخوف عوائلهن عليهن من أي اعتداءٍ محتمل من المستوطنين".

وتضيف: "لقد عشنا السجن مبكرا وفي طفولتنا، حتى أن اللعب بالكرة أمام باب المنزل كان أمنية لنا، لأن المستوطنين يصرخون علينا أو يلقون الحجارة بحجة إزعاجهم، فهم يريدون منا العيش على مزاجهم".

ولا تنسى "ميساء" الاعتداءات التي كانو يتعرضون لها وهم أطفال: "ذات يوم استيقظنا مع ساعات الفجر الأولى على أصوات طرق وضرب بالحجارة على سطح المنزل والجدران، لنكتشف لاحقًا أنهم مستوطنون يُطلبون منا الرحيل عن أرضنا".

ومن جملة الانتهاكات التي كانت تُمارس على عائلة "العامر" هو حضور دوريات جيش الاحتلال للمنزل في حال زارهم أحد أقربائهم أو معارفهم، عن ذلك تتحدث "ميساء": "يطلبون منا إبلاغهم مسبقًا بكل زائر، وأحيانًا يفرضون علينا الحصول على تصريح زيارة.. لكم أن تتخيلوا حجم القهر!".

قرية منكوبة

بدوره، يشدد رئيس مجلس قروي مسحة صباح العامر، إن معاناة عائلة "العامر" لن تنته إلا بانتهاء الاستيطان الإسرائيلي.

ويُتابع "العامر" لـ "وكالة سند للأنباء": "إن قرية مسحة منكوبة بالاستيطان، لكن عائلة المرحوم هاني العامر الأكثر معاناة، فتصور أن منزلك يقع بين الجدار وجارك المستوطن، الذي يظن أنه بمضايقاته واعتداءاته سيجبر العائلة على الرحيل".

ويُوضح أن هدف سلطات الاحتلال من هذه التضيقات هو طرد العائلة والاستيلاء على الأرض، ما دفعها لإحاطة قرية مسحة بالمستوطنات، وطريق استيطاني لتصبح 90% من أراضي القرية الصغيرة بيد المستوطنين.

25 مستوطنة

من جانبه، يشير عضو اللجنة الوطنية للدفاع عن الأراضي ومقاومة الاستيطان والجدار يوسف أبو صفية، إلى أن قرية مسحه محاطة بالكامل بالاستيطان والجدار والطرق الالتفافية، حالها كحال قرى وبلدات سلفيت الـ18، مقابل 25  مستوطنة تستنزف الأراضي دون مساءلة.

وفي عام 1978 أقيمت أول مستوطنة وهي "الكاناة" أو "القناة" على أراضي محافظة سلفيت، على مساحة 50 دونم، قبل أن تتوسع وتسيطر على آلاف الدونمات من أراضي قرية مسحة، وتقترب رويدا رويدا من منزل هاني العامر وتحاصره، وفق "أبو صفية".

وتبلغ مساحة قرية مسحة حوالي 6000 دونم، ويسكنها قرابة 2300 نسمة، وتجثم على أراضي القرية حاليًا ثلاث مستوطنات هي "القانا" و"شعري بتيكفا" و"عتسوايم".