الساعة 00:00 م
الخميس 25 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.71 جنيه إسترليني
5.33 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.04 يورو
3.78 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

"الوضع القائم" في الأقصى.. تغييرات إسرائيلية بطيئة ومستقبل خطير

"الدَّامون".. عن آلام الأسيرات وتجاربهن في "إسطبل الخيول"

حجم الخط
أسيرة فلسطينية
لبابة ذوقان - وكالة سند للأنباء

في مبنى أثري متهالك، أنشئ ليكون إسطبلا للخيول ومخزنا للسجائر إبان الانتداب البريطاني، تقبع الأسيرات الفلسطينيات بينهن طفلة في سجن "الدامون"، بظروف معيشية صعبة تفاقم معاناتهن في ظل عزلهن عن العالم الخارجي بشكل كامل.

يقع سجن الدامون في أحراش الكرمل بمدينة حيفا، وتم إعادة افتتاحه خلال انتفاضة الأقصى، وتخصيصه للأسيرات فيما بعد، دون تحسين أو ترميم للزنازين التي يحتجزن بها.

وتزامنا مع يوم الأسير الفلسطيني، الذي مرّت ذكراه أمس الأحد، الـ 17 من نيسان/ إبريل من كل عام، يُفيد نادي الأسير الفلسطيني لـ"وكالة سند للأنباء" بـأن 32 أسيرة يقبعن بالدامون، أصغرهن الأسيرة نفوذ حمّاد (14 عاما) من القدس، وأقدمهمن ميسون موسى من بيت لحم والمعتقلة منذ عام 2015.

بينما تقضي الأسيرتان شروق دويات وشاتيلا أبو عيادة حكمًا بالسجن لستة عشر عاما، وهنّ أعلى الأحكام من بين الأسيرات.

غير صالح للبشر!

"سجن لا يصلح للعيش الآدمي، وصمّم خصيصا ليحافظ على الرطوبة"، هكذا وصفت منسقة وحدة التوثيق في مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان احترام غزاونة، سجن الدامون.

وتقول "غزاونة" لـ"وكالة سند للأنباء": "إن مبنى سجن الدامون قديم جدا، يعود تاريخ بنائه للانتداب البريطاني، وقد صمّم خصيصا ليحافظ على الرطوبة كونه بني مخزنا للدخّان، إضافة لكونه إسطبلا للخيول".

وتُشير إلى أن الأسيرات يُعانين من الرطوبة الشديدة في السجن، وانعدام التهوية والظروف الصحية الملائمة للعيش الآدمي.

أسوأ من سجون الأسرى

وفي أحاديثٍ منفصلة مع "وكالة سند للأنباء" أكدت أسيرات محررات أن الظروف المعيشية داخل "الدامون" بتفاصيلها كلها، أصعب وأسوأ مما يعيشه الأسرى الذكور في كافة السجون الإسرائيلية.

33.jpeg
 

وتُعلل "غزاونة" ذلك أن "الأسيرات عددهن أقل ويتواجدن في سجن واحد فقط، أما الأسرى فأعدادهم كبيرة جدا، ولديهم بنية تنظيمية وحامية تمكنهم من الحصول على مطالبهم والضغط على إدارة السجون وتنظيم شؤونهم بشكل أفضل".

وتوضح أنه "لا يتم التعامل مع الأسيرات بأي خصوصية، فمثلها مثل الأسرى الذكور، يتم اعتقالهن خلال منتصف الليل، أمام أطفالهن وعائلاتهن، ويتعرضن للتفتيش العاري، ويتم التحقيق معهن بنفس المراكز والأساليب التي يتعرض لها الأسرى الرجال من سوء معاملة وضرب وتحرش لفظي وكل الأساليب التي تحط من كرامتها كامرأة وإنسان".

بناء تعيس وحشرات!

الأسيرة المحررة سوزان العويوي التي أمضت ما يقارب العام في السجون عام 2018، تصف زنازين "الدامون"، بـ "أرضية أسمنيتة رديئة، جدران خشنة، رطوبة قاتلة".

وتسهب "العويوي" في وصف زنازين السجن لـ "وكالة سند للأنباء": "لا يوجد بلاط، الأرضية أسمنتية تعيسة، وسقف الغرف على شكل أقواس وقبب، وفي الزنزانة التي كنت أتواجد بها وتعتبر من أفضل الغرف بالرغم من سوئها، كان يوجد بها نافذة صغيرة حجمها لا يتجاوز الـ50 سم، أما باقي الغرف فلا يوجد بها أي متنفس أو فتحة للتهوية".

ثم تُكمل: "لكم أن تتخيلوا كيف سيكون الوضع في زنزانة بهذا الشكل تعيش فيها خمس أسيرات، وبداخلها المرحاض ومكان تحضير الطعام، ودون تهوية مطلقا!".

وبابتسامة يشوبها الألم تسرد: "أما عن الصراصير فحدّث ولا حرج! عندما نُقلت للدامون لم أتمكن من النوم أنا والأسيرة التي كانت معي بالغرفة لثلاثة أيام متواصلة من كمية الحشرات والصراصير بالزنزانة، أعداد كبيرة ومن كل الألوان والأحجام".

بين الحياة والموت

بعد تنهيدة زفرت معها وجعًا لا ينسى، تقول المحررة "العويوي": "في السجن نَعلَق بين الحياة والموت، لا شيء يربطنا ويذكّرنا بأننا على قيد الحياة سوى النفس الذي نتنفسه.. ونحمد الله أننا خرجنا وباستطاعتنا أن نتنفس".

واعتقلت سوزان خلال شهر رمضان المبارك، ما كان لوقع الاعتقال معاناة مركبة لها ولعائلتها، حسب قولها.

وعن ذلك تُحدثنا: "الاعتقال بحد ذاته أمر صادم ومرعب جدا، آثاره باقية حتى اليوم خصوصا على أبنائي، ومع قدوم رمضان تأبى تلك الأيام إلا أن تكون حاضرة في مخيلتنا جميعا، كانت المعاناة مركبة وثقيلة جدا علينا".

رمضان.. غائب بالسجن

وفور اعتقالها في الخامس من حزيران/ يونيو 2018، نقلت "العويوي" إلى التحقيق، لتمضي هناك أسوأ أيام حياتها، وفق ما أوردته.

لا يصمت الوجع ولا يُكتم عند الحديث عن "اعتقال أم"، كيف لا؛ وهي من تركت ابنتها طالبة في الثانوية العامة، وابنها الآخر في الرابعة عشر من عمره، وطفلها الأصغر لا يتجاوز العشر سنوات.

تُردف: "أول يوم اعتقال ومع وقت الإفطار لم أكن أرى سوى وجوه أطفالي الثلاثة الذين تركتهم خلفي، أصبت حينها بنوبة بكاء هستيرية وانهيار حتى أن السجانين أخرجوني من الزنزانة بعض الوقت نتيجة ما أصابني".

2.png

وتتحدث "العويوي" عن الأسيرات القدامى: "كان حلم الواحدة منهن أن تمسك حبة قطايف أو حبّة فراولة، أو يأكلن قمر الدين"، مردفةً: "أحلامهن على بساطتها موجعة، وتؤكد أن الحرمان الذي يعشنه لا يمكن تخيله".

الأسيرة الأم.. وأم أسير!

"ليتني لم أكن أعرف إلى أين يذهب ابني"، كلمات خرجت من قلب الأسيرة المحررة صفاء أبو سنينة من الخليل، والتي عاشت تجربة التحقيق والاعتقال في سجون الاحتلال، بعد اعتقال ابنها البكر حمزة (19 عاما) قبل أيام.

وبصوتها الذي لا يخفي وجعها وقلقها عليه تقول "صفاء" لـ"وكالة سند للأنباء": "إن الاعتقال ليس أمرا غريبا علينا بالعائلة فأخوتي أمضوا سنوات طويلة بالأسر وكذلك زوجي، لكن اعتقال ابني حمزة هو أول اعتقال لأحد من عائلتي بعد الإفراج عني، ما ترك فيّ ألم كبير جدًا".

وتُشير إلى أن زنازين التحقيق التي حُوّل إليها نجلها فور اعتقاله أشبه بـ "جحيم" يعيشه الأسير خاصة في شهر رمضان، ففيه تتضاعف المعاناة، وتُصبح فريسة للمحققين والضباط ويستغلون صيامك لتعذيبك أكثر.

معاناة مضاعفة

ولا تراعي سلطات الاحتلال حرمة لشهر رمضان، ولا تمنح الأسير أو الأسيرة أي خصوصية أو استثناء خلاله، فالطعام المقدّم للأسير رديء للغاية، ويقدّم له خلال النهار وفي ساعات الصيام، ولا يتم تقديمه وقت الإفطار أو السحور.

وتورد "أبو سنينة": "أن المعاناة واحدة عند كل الأسيرات، لكن الأمهات منهن، يكون ألمهن مضاعفًا، فعندما تجتمع المسؤولية مع البعد يكون الأمر أشد قسوة".

حرمان من الراحة

وفي سؤالنا عن أسوأ ما تتعرض له الأسيرات خلال رمضان ترد: "الخروج للمحاكم هو عذاب مضاعف، إضافة لحرماننا من النوم بعد الفجر، بسبب العدّ اليومي وكان عادة بعد نومنا بأقل من ساعة، وما أن نعود للنوم مرة أخرى حتى يأتي موعد التفتيش اليومي للزنازين، كنا نحرم من الخلود للراحة".

أما عن الأثر الذي تركه الاعتقال على أبنائها، تُبيّن المحررة "أبو سنينة" أنه بالرغم من احتضان الجميع لهم، لكنّ اعتقال الأم ليس أمرًا هينّا على الأولاد، مستطردةً: "لقد صُدمت من حجم الأثر على أبنائي بسبب اعتقالي وهذا أمر محزن للغاية".

1.jpg