الساعة 00:00 م
السبت 27 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.79 جنيه إسترليني
5.4 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.1 يورو
3.83 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

تحققت دعوة والده له..

أمجد الفايد.. حارس مخيم جنين من غدر الاحتلال

حجم الخط
الشهيد أمجد الفايد
جنين - وكالة سند للأنباء

قَصِير القامة، نحيل الجسد، لكنّه عنيد ذو قوة وبَأس شديد، ما جعله يُسطر في سجل البطولة درسًا يُخلد لمن بعده، لقد كان "حارس المخيم، وفرعونه، وأسد العبوات" فيه، إنه الشهيد أمجد الفايد (18 عامًا) الذي ارتقى فجر السبت الماضي، خلال اشتباكٍ مسلح مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في شارع حيفا شمال جنين.

والشهيد "الفايد" هو ابن شقيق الشهيدين أمجد ومحمد الفايد، اللذين ارتقيا في معركة مخيم جنين (نيسان/ أبريل 2002) بعد كمين قُتل فيه 13 جنديًا إسرائيليًا.

وليد الفايد، والد الشهيد "أمجد" يقول، إنه جهّز نفسه لهذه اللحظة، حتى قبل أن يُبصر ابنه نور الحياة، "فهذه العائلة عُرفت بتضحياتها بأغلى ما تملك في سبيل الدفاع عن قضية فلسطين".

وفي حديثٍ مع "وكالة سند للأنباء" يُردف "الفايد" بنبرةٍ قوية: "بعد استشهاد إخواني، دعوت الله بأن يرزقني ولدًا يحمل اسمه عمّه أمجد، ولقد نذرته لله وللوطن من اللحظة التي عرفت فيها بأنه سيأتي على هذه الحياة".

عاش "أمجد" في عائلة، تدفع ضريبة الانتماء لفلسطين وقضيتها، فقد وعي على والده أسيرًا في سجون الاحتلال، ولم يتنسَ له التعرف على عميه الشهيدين إلا عبر الصور والكثير من المجد الذي يُحكي بفخر للأجيال، عدا عن الاعتداءات المستمرة للمخيم الذي يعيش فيه.

يزيد والده: "هذه البيئة شجعت أمجد ورسخت لديه عقيدة الانتماء للوطن، ففي كل مرة تتحدث معه عن فلسطين، تجده يحمل فكرة واحدة داخله، أن يكون شهيدًا مثل أعمامه".

بعد تنهيدة ممزوجة بعبارات الحمد بأن اصطفاه الله ليكون أبًا لشهيد، يستذكر ضيفنا حوارًا دار بينهما: "أمجد ما زال طفلًا في نظري، لذا كنت أقول له أمامك درب طويل جهّز نفسك قبل الحديث عن الشهادة أو الإقدام نحوها، لكنّه كان يرد بنبرة رجل كبير: توكل على الله يا حج، واللى كاتبه ربنا بيصير".

ومنذ مطلع العام الجاري، تصاعدت اقتحامات جيش الاحتلال لمدينة جنين ومخيمها، لاعتقال فلسطينيين، وعادة ما تندلع مواجهات واشتباكات مسلحة بين جنود الاحتلال ومقاومين.

يُشير والده إلى أن الاعتداءات على الأطفال والنساء والشيوخ في المخيم خلال الفترة التي مضت، وانتهاكات الاحتلال بحق القدس والمسجد الأقصى المبارك، شكّل دافعًا قويًا عند نجله الشهيد، لينخطر في الدفاع عن المخيم ومقدسات بلاده.

وتنوع دور "أمجد" المقاوم ما بين التجول ليلًا في محيط المخيم لاستطلاع الأوضاع الميدانية، وما بين المواجهة المباشرة مع قوات الاحتلال، كما كان رفيقًا للمقاومين الأكبر سنًا منهم، ومن أبرزهم الشهيد عبد الله الحصري، الذي ارتقى في اشتباك مسلح مع الاحتلال فجر الأول من مارس/آذار الماضي، في مخيم جنين.

ويصف أهل المخيم "أمجد" بـ "صاحب القلب الحديدي"، كما أنه يمتلك "قوة الملاحظة"، فهو يتمكن دائمًا من اكتشاف تسلل القوات الإسرائيلية الخاصة إلى المخيم، وكان آخرها ليلة استشهاده.

أما عن سبب تسميته بـ "حارس المخيم" يُحدثنا "أبو إبراهيم" أحد السكان هناك: "خلال الخمسة أشهر الماضية، لم يسترح مطلقًا، فقد كان يسهر كل ليلة حتى الصباح لحراسة المخيم من أي اقتحامٍ محتمل".

ويُردف: "كان جريئًا في التصدي لقوات الاحتلال وانتهاكاتها، وقد نقل أحد رفاقه لنا ليلة استشهاده، أنه اقترب من تجمع الجيش على مسافة 3 أمتار فقط، وألقى عليهم عبوة متفجرة، وأطلق خلالها الجنود الرصاص عليه وعلى سيارة الإسعاف التي حاولت إنقاذه".

ولعل أكثر الصور التي جرى تداولها، كانت صورة "أمجد" وهو يرتدي أوشحة الأجنحة العسكرية للفصائل الفلسطينية.

عن ذلك يورد "أبو إبراهيم" لـ "وكالة سند للأنباء": "كانت له علاقات مميزة مع المقاومين من كل الأجنحة العسركية، وكان دائمًا يدعو لوحدة الصفوف في الميدان لمواجهة الاحتلال".

ووفقًا لحديث "ضيف سند" فإن الأهالي شعروا باستهداف إسرائيلي قريب سيطال أمجد، معللًا ذلك: "الشباب الذين يريد الاحتلال اعتقالهم كان يتصل بهم أو بذويهم طالبًا منهم تسليم أنفسهم، لكن أمجد وبعض الشهداء لم يتلقوا هكذا اتصالات رغم أنهم معروفون ونشاطهم مكشوف".

ليلة الشهادة

وبالعودة لوالده للحديث عن اللحظات الأخيرة التي جمعته بنجله قبل استشهاده، يحكي لنا: "أخبرني أنه سيزور خالته في بلدة اليامون غرب جنين، وخلال تواجده هناك اقتحم الاحتلال البلدة، خفت عليه، وأخبرته بعدم مغادرة المخيم مرة أخرى لأن الاحتلال يُلاحقه ويريده شهيدًا بأي ثمن".

لَمح "أمجد" الحب والخوف في عيون والده عليه، ما دفعه لقطع "عهدًا له بأن يظل في المخيم، لكنّ لن يقف متفرجًا إذا ما اقتحمه الاحتلال، بل سيُدافع كباقي المقاومين"، وغادر المنزل ليلتها مودّعًا، وبعد ساعة جاء الخبر "أمجد مصاب".

11111.jpg
 

من يُكذب حدس الأباء الصادق؟ فعندما أُذيع خبر الإصابة، قطع صوت والده الشك باليقين: "أمجد شهيد مش مصاب"، يُكمل: "عندما وصلت المستشفى حاولوا تمهيد الخبر لي بوضع أجهزة تنفس على جثمانه، قلت لهم لا داعي لذلك فأنا مؤمن بقضاء الله وقدره".

وبعد ساعات من الارتقاء، ودعت جنين أمجد الفايد بجنازةٍ مهيبة وحضور شعبي واسع، حيث جاب به المشيعون شوارع وأزقة المخيم جنين، بمشاركة عدد من المقاومين الذين حملوا السلاح عالياً، وسط هتافات مؤكدةً بأن "المقاومة جدوى مستمرة".

أمجد شهيد.jpeg