الساعة 00:00 م
الجمعة 03 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.26 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4 يورو
3.73 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

عدنان البرش .. اغتيال طبيب يفضح التعذيب في سجون الاحتلال

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

المياه العادمة للمستوطنات تفتك بالبيئة والزراعة الفلسطينية

حجم الخط
مستوطنات
نابلس – وكالة سند للأنباء

لا يتوقف خطر المستوطنات في الضفة الغربية على مصادرة الأراضي المقامة عليها، فوجود مستوطنة على قمم أحد الجبال يعني بثّ سمومها للأراضي المحيطة بها، عبر التخلص من المياه العادمة من البيوت والمصانع صوب الأراضي الزراعية الفلسطينية.

في قرية دير الحطب شرقي نابلس، وما أن ينطلق ياسر حسين وأسرته نحو أرضهم المتاخمة لمستوطنة "ألون موريه" خلال موسمي الحراثة وقطف الزيتون، حتى يُفاجأ بالتلف الكبير للأشجار والمزروعات وبالمكرهة الصحية أمامهم، بسبب انسياب المياه العادمة المكشوفة باتجاه أراضي دير الحطب وقرية عزموط المجاورة.

وتزامنا مع موسم حراثة الأراضي هذه الأيام، تتفاجأ العائلات الفلسطينية بتلف محاصيلها وتلوّث أراضيهم بالمياه العادمة، عن ذلك يقول "حسين": "يسمح لنا بدخول أراضينا في موسمي الحراثة وقطف الزيتون فقط، بسبب قربها من المستوطنة، حينها نكتشف مدى الضرر الكبير الناجم عن تدفق المياه العادمة".

وبنبرة خوف وألم على ما يحل بأرضه يضيف: "أن الأرض وما عليها كأنها تعرضت لحرق بالكامل، والرائحة الكريهة تملأ المكان، والثمر إما تالف أو مشوه أو مسلوب كالعادة".

ويتابع لـ "ـوكالة سند للأنباء: "في الموسم الأخير لقطف الزيتون لم نتمكن من جمع محصول الزيتون، لأن مياه مجاري مستوطنة ألون موريه كانت تغطي مساحات واسعة من الأرض، وكان من المستحيل البقاء فيها، عدا عن التخريب الحاصل بالأشجار وسلب المستوطنين جزءًا آخر من المحصول".

مياه عادمة وخنازير!

من ناحيته، يشير رئيس مجلس قروي عزموط السابق مراد عامر إلى أن مئات الدونمات في بلدته المجاورة لبلدات دير الحطب وسالم، تدمرت جراء المياه العادمة واستقطابها لقطعان الخنازير التي تصل للمناطق السكنية، مما حرم الأهالي من البناء والسكن فيها بسبب المكاره الصحي.

ويردف "عامر" لـ"وكالة سند للأنباء": "الأراضي الملوثة تزداد يوما بعد يوم مع توسع المستوطنات، وتزيد وتيرتها في فصل الشتاء، حيث يزداد تدفق المياه العادمة، وفيضانها على جانبي الأراضي التي يمر بجوارها".

ونظم مجلس قروي عزموط مؤخرًا سلسلة زيارات لمؤسسات إعلامية للوقوف على حجم الضرر الناجم عن تلك المياه المتدفقة من المستوطنة ومنطقتها الصناعية، التي أعاقت تمدد البلدة من ثلاث جهات.

خنازير.jpg
 

خطر مستوطنات سلفيت

وعن المستوطنات المحيطة في سلفيت، يوضح مدير لجان الإغاثة الزراعية في محافظة سلفيت بكر حمّاد، أن عدة بؤرة استيطانية في محيطها تعد نموذجا للمكاره الصحية التي سببتها المياه العادمة المتدفقة من المستوطنات والمناطق الصناعية التابعة لها، لافتًا إلى أن القرى الأكثر تضررا منها هي بروقين وكفر الديك ودير استيا.

يكمل "حمّاد" لـ "وكالة سند للأنباء": أن "وادي المطوي ووادي سوسه، يتعرضان لتدفق يومي للمياه العادمة سواء من مستوطنة أرئيل ومنطقة بركان الصناعية، فيما آلاف الدونمات تتعرض لتلف مزروعاتها وأشجارها وتلوث بيئتها، والأخطر هو المياه الجوفية التي تعد مصدرا لمياه الشرب".

ويعد بئر المطوي أكثر المصادر المائية تضررا من مياه الصرف الصحي، حيث يعد مصدرًا مائيًا مهمًا بالمنطقة، ويغطي 30% من حاجة مياه مدينة سلفيت وقرية فرخة وخربة قيس، تبعًا لـ "حماد".

ويسهب: "المياه العادمة في تلك المنطقة هي خليط من مياه مجاري مستوطنة "ارائيل"، ومياه مجاري سلفيت، وتمر عبر هذه السلاسل الجبلية وعلى مسافة أقل من 40 كم من بئر المطوي، حيث بينت الدراسات والفحوصات الطبية والبيولوجية للمياه في بئر المطوي وجود ارتفاع حاد في نسبة الكائنات الدقيقة في الماء".

ويورد أن وادي قانا الذي يمتلئ بالينابيع والأشجار تعرض للتخريب البيئي جراء تدفق مجاري سبع مستوطنات تقع على سفوح الجبال المحيطة به، وتخترق أراضي حارس وكفل حارس ودير استيا وجينصافوط، وتستمر بالتدفق في مسار يصل إلى الداخل المحتل ليصل ضررها للعديد من البلدات في محافظة قلقيلية.

أضرار بيئية

المهندس الزراعي ومدير مركز أبحاث الأراضي في نابلس محمود الصيفي، يؤكد أن "مجاري المستوطنات تلحق أضرارا بالبيئة الفلسطينية، سواء المياه الجوفية والتي تصبح غير مؤهلة وغير ملائمة للاستخدام الآدمي، إضافة لحرق الغطاء النباتي من مزروعات أو مراعي وانتشار الأمراض والأوبئة".

ويُبين "الصيفي" في حديثٍ مع "وكالة سند للأنباء" أن مناطق الأغوار الشمالية، ووادي النار، وشرق مدينة الخليل، ووادي قانا بين نابلس وقلقيلية، وسلفيت وشرق نابلس، نماذج على المناطق الأكثر تضررا بسبب المياه العادمة.

مياه المستوطنات.jpg
 

ويرى أن المطلوب توثيق كل الأضرار الناجمة عن تلك المجاري بالصورة والوثائق والإفادات، وترجمتها للغات الحية عالميا، والتوجه للمحاكم الدولي لمحاسبة الاحتلال على ذلك، معتبرًا ضرب البيئة والزراعية الفلسطينية بشكل متعمد لا يقل خطورة عن استهداف الانسان الفلسطيني.

40 مليون كوب

وحسب دراسة أجرتها الباحثة دانا مسعد من مؤسسة آفاق البيئة والتنمية، فإن كمية المياه العادمة للمستوطنات تقدر بأكثر من 40 مليون كوب من المياه العادمة غير المعالجة سنوياً.

وهذه الكمية تفوق كل كمية المياه العادمة التي ينتجها الفلسطينيون في الضفة الغربية، والبالغة 33.7 مليون كوب سنويا، علما بأن أقل من 10٪ من المياه العادمة من المستعمرات يتم معالجتها.

وأشارت الدراسة إلى أن تلك المياه الملوثة بالمجاري والكيماويات المنزلية والزراعية ومخلفات المصانع الكيماوية المستخدمة في المستعمرات تعمل على تسميم النباتات والحيوانات على طول مسرى تلك الوديان، وتسبب تلوثا للتربة والمياه السطحية والجوفية التي يعتمد عليها أهالي البلدات المجاورة للشرب ولسقي المواشي.

ويتسبب تلوث التربة بالمياه العادمة بارتفاع نسبة الأملاح فيها فتغدو غير صالحة للزراعة، كما ويعمل هذا النوع من التلوث على خلق بيئة لتكاثر الحشرات الناقلة للأمراض، وفق الدراسة ذاتها.