الساعة 00:00 م
الثلاثاء 07 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.7 جنيه إسترليني
5.28 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.03 يورو
3.74 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

بعد إنجاز 50% منه.. لماذا فكّك البنتاغون الأمريكي ميناء غزة العائم؟

قنابل وصواريخ غير متفجرة.. خطر يداهم حياة الغزيين

عدنان البرش .. اغتيال طبيب يفضح التعذيب في سجون الاحتلال

في الذكرى الـ 53 لإحراقه..

حريق المسجد الأقصى.. يوم "صادم ومشؤوم" والخطر يتضاعف

حجم الخط
المسجد الأقصى المبارك
بيان الجعبة - وكالة سند للأنباء

لا تمر ذكرى حريق المسجد الأقصى المبارك (21 أغسطس/ آب)، مرورًا عابرًا في ذاكرة المقدسيين الذين شهدوا أحداث ذلك اليوم من العام 1969، حيث أقدم المتطرف الأسترالي مايكل دنيس روهن، على إشعال النيران بالمصلى القِبلي بـ "الأقصى".

هذا اليوم الذي يصفه المقدسيون بـ "الصادم والمشؤوم" يستذكر تفاصيله الفلسطينيّ ابن بلدة سلوان في مدينة القدس، صالح دويك، ويروي بنبرة قهر ما جرى حينها مُلخصًا إياه، بالقول "كأنّه حدث البارحة من هول المصيبة، وبسالة المقدسيين في الدفاع عن الأقصى وإخماد حريقه".

شاهد على الحريق..

صباح يوم الأحد الـ 21 من أغسطس/ أب 1969، استفاق صالح دويك على صراخات تُنادي: "احترق الأقصى.. احترق الأقصى" يقول: "نهضت من فراشي مفزوعًا، ونظرت إلى محيط المسجد من شباك المنزل، فوجدت دخان كثيف يتصاعد من المصلى القبلي، يُغطي بلدة سلوان كاملة".

ويُضيف "دويك" لـ "وكالة سند للأنباء" خرجت مسرعًا إلى المسجد برفقة أبناء البلدة؛ للمساعدة في إخماد الحريق، لكن الاحتلال أعاق وصولنا من خلال نصبه عدد كبير الحواجز في محيط ومداخل البلدة القديمة كاملة.

ويُشير إلى أن الطريق الذي كان يستغرق الـ 15 دقيقة عادةً، امتد يومها لقرابة الساعتين ونصف بسبب الحواجز وتضيقيات الاحتلال.

كذلك تعمّدت سلطات الاحتلال، عرقلة ومنع سيارات الإطفاء من الوصول للمسجد الأقصى، وقطعت الماء بشكل كامل عن مكان الحرق؛ مما اضطر المقدسيون لنقل الماء من منازلهم، وفق شهادة "دويك".

2.jpeg
 

تنقل ضيفنا من حاجز لآخر حتى وصل أخيرًا لساحات "الأقصى"، فوجد المسجد يشتعل، ومن استطاع الوصول من أهالي البلدة القديمة وخارجها، قد عملوا على إخماد الحريق، عبر تشكيل سلاسل بشرية من منازل المواطنين إلى موقع الحريق.

نقل المقدسيون يدًا بيد الماء من منازلهم إلى المسجد، ويُردف "دويك": "استخدموا كل ما هو أمامهم من معدات لتوفير المياه والتراب اللازم لإخماد الحريق".

وعند وصول "دويك" إلى المصلى القبلي، أُصيب بالذهول _كما يُحدثنا_ من حجم الدمار الذي خلّفه الحريق، بالجناح الشرقي للمصلى القبلي الواقع في الجهة الجنوبية للمسجد، والتهم محتوياته كاملة بما فيها منبر صلاح الدين الأيوبي التاريخي.

يُكمل "دويك": "لقد كانت وجوه المقدسيين تحكي عن الصدمة التي أُصيبوا بها لحظة رؤية النيران وهي تشتعل، ثم الخراب الذي لحق بالمصلى ومحيطه، في وقتٍ كانت الفرحة واضحة على ملامح ضباط وجنود الاحتلال الذين تواجدوا في المكان".

4.jpeg

1.webp


وبعد لحظات الصدمة والذهول تدافع الناس لتنظيف المصلى القبلي، وإخراج السجاد المحروق والأخشاب وغيرها من مخلفات الحريق إلى خارج المسجد؛ إلا أن إجراءات الاحتلال جعلت الأمر أكثر صعوبة.

"دويك" الذي كان يعمل حارسًا للمسجد للأقصى آنذاك، يلفت إلى أن تشديدات الاحتلال لم تقتصر على منع إخماد الحريق، إنما عرقلت عمل المقدسيين أثناء نقلهم لمخلفات الحريق، إذ أخضعتها للتفتيش.

أما الساعات الأولى التي أعقبت الحريق، فقد كانت بمثابة حُزن عميق يُخيم على أجواء القدس وكل المدن الفلسطينية، امتد حتى أصبح أشبه بحدادٍ عام، فهذا الحدث الأليم سيظلّ محفورًا بذاكرة من عاش تفاصيله، كما هو حال صالح دويك.

الواقع بعد 53 عامًا من الحريق..

منذ إحراق المسجد الأقصى وحتى حتى يومنا هذا، تتوالى الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية بحقه، ويتضاعف الخطر عليه، إذ لم يعد استهدافه مقتصرًا على أفعالٍ عشوائية من جماعات استيطانية، بل أصبح تهويده هدفًا مركزيًا، تعمل حكومات الاحتلال المتعاقبة على تحقيقه.

وفي ذكرى إحراقه يقول الباحث المقدسي رضوان عمرو، إن النيران التي أُشعلت قبل 53 عامًا لازالت مستمرة، فالعدوان على "الأقصى" مفتوح، والمؤامرات التي تُحاك ضده وباتت واضحةً للعيان.

ويؤكد "عمرو" لـ "وكالة سند للأنباء" أن الوضع الحالي في "الأقصى" لا يقل خطورة عن لحظة اشتعال النيران فيه، مستطردًا: "بل إن العصابات التي تمكر للأقصى اليوم أشد خطورة من فكر المتطرف روهن".

ويُدّعم كلامه بالقول: "الأقصى اليوم يواجه حفريات خطيرة تُهدد أساساته، وآباره والفضاءات السفلية له، كما تُهدد التسوية الجنوبية الغربية المشابهة والموازية للمصلى المرواني؛ والتي يهدف الاحتلال لجعلها كنيساً قائماً، يُقام فيها طقوسهم التلمودية".

بالإضافة لذلك يشير "عمرو" إلى خطر الاقتحامات التي تزداد وتيرتها يومًا بعد آخر، والتجرؤ على إقامة صلوات تلمودية داخل "الأقصى"، موضحًا أن الاحتلال يعمل حاليًا وبشكلٍ جدي لنزع صلاحيات المسلمين، فيه والاستيلاء إداريًا عليه، بعد الاستيلاء أمنيًا عليه، وإنهاء دور دائرة الأوقاف الإسلامية وتقييد عمل حراسه.

اقتحامات المستوطنين.jpg

اقتحامات.jpg
 

ويتطرق ضيفنا إلى التضيقات التي يفرضها الاحتلال على الوافدين إلى "الأقصى" قائلًا: "يمنع الاحتلال فلسطينيي قطاع غزة والضفة من زيارته إلا بتصاريح خاصة ومحدودة، ومؤخرًا طالت التشديدات فلسطينيي الداخل".

وبحسب "عمرو" فإن الحريق قبل 53 عامًا تم على يد فرد أو مجموعة قليلة من المتطرفين، أما اليوم؛ فالمسجد يواجه هجمة شرسة ومنظّمة من قِبل حكومات الاحتلال المتعاقبة، والمنظمات الإرهابية المدعومة دوليًا، ولها سند حكومي.

ويُشدد أن كل الانتهاكات التي تُرتكب بحق "الأقصى" تعمل من أجل تحقيق هدف تقسيمه مكانياً وزمانياً، ثم اقتضامه جزءا بعد جزء وصولاً إلى السيطرة الكاملة عليه.

في المقابل، يرى "عمرو" أن هذه الانتهاكات تقف بوجهها صحوة عربية إسلامية غير مسبوقة، إلى جانب التحام الفلسطينيين أكثر وتوحدهم من أجل قضية القدس، واستعدادهم للنفير والهبّات لردع الاحتلال جماهيرًا، سواء في القدس أو في مختلف الساحات، بالضفة وغزة والداخل المحتل.

مواجهة.jpeg
 

حرائق مشتعلة في 3 محاور..

يتفق نائب مدير عام دائرة الأوقاف الإسلامية، ناجح بكيرات، مع رأي "عمرو" الذي يؤكد أن الحرائق تشتعل في وقتنا الحاضر بكل قطاعات الحياة في القدس، وليس المسجد الأقصى وحده.

ويستطرد "بكيرات" لـ "وكالة سند للأنباء": "فالتغول بالاستيطان والتهويد وسياسات الاعتقال والإبعاد وملاحقة التجار والعاملين في المدينة، والتضييق على المدارس المقدسية كُلها، حرائق تستعر في القدس ومحيط الأقصى".

ويُشير إلى أن الاحتلال لم ينتظر طويلاً بعد إحراق "الأقصى" للكشف عن أنيابه وزيادة انتهاكاته بحق المقدسات؛ فبعد أيام قليلة من الحريق اقتحم الاحتلال مدرسة الأقصى الثانوية قرب باب السلسلة، وأخرج الطلاب وألقى كل محتوياتها إلى الخارج؛ لتحويلها لمقر لشرطة وجيش الاحتلال وحرس الحدود.

وهذا _تبعًا لبكيرات_، خير دليل على المخطط الخطير التي ينتهجه الاحتلال ضد "الأقصى" ولم يطل الأمر كثيراً للكشف عن الأنفاق والحفريات في أسفل ومحيط المسجد، ثم تصاعدها حتى تسببت اليوم بسقوط العديد من حجارة "الأقصى" وأرضياته.

ويُلخّص "بكيرات" النيران المشتعلة بالمدينة في ثلاثة محاور، أولها حرق "الأقصى" قبل 53 عاماً واستهداف منبر صلاح الدين الذي كان بمثابة رمز  للنصر والتحرير وكان شاهد مرئياً يعطي أمل على إنهاء الاحتلال.

والمحور الثاني يظهر في محاولة الاحتلال استهداف البشر عبر تقسيم المدينة وفصل أكثر من نصف سكّانها عن عمقهم عبر جدار الفصل العنصري، ما أحدث فجوة بين أهالي القدس داخل الجدار، ومن هم خارجه تسببت باستفراد الاحتلال بالمدينة ومسجدها.

وأما المسار الثالث وهو الأخطر، فهو ما يحاول الاحتلال نشره من روايات مغايرة لواقع المسجد الأقصى، بحسب ناجح بكيرات.

ويزيد: "بات الاحتلال يعمل على نقل روايته التوراتية وكل الرموز اليهودية إلى داخل الأقصى، والترويج لذلك عبر مؤسسات الاحتلال ومناهجه التعليمية في محاولة لخلق جيل جديد يظن بأن ليس للمسلمين بالأقصى شيء عبر الطعن في العقيدة الإسلامية".

ويُشدد على ضرورة أن يُعيد الشعب الفلسطيني بكافة أطيافه، الثقة في نفسه ويؤكد على الرواية الإسلامية للمسجد الأقصى، والايمان المطلق بأنها الأصح والأجدر بالتصديق. 

ويختم ناجح بكيرات حديثه بالقول: "ما دام هناك احتلال فهناك حرائق، ونحن منذ حريق في صراع مع الاحتلال وحرائقه المستمرة".