الساعة 00:00 م
الجمعة 03 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.24 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4 يورو
3.72 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

عدنان البرش .. اغتيال طبيب يفضح التعذيب في سجون الاحتلال

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

"الزنانة" في سماء غزة.. ضجيجٌ مستمر ومعاناةٌ نفسية لا تتوقف

حجم الخط
طائرات زنانة
زينب الأغا - وكالة سند للأنباء

طنين يصم الآذان، وإزعاج لا ينقطع فوق رؤوس الغزيين ليل نهار، لا يبرح سمائهم، ليظل يذكرهم بأن طبول الحرب قد تُقرع بأية لحظة، وأن طيران الاحتلال على أهبة الاستعداد لقذف حممه عليهم.

وتحلق طائرة الاستطلاع أو ما يطلق عليها الفلسطينيون "الزنانة"، على مدار الساعة، منذ أعوام، وتعد أحد أسباب القلق النفسي والإزعاج والهلع، الذي يتعمد الاحتلال بثّه وإبقائه في نفوس الغزيين.

وهذه الطائرات، عبارة عن طائرات عسكرية بدون طيار، تقوم بعمليات استطلاع جوية؛ لجمع معلومات استخباراتية وأمنية، كما تحمل صواريخ لتنفيذ مهام محددة، كعمليات تحديد المواقع، وعمليات الاغتيال أو الاستهداف الخاطفة.

اضطرابات لدى الأطفال..

أم خالد العبادلة، وهي أم لخمسة أطفال، تشير لحالة الخوف التي يشكلها صوت "الزنانة" على نفسية أطفالها، قائلةً: "إن صوتها المتواصل مزعج بشكل كبير، يسبب توترًا للأعصاب، خاصة في الليل والهدوء، حيث يزداد فيها الصوت، ويصبح أكثر وضوحا، ما يتسبب بحالة من الخوف لأطفالي".

وتضطر "أم خالد"، للنوم بجوار أبنائها في بداية نومهم وغفوتهم؛ للتخفيف من حدة الخوف الذي زرع بداخلهم؛ نتيجة تحليق الطائرات المكثف في سماء غزة.

أما المواطن عمر أحمد من سُكان معسكر خانيونس للاجئين جنوب القطاع، فيُعقب على صوت "الزنانة" بتهكم: "طائرة الزنانة باتت جزءًا لا يتجزأ من الروتين اليومي للفلسطينيين في القطاع (..) لو أن باستطاعتنا إيقاف صوتها بريموت التلفاز".

فيما تشير الطفلة ريم الأسطل، إلى أن أصوات الطائرات تحول بينها وبين دراستها، وتجعلها تفقد التركيز، وتستيقظ كل صباح متسائلة عن إمكانية حدوث قصف من تلك الطائرات.

وتردف "ريم" التي تدرس في الصف السادس أن الأجواء العامة تكون ملبدة بالخوف والقلق، لافتةً إلى أن أسرتها لا تبخل عليها بشيء من أجل إبعادها عن هذه الأجواء المشحونة بالمشاعر السلبية.

وتستمر الآثار النفسية من اضطراب وفزع نتيجة الشعور بالخطر من صوت تلك "الزنانة" لفترات طويلة لدى الأطفال، مما يؤثر على التركيز والانتباه وزيادة التبول اللاإرادي والعنف الزائد حسب مختصين.

طائرات.jpg
 

ترقب وخوف مستمر..

أما الطالبة في الثانوية العامة هند النجار فتتساءل: "متى ينتهي تحليق الزنانة ونتمكن من العيش بهدوء والنوم دون خوف؟"، مضيفةً: "لم نعد نحتمل تحليق تلك الطائرات، إلى جانب صوت الزوارق البحرية وهي تضرب عرض البحر ليلاً ونهارا".

وتحكي "هند" لنا أنها لجأت لوضع القطن في أذنيها خلال دراستها العام الماضي لتفادي صوت الزنانة المزعج"، مبدية تخوفها من استمرار تحليق هذه الطائرات في سماء القطاع وهي تستعد لمرحلة الثانوية العامة قائلة:"أتمنى أن يمضي هذا العام دون اغتيالات أو حروب".

وفي دراسة نفذها برنامج غزة للصحة النفسية، بينت أن 12% من الأطفال في قطاع غزة، يعانون من مرض "اضطرابات الصدمة"، وأن 95% من الأطفال يعانون من "أعراض الصدمة" والتأثير السلبي بسبب الزنانة والقصف.

المسن المريض "أبو محمد"، يقول بنبرة منخفضة:"تعبت ومللت من صوت الزنانة المزعج الذي يزيد من الألم النفسي لدي بجانب ألمي الجسدي الذي أعاني منه منذ سنوات".

ويتمنى "أبو محمد" أن يزول الاحتلال وتندحر هذه الطائرات بلا عودة، لينعم المواطنون الغزيون بحالة من الهدوء والسلام النفسي والجسدي، والتخلص من الهواجس التي تستوطنهم.

وتشكل طائرات الاستطلاع جزءًا رئيسيًا في الترسانة العسكرية الإسرائيلية منذ استخدامها في الأراضي الفلسطينية إبان انتفاضة الأقصى في العام 2000.

وتكمن مهمة طيران الاستطلاع في سلاح الجو الإسرائيلي في جمع المعلومات الاستخبارية والأمنية، وتنفيذ هجمات دقيقة.

تذكير بالحروب..

أستاذ علم النفس في جامعة الأقصى فضل أبو هين يقول: "إن الزنانة ليست طائرة استطلاع مزعجة فقط، وإنما تشترك في الحروب، وبالتالي صوتها يذكر المواطنين بالمآسي والآلام التي مروا بها في مختلف الحروب في القطاع".

ويضيف "أبو هين" لـ "وكالة سند للأنباء": "أن الزنانة نفذت العديد من عمليات الاغتيال، وآخرين فقدوا مصالحهم جراء تدميرها بصواريخها، وهناك من أصيبوا وهدمت منازلهم من صاروخ هذه الطائرة الصغيرة".

ويُشير إلى أن صوت الزنانة يستجلب "أفكارا ومشاعر سيئة لدى المواطنين، وكلما كان الصوت مرتفعًا أكثر، كلما كان عامل الترقب والتوجس والتوتر أكثر بالنسبة لهم".

وفي سؤالنا عن هدف الاحتلال وراء تحليقها المكثف في سماء القطاع يُجيب أستاذ علم النفس: "إن الاحتلال يستخدم دراسة نفسية حقيقية لزرع الخوف والتوجس أكثر، وترقب أن شيء قد يحدث كالقصف بالصواريخ وتنفيذ عمليات اغتيال أو غيرها".

ويتركز هدف الاحتلال، على زرع الخوف في نفوس الأطفال وكبار السن والمرضى، كونهم الفئات الأكثر ضعفا من الناحية النفسية، وفق "أبو هين"، مضيفًا: "من لديه درجة عالية من الخوف والتوجس، مثل هذا الصوت يؤدي لإحياء كل الأمور العالقة في داخله".

وعلى الرغم من عدم حصول أي سلوك سلبي في تعامل الناس بفعل أصوات الطائرات _والكلام لأبو هين_ إلا أن مواصلة التحليق والأصوات المُزعجة، "يمكنها خلق نمط من السلوك غير التوافقي للناس مع بعضهم البعض؛ بفعل امتلاء الإنسان بالأحاسيس السلبية".