الساعة 00:00 م
الجمعة 26 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.76 جنيه إسترليني
5.37 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.08 يورو
3.8 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

خاص بالفيديو الصحفي الأسير محمد عصيدة.. عندما يقتل الاحتلال فرحة الأهل بالحرية

حجم الخط
الصحفي محمد أبو عصيدة
غزة/ نابلس - أحلام عبدالله - وكالة سند للأنباء

فرحة مؤقتة عاشها أطفال وعائلة الصحفي الأسير محمد عصيدة (37 عامًا) من بلدة تل قرب نابلس شمال الضفة الغربية، وهي تستعد لاستقباله مع قرب انتهاء مدة حكمه الإداري (الجوهري)، حتى باغتهم اتصال هاتفي سلب منهم بهجة الانتظار يخبرهم بتمديد الاعتقال في نفس يوم الإفراج عنه.

ملابس جديدة ومشاعر فرح وكأنه العيد، تحولّت لغصة وألم في قلب نهيل عصيدة زوجة "محمد"/ وهي التي وضعت مولودها الأخير بعد اعتقال زوجها، الذي نهشت السجون من عمره نحو 10 سنوات متفرقة.

اعتقالات متتالية..

عام 2006، كان الاعتقال الإداري الأول لـ "عصيدة" أمضى خلاله 33 شهرًا، أفرج عنه بعدها، ليعاد اعتقاله المرة الثانية لمدة 24 شهرا.

بعد الاعتقال الثاني، ما لبث وأن يتنسم هواء الحرية، ليعود بعد 10 شهور للاعتقال الذي استمر هذه المرة 18 شهرا، وبعدها الاعتقال الأخير الذي وصفته زوجته نهيل بـ "الأصعب" فلا موعد محدد للإفراج.

واعتقل الصحفي "عصيدة" آخر مرة في 12مايو/أيار 2021، وصدر بحقه أمر اعتقال إداري وتم تمديده خمس مرات.

تقول "نهيل" لـ"وكالة سند للأنباء": "اليوم أنا أم لخمسة أطفال، ومحمد أمضى في الاعتقال الإداري حتى الآن قرابة 10 أعوام، وكانت أطول فترة حرية له بين الاعتقالات نحو عام فقط، وفي الباقي كان يُعتقل إداريا لفترة تصل إلى عامين، ثم يفرج عنه لعدة شهور، ثم يعاد اعتقاله".

ومع انتهاء فترة كل تمديد، كانت عائلة "محمد" تتوقع وصول تمديد جديد، إلا أنها في المرة الأخيرة كانت تتمسك بأمل كبير بالإفراج، بعد حصوله مع آخر تمديد له على قرار بعدم التمديد مرة أخرى، أو ما يعرف بـ"التمديد الجوهري".

بصوت يشوبه الألم تتابع "نهيل" حديثها: "حصل زوجي على قرار سابق يقضي بعدم تمديد الاعتقال الإداري له، وكان مقرّرا الإفراج عنه في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، ولكن محكمة الاحتلال ألغت قرار عدم التمديد بذريعة أن الوضع الأمني بالمنطقة لا يسمح بالإفراج عنه".

وتصف محاكم الاحتلال بأنها "محاكم صورية، فالقرار النهائي لمخابرات الاحتلال".

ويكمل الأسير "محمد"  22 شهر في سجون الاحتلال بعد التمديد الخامس له في الاعتقال الإداري.

انتكاسة بيوم الإفراج..

وعن اليوم الذي مقررًا للإفراج، تقول زوجة الأسير: "جهزت أطفالي واشترينا الملابس الجديدة التي سيرتدونها في استقبال والدهم، كانت السعادة تغمرهم، قبل أن نصدم جميعا بقرار التمديد، كان وقع الخبر عليهم صعبًا جدا، وانقلبت سعادتهم لحزن وبكاء شديدين".

أفراح منقوصة ومشاعر لا يمكن وصفها، عاشتها "نهيل" وأطفالها في ظل غياب "ملاذهم" الآمن، وفي وقت كانت بحاجته أكثر من أي أحد، فمحمد لم يشهد ولادة ثلاثة من أطفاله، وعن ذلك تحدثنا: "وُلد ثلاثة من أطفالنا ومحمد داخل الأسر، ابني "نمر" ولد ووالده في السجن، وعندما أفرج عنه كان عمر نمر 10 شهور".

وتستطرد "ابنتنا رهف ولدت ووالدها خلف القضبان أيضًا، خرج والدها وعمرها 10 شهور، وختامًا زيد وعمره الآن 10 شهور ولم يجتمع بوالده ولا مرة، فوالده معتقل في سجن النقب، ومن الصعب السفر بطفل صغير هذه المسافة في ظل التضييقات على الأهالي بالزيارات وعدم مراعاة أي ظرف إنساني".

وتمارس "نهيل" دور الأب والأم في آن واحد لأطفالها، وتحاول تلبية احتياجاتهم، ومتابعة دراستهم، وتردف: "تدريس ثلاثة أطفال في آن واحد من الأمور الصعبة والمجهدة في ظل غياب زوجي، وانعكس على نفسي في البحث عن وظيفة كوني المعيل والوحيد لأطفالي".

لحظات المشي الأولى، وأول كلمة "بابا" لم يسمعها أو يعيشها محمد مع أطفاله، كما أن أعياد ميلادهم تمر دون أن يلتقط صورة معهم بجانب كعكة الميلاد، وفق ما تقوله "نهيل".

تصمت قليلا، قبل أن تواصل سرد مقتطفات من لحظات الغياب الكثيرة:  "لم يحضر محمد دخول أطفاله للروضات والمدراس وتخرجهم في الاحتفالات النهائية لكل طفل منهم، ولم يحضر 8 أعياد مع أطفاله".

دراسته داخل الأسر..

"ومحمد" صحفي فلسطيني عضو في نقابة الصحفيين الفلسطينيين، أنهى دراسة البكالوريوس صحافة وإعلام بجامعة النجاح، واستمر بدراسته 10 سنوات حتى تخرج واستلم شهادته، بسبب اعتقالاته المتكررة.

وانتسب "محمد" لكلية الدرسات العليا بجامعة أبو ديس، وأنهى دراسته داخل الأسر، وينتظر الإفراج عنه ليناقش رسالة الماجستير، كما أنه طالب في جامعة في قبرص بقسم الدراسات الإقليمية، وفق زوجته.

أطفاله يفتقدونه

"وفاء الأحرار" (11 عامًا)، الابنة الكبرى لـ "محمد" و"نهيل"، تفتقد والدها الذي لم يحضر بداية ونهاية أعوامها الدراسية، تقول: "بابا لم يحضر عيد ميلاد عبد الرحمن الجمعة الماضية، كان مفترض أن يحتفل معنا لكن الاحتلال حرمنا من وجوده".

ببراءة الأطفال وحزن الكبار تواصل "وفاء" حديثها لـ"وكالة سند للأنباء": "كل الأطفال يمسكون بأيدي آبائهم يوصلونهم إلى مدارسهم أو يذهبون معاً للتنزه، إلا أنا وأخوتي، غياب بابا طول المرة هاي كتير".

أما نمر (9 سنوات) فقد جهز نفسه واشترى ملابس جديدة لاستقبال والده عند حاجز الخليل، وينادي والده: "بابا الله يفك أسرك مشان نطلع عالجامع مع بعض".

ورهف ابنة (6 سنوات) توجه رسالة لوالدها ببراءة: "كنت بدي أول وحدة استقبلك وأجيب ورد وأرشه عليك، لكن للأسف الاحتلال منعنا من هاي الفرحة".

اعتقال تعسفي..

مدير مركز حريات للحقوق المدنية الحقوقي حلمي الأعرج، يقول إن الاعتقال الإداري بنظر القانون الدولي الإنساني وفق الشكل الذي تمارسه دولة الاحتلال، هو اعتقال تعسفي.

ويشير "الأعرج" خلال حديثه لـ"وكالة سند للأنباء"، إلى أن "الاعتقال الإداري يستهدف المعتقل مرات عديدة وبشكل جماعي، لذلك هو اعتقال تعسفي ينتهك القانون الدولي الإنساني، ويرتقي لمستوى جريمة حرب لغياب المحاكمة العادلة، ولمستوى التعذيب؛ كونه يعرض الأسير لتعذيب جسدي ونفسي، ويعرض عائلته للتعذيب النفسي".

ويوضح أن "الاحتلال يلجأ لتجديد الاعتقال الإداري للأسير أكثر من مرة كوسيلة تعذيب جديدة، كونه لا توجد تهمة أو محاكمة بدون تقديم لائحة اتهام، وبالتالي لايقدم المعتقل للمحاكمة".

ويتابع: "مخابرات الاحتلال هي مَن تقرر بقاء المعتقل أو الإفراج عنه، ولأن المعتقل غير محاكم فلا يوجد تاريخ محدد ويقف زمني لإطلاق سراحه"، لافتًا أن "الإداري سيف مسلط على كافة شرائح المجتمع الفلسطيني من رجال ونساء وأطفال، وأن الأعداد بازدياد متواصل".

وينخفض عدد المعتقلين الإداريين الذين يتم التجديد لهم في المرة الثانية إلى النصف، وإلى الثلث في المرة الثالثة، وإلى 10% في المرة الرابعة، حتى يصل الأسير بالخلاصة لـ 10 سنوات في الاعتقال الإداري، وفق "الأعرج".

ومحمد عصيدة يعد واحدًا من 7 صحفيين فلسطينيين معتقلين إداريا في سجون الاحتلال، يتم تجديد هذا الاعتقال لبعضهم عدة مرات، وفق زوجته.

يُذكر أن عدد المعتقلين الإداريين في سجون الاحتلال وصلوا حتى نهاية شهر أكتوبر/ تشرين أول لأكثر من 820.