الساعة 00:00 م
الخميس 25 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.71 جنيه إسترليني
5.33 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.04 يورو
3.78 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

"الوضع القائم" في الأقصى.. تغييرات إسرائيلية بطيئة ومستقبل خطير

خاص بالصور التشكيلات العسكرية.. شكلٌ جديد للمقاومة يتكيّف مع أوضاع الضفة في 2022

حجم الخط
التشكيلات العسكرية
نابلس - وكالة سند للأنباء

لم يمض عام 2022 على مقاس الأمنيات الإسرائيلية، فقد كان "استثنائيًا" في أكثر من جانب لعلّ أبرزها ملاح الحالة النضالية وتطورها في الضفة الغربية والتي تمثلّت بالمقاومة المسلحة وظهور التشكيلات العسكرية لأول مرة منذ سنواتٍ طويلة؛ ما شكّل صدمةً للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، ومفاجأة للعالم بالإصرار على حمل السلاح في وجه جرائم الاحتلال.

"كتيبة جنين"، "عرين الأسود" ومرورًا بـ كتيبة بلاطة" إلى جانب كتائب ومجموعات أخرى تشكلت في الضفة، وحملت طابعًا جديدًا بعيدًا عن التأطير الحزبي، جمعت شبانًا في مقتبل أعمارهم، نشؤوا وكبروا في سنوات الانقسام الداخلي الذي نخر الجسد الفلسطيني، فعبَروا بأهدافهم النضالية متجاوزين حدود الفصائلية في أي تصرف، حتى تلاشت صفة التنظيم من مجموعاتهم وتوحّدوا تحت شعار المقاومة فقط.

وأقر جيش الاحتلال في معطياتٍ نشرها قبل أيام، بأن عمليات إطلاق النار خلال العام 2022 ضده في الضفة الغربية شهدت تصاعداً لافتًا، مقارنة بالسنوات الثلاثة الماضية.

وبحسب المعطيات فإن 285 عملية إطلاق نار نفذها فلسطينيون في الضفة خلال العام، وأسفرت في مجملها عن مقتل 31 إسرائيليًا، مقابل 61 عملية وقعت في 2021 وأدت لمقتل 4 إسرائيليين، و31 عملية في عام 2020 أوقعت ثلاثة قتلى، و19 عملية في عام 2019 أسفرت عن خمسة قتلى.

مجموعات جنين..

بداية هذه التشكيلات المسلحة كانت من شمال الضفة وتحديدا من مدينة جنين ومخيمها، حيث ظهر شبان مسلحون يقارعون الاحتلال ويردون على جرائمه واقتحاماته المتكررة للأحياء الفلسطينية، وينتمون لمجموعة حملت اسم "كتيبة جنين – سرايا القدس".

وتأسست كتيبة جنين فعليا في العام 2021 على يد الشهيد جميل العموري القيادي في "سرايا القدس"، لكنها لم تأخذ هذا الاسم إلا بعد ثلاثة شهور من استشهاده، وتحديدا في سبتمبر/ أيلول، استعدادا لاحتضان أسرى "نفق الحرية" الفارين من سجن "جلبوع".

كتيبة جنين.jpg
 

ونشطت هذه المجموعة خلال عام 2022 في استهداف المواقع والحواجز العسكرية بعمليات إطلاق نار وتفجير العبوات الناسفة، والتصدي لاقتحام مدينة جنين ومخيمها.

وخلال العام 2022 ظهرت مجموعة "لواء الشهداء" التابعة لكتائب شهداء الأقصى، والتي أسسها الشهيد داوود الزبيدي، ومن أبرز قادتها الشهيد الطبيب عبد الله الأحمد.

لواء الشهداء.jpg
 

وتبنت "لواء الشهداء" مع "كتيبة جنينسرايا القدس" العديد من العمليات المشتركة ضد الاحتلال، تحت مسمى "مقاتلو حزام النار".

ورغم تركز "كتيبة جنين" في حدود المدينة والمخيم، إلا أن العديد من الوقائع تظهر نجاحها بالتمدد إلى مناطق أخرى داخل المحافظة ومحافظات أخرى، على شكل مجموعات محلية في طوباس وطولكرم ونابلس.

وكان استشهاد سيف أبو لبدة من طولكرم عقب مشاركته بمسير لـ "كتيبة جنين" في مطلع أبريل/ نيسان، برفقة الشهيدين صائب عباهرة وخليل طوالبة مؤشرا على أن الكتيبة تتمدد فعليًا خارج مخيم جنين.

وفي بلدة جبع جنوب جنين ظهرت "كتيبة جبعسرايا القدس" والتي تضم في صفوفها مقاومين من "مجموعات جبع" بالإضافة لأفراد ينتمون لـ "مجموعات أمجد الفاخوري".

321653263_533524528812919_7901857906016997927_n.jpg
 

وتبنت هذه الكتيبة سلسلة عمليات إطلاق نار استهدفت قوات الاحتلال المتمركزة في مستوطنة "ترسله" بالقرب من البلدة، وكذلك تجاه قوات الاحتلال في مستوطنة "حومش" ومنطقة المسعودية شمال غرب نابلس.

عرين الأسود..

وفي نابلس، كانت مجموعة "عرين الأسود" أبرز التشكيلات التي ظهرت خلال العام 2022 واكتسبت زخما كبيرًا والتفافًا جماهيريًا تخطى حدود نابلس إلى بقية أرجاء الضفة وقطاع غزة، وفي الخارج أيضًا.

وكانت بداية تشكل المجموعة تحت اسم "كتيبة نابلس" والذي ظهرت للعلن عقب حادثة اغتيال المقاومين أدهم مبروكة (الشيشاني) ومحمد الدخيل وأشرف مبسلط بعملية نفذتها قوات خاصة بمدينة نابلس بتاريخ 8 شباط/ فبراير 2022.

وبعد اغتيال محمد العزيزي وعبد الرحمن صبح في 24 تموز/ يوليو، ثم إبراهيم النابلسي وإسلام صبوح في 9 آب/ أغسطس، تم الإعلان رسميًا عن اسم "عرين الأسود" وذلك في 2 أيلول/ سبتمبر، خلال حفل تأبين الشهيدين "العزيزي" و"صبح"، وحينه تم إرجاع الفضل في تأسيسها إلى الشهيد "العزيزي".

عرين الأسود.jpg
 

وتميزت "عرين الأسود" التي تتخذ من البلدة القديمة بنابلس معقلا لها، باحتضانها مقاومين من مختلف التوجهات السياسية والانتماءات الفصائلية، وتحرص في الوقت ذاته على تأكيد استقلاليتها عن أي فصيل.

وينشط "العرين" في عمليات إطلاق نار تستهدف مواقع عسكرية للاحتلال في محيط مدينة نابلس ومستوطنة "براخا" بالإضافة للتصدي لاقتحام قبر يوسف وأحياء المدينة.

وبرزت كذلك مجموعات في مخيمي بلاطة وعسكر تحمل مسميات "كتيبة نابلس – سرايا القدس" و"كتيبة عسكر" و"كتيبة بلاطة"، والتي تبنت عمليات إطلاق نار خلال العام على حاجز حوارة والطرق الالتفافية شرقي نابلس، وصد اقتحامات الاحتلال.

كتيبة بلاطة.jpg

كتيبة نابلس.jpg

كتيبة عسكر.jpg
 

مرحلة جديدة..

ويرى مراقبون أن هذه التشكيلات المسلحة تمثل نمطًا جديدًا في التشكيلات المقاومة التي عرفتها الثورة الفلسطينية.

وتعقيبًا على ذلك، يقول أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت نشأت الأقطش، إن ظهور هذه التشكيلات يؤشر لمرحلة جديدة في تاريخ الصراع مع الاحتلال.

ويرى "الأقطش" أن هذه المجموعات التي بدأت من شمال الضفة وتمددت إلى كل مدينة وقرية، ظهرت كرد فعل على الوضع القائم، والذي دفع كل مجموعة من الشبان لتشكيل مجموعة مستقلة لا تتبع لأي جهة.

ويشير خلال حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، إلى أن قوة هذه التشكيلات تنبع من عدم تبعيتها لأي تنظيم، وهذا ما يُعقّد مهمة الاحتلال ويجعله غير قادر على ملاحقتها لأن خيوطها تنقطع عند أفراد المجموعة، رغم أنه من غير الواضح إن كانت تتلقى الدعم والتمويل من أحد التنظيمات.

ولا يستبعد ضيفنا أن يكون اللجوء لهذا الشكل من العمل المقاوم تكيّفاً مع الظروف التي تعيشها الضفة والملاحقة المستمرة والتضييق على الفصائل، مضيفًا: "هؤلاء الشباب أخذوا زمام المبادرة ولم يعودوا يعترفون بالوضع القائم، وبرغم الضربات التي وجهها الاحتلال لهذه المجموعات، إلا أنه لن يستطيع إنهاءها".

ويكمل: "صحيح أن يد الاحتلال طويلة ومصادر معلوماته قوية بفعل التنسيق الأمني والمتابعة الإلكترونية، ونتيجة لذلك استشهد عدد كبير من المقاومين، لكن هل يستطيع الاحتلال القضاء على المقاومة؟".

وعبر مائة عام، والاحتلال يحاول أن يضعف المقاومة، لكنه لم ينجح بوقف الانتفاضات، وكلما كانت إجراءات الاحتلال تشتد، كان الفلسطيني يطوّر وسائله ويصرّ على حقوقه أكثر، وفق "الأقطش".

ويلفت إلى أنّ "المقاومة فكرة نابعة بالأساس من شعور بالحق المسلوب، وهذا ليس له طريقة لإنهائه رغم إمكانية إضعافه بين فترة وأخرى".

ويرى أستاذ الإعلام أن مهمة الاحتلال في الفترة الأخيرة تبدو معقدة، بقدر تعقيد ظروف المقاومة، ورغم تقدم وسائل المتابعة الالكترونية والتكنولوجية، لم يعد هناك رأس يستطيع الاحتلال أن يضغط عليه ويجبره عن التنازل أو التراجع.

ويرفض "الأقطش" فكرة حصر إنجازات هذه المجموعات بما أوقعته من خسائر بشرية في صفوف الاحتلال والمستوطنين، موضحًا: "علينا أن ندرك أن قتل جندي أو اثنين لن ينهي الاحتلال، لكنه يشعر المحتل أن وجوده غير مرغوب فيه، وهذا ليس بالأمر الهيّن، بل هو جوهر المقاومة".

ويتابع: "كمقاييس قوى، من الظلم أن نقارن بين إسرائيل وما تملكه من إمكانات وعلاقات دولية، وما يملكه الفلسطينيون، فالأولى دولة قوية متمكنة ولديها أجهزة استخبارات ووسائل قتالية، ونحن شعب أعزل".

من التجاهل إلى التخويف..

وبالتوازي مع ظهور وتنامي هذه التشكيلات المسلحة، تطوّر الخطاب الإسرائيلي تجاهها، واتخذ أنماطا مختلفة في كل مرحلة.

وحول ذلك يعقّب الباحث في الإعلام الإسرائيلي ياسر مناع، أن الخطاب الإسرائيلي تعامل في البداية مع العمليات التي تنفذها هذه المجموعات بأنها عمليات للفلسطينيين، بغض النظر عن الجهة التي تقف خلفها.

لكن بعد الحضور الذي سجلته هذه المجموعات على الأرض وفي الإعلام، بدأ الخطاب الإسرائيلي يسلط الضوء عليها ومحاولة تضخيم خطرها على الفلسطينيين أنفسهم باعتبارها مجموعات عابرة للتنظيمات، وفق قوله.

ويُبيّن "مناع" لـ "وكالة سند للأنباء" أنّ "الإعلام الإسرائيلي حاول توظيف ذلك للترويج لضعف السلطة الفلسطينية، والربط بين وجود مسلحين خارجين عن سيطرتها وسيطرة التنظيمات الفلسطينية، وقضية الفلتان الأمني التي عانت منها الضفة قبل عام 2007".

وفي وقتٍ لاحق، ومع تزايد عمليات الاحتلال لاغتيال وتصفية قادة وعناصر مركزية في المجموعات، انتقل الخطاب الإسرائيلي لمرحلة تعظيم أثر تلك الضربات على هذه المجموعات وإضعافها، تبعًا لـ "منّاع".

ويردف: "تعمد ظهور بعض الشخصيات السياسية الإسرائيلية في بعض العمليات التي استهدفت هذه المجموعات، كظهور مشاركة وزير الجيش بيني غانتس داخل غرفة العمليات التي أشرفت على اغتيال قائد عرين الأسود وديع الحوح".

ويرى أنّ هذا الظهور كان يحمل رسالة مزدوجة، الأولى "تطمين موجه للمجتمع الإسرائيلي والمستوطنين، خصوصًا بأن كل أذرع الأمن تعمل على قدم وساق ضد هذه المجموعات، مع عدم إغفال محاولة استقطاب الناخب الإسرائيلي، ومحاولة توظيف الدم الفلسطيني في المعركة الانتخابية الإسرائيلية التي جرت في نوفمبر المنصرم".

وفي المقابل، يشير "ضيف سند" إلى أن هذا الظهور يأتي ضمن "مساعي التأثير في الوعي الفلسطيني وترسيخ قناعة عدم التكافؤ في القدرات والوسائل".

وبدأ الاحتلال _وفق مناع_ في الفترة الأخيرة بتجاهل أي أثر لهذه المجموعات، والتقليل من أهميتها وفاعليتها، ويقول: "عندما اقتحمت قوات خاصة البلدة القديمة بنابلس أوائل ديسمبر/ كانون أول، لاعتقال أو اغتيال مقاومين من عرين الأسود، تجاهل الجيش وقوع اشتباك مسلح واكتفى بالحديث عن سماع أصوات إطلاق نار".

وسابقا كان الجيش يذكر في بياناته وقوع اشتباك مسلح في مثل هذه الأحداث، أما الآن فهو يركز على أنه وجه ضربات قوية وحاسمة لهذه المجموعات.