الساعة 00:00 م
الجمعة 29 مارس 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.62 جنيه إسترليني
5.17 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
3.95 يورو
3.66 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

"أي وصف لن يعبر عمّا عشناه".. شهادة مروّعة على إبادة غزة ترويها نور حميد

الاعتقال يُغيّب الأسير الكفيف عز الدين عمارنة ونجليه عن بيت العائلة

حجم الخط
عز الدين عمارنة
جنين - نواف العامر - وكالة سند للأنباء

لم يشفع الوضع الصحي والإنساني للشيخ الكفيف عز الدين عمارنة (52 عامًا) من يعبد شمال غرب جنين أمام بطش الاحتلال، ليضيف له ظلمة السجن ويغيبه عن عائلته في اعتقالات متكررة تجاوزت ثماني سنوات في 12 اعتقال على مدار سنوات حياته.

ولم يكتف الاحتلال بحرمان العائلة من الأب والسند، فألحق به ابنيه أحمد ومجاهد، ليبقى بيت العائلة دون معيل أو رجل يؤنس وحدة الزوجة وبناتها وأحفادها الصغار.

لم تتمالك زوجة الأسير الشيخ الأسير ابتسام عمارنة "أم أحمد" نفسها وهي تتحدث لـ "وكالة سند للأنباء" وقد تحشرجت الكلمات بين ثنايا وجعها: "لم يبق في البيت سوى الإناث والأطفال، مطلوب منا أن نقدّم مثال الصبر على الابتلاءات وتحمل المسؤولية مع غياب الزوج والأبناء، حسبنا الله ونعم الوكيل".

وعن اعتقالاته المتكررة تخبرنا: "بدأت الاعتقالات منذ عام 1994، لتصل لـ12 اعتقالًا تجاوزت الثماني سنوات متفرقة، كان آخرها في 21 شباط/ فبراير الماضي، ليتم تحويله للاعتقال الإداري، والمقرر أن ينتهي الحكم في فبراير القادم".

ويحمل الشيخ الأسير شهادة الدكتوراه في الفقه الإسلامي، ويحاضر ويخطب في مساجد الضفة الغربية، وقد عانت عائلته من الاستهداف المتواصل والاقتحامات المتكررة لمنزلهم، كما تعرضت ابنته "يمان" سابقًا للاعتقال لدى الاحتلال.

وعز الدين عمارنة هو الأسير الوحيد من الأشخاص المكفوفين حالياً في سجون الاحتلال، ممن لديهم فقدان كلي للبصر.

وعن حادثة الاعتقال الأخير تقول زوجته: "كان يومًا عصيبًا علينا، اقتحمت قوات الاحتلال المنزل ليلًا، فجّروا الأبواب وحطموا الأثاث، وأجروا تفتيشًا دقيقًا للمنزل على وقع الصياح والتهديد والإرهاب".

تطلق "أم أحمد" العنان لدموعها، وتواصل حديثها لنا: "لم تختلف عمليات اعتقال أبنائي أحمد ومجاهد عن اعتقال والدهم من البيت وبطريقة وحشية"، مشيرةً إلى أن ابنها البكر المهندس أحمد (30 عامًا) متزوج وأب لطفلتين.

وتسهب: "ترك أحمد خلفه في اعتقاله الحالي، زوجته وابنتيه وشركة خاصة تعمل في مجالات الديكور والفنون الخشبية الحديثة، إلا أنها أغلقت بفعل اعتقاله الأخير" .

وتبيّن أن ابنها مجاهد (22 عامًا)، اعتقل للمرة الأولى طفلا دون سن الـ18، وعاش في قسم الأشبال في سجن مجدو، واعتقل للمرة الثانية وحكم عليه عامان إضافة لغرامة مالية قيمتها 2000 شيقل إسرائيلي، حيث تنتهي مدة اعتقاله بعد عام.

قهر مضاعف..

الصحفي يزيد خضر صهر الأسير الشيخ "عمارنة"، يصف حال بيت شقيقته في ظل غياب زوجها وأبنائها بحالة "ضغط وقهر نفسي متراكم ومتواصل"، قائلًا: "إن قدر عائلة عمارنة كأي عائلة فلسطينية تعيش تحت الاحتلال".

ويزيد: "لا يوجد رجال في البيت يوفرون حاجيات العائلة من مصاريف وغذاء وأدوية ومتابعات اجتماعية، إضافة لتوفير الهدوء النفسي لزوجة أحمد الحامل، التي تحتاج لمراجعات طبية، إضافة لحرمانهم من الزيارات في السجون".

ويشير "خضر" إلى أن الشيخ "عمارنة" تمكن من إنجاز شريط في الغناء الشعبي خلال اعتقالاته العديدة، حمل اسم "رنين القيد"، فهو يملك صوتا رخيما يجيد به تلاوة القرآن والنشيد والخطابة والوعظ، وفق قوله.

معاناة صحية..

وحول الوضع الصحي الحالي للشيخ عمارنة يذكر يخبرنا "خضر" أنه يعاني حاليا من ورم غريب في ساقه منذ ثلاثة شهور، وتمت مراجعة عيادة سجن النقب وعمل صور أشعة خاصة، حيث أبلغه الطبيب أن الجواب عند إدارة السجن وسيبلغونه به، وهو ما لم يحصل حتى الآن، بينما يعاني من آلام مبرحة جراء ذلك .

ويحتاج عمارنة وفق صهره لمساعدة خاصة في حياته الاعتقالية الحالية من لباس وقضاء الحاجة ونظافة وأدوية، ولولا وجود نجليه معه في ذات السجن لتضاعفت المعاناة أكثر .

أما رفيق حياة عمارنة وصديقه الصحفي أحمد بيكاوي، فيشير إلى أن "عمارنة" فقد بصره في سن الطفولة، حيث لم تكن القدرات العلمية الطبية المتوفرة قادرة على علاجه ليتمكن من الإبصار.

وعن بعض ما تعرض له "عمارنة" خلال اعتقالاته، يقول "بيكاوي" لـ "وكالة سند للأنباء": "تعرض الشيخ لتحقيق قاسي في سجن الجلمة عام 2011، وتم قلع أضراسه دون استخدام البنج ما أفقده الوعي ليومين بعد تعرضه لنزيف والتهاب حاد".

ويضيف: "كانت تهمته المشاركة في خلية عسكرية، حكم على إثرها لنحو 60 شهرا، وحينها كانت مسؤولة سجن هداريم ترفض الاقتناع بأنه كفيف؛ لأنه كان ينزل الدرج الخاص بالحالات الإنسانية بدقة وسرعة عالية".

مجاهد عمارنة.jpeg
 

وحول اعتقال عمارنة ونجليه يقول مسؤول اللجنة الوطنية لنصرة الأسرى بنابلس مظفر ذوقان، إن الاحتلال يتجاوز البعد الإنساني للفلسطينيين، ولا يعبأ بالإنسانية عندما يتعلق الأمر بالأسرى، ولا يأبه بالقوانين الدولية الناظمة للحالة الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة .

ويتابع "ذوقان" حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "الاحتلال يفتقد للإنسانية، وخير دليل على ذلك اعتقاله عمارنة إلى جانب 15 أسيرا في ما يسمى مستشفى سجن الرملة، أبرزهم الحالة الصارخة للأسير منصور موقدي المقعد والمصاب بالسرطان، وغيره من الأسرى المرضى".

ويبلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال 4700، بينهم 29 أسيرة و150 طفلًا وقاصرًا، و835 معتقلا إداريا، و600 أسير مريض بينهم 200 من ذوي الأمراض المزمنة، ويعاني 24 مريضا من السرطان والأورام الخبيثة.