الساعة 00:00 م
الجمعة 29 مارس 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.62 جنيه إسترليني
5.17 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
3.95 يورو
3.66 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

"أي وصف لن يعبر عمّا عشناه".. شهادة مروّعة على إبادة غزة ترويها نور حميد

خاص بالفيديو قرية "بيت مرسم" في الخليل.. كنزٌ تاريخي يعاني الاحتلال والتهميش

حجم الخط
322218591_904765047201916_3034806594423806160_n.jpg
الخليل - وكالة سند للأنباء

ببصمة كنعانية وتاريخ إسلامي ومسيحي عريق، تتربع قرية "بيت مرسم" التاريخية قرب مدينة دورا بمحافظة الخليل جنوب الضفة الغربية، بمعالمها ومبانيها الأثرية التي تقاوم البقاء في وجه الاحتلال ومخططاته لتزوير تاريخها وطمس معالمها وهويتها.

وتعد "بيت مرسم" من أقدم المناطق في فلسطين، حيث بنيت قبل 6000 عام، عند قدوم الساميين العرب، من شبه الجزيرة العربية في بلاد الشام؛ لتأسيس القرى والمدن والممالك، وفق المدرس المتقاعد وأحد سكان القرية علي أبو عرقوب.

ويشير "أبو عرقوب" إلى أن الكنعانيين هم من أسسوا القرية، حيث عثر بها على قطع تعود للآلهة "عشتروت" التي كانوا يعبدونها.

وحملت "بيت مرسم" العديد من الأسماء، أشهرها بيت سفر أو تل سفر، بمعنى "مخزن الكتب أو المدرسة أو الجامعة" وأُخذ الاسم من كلمة أسفار التي وردت في القرآن الكريم.

وفي قديم الزمان، كانت تعتبر القرية مملكة ترأس عدداً من المدن وسط وجنوب فلسطين، لوقوعها على الطريق الذي يربط بين مصر وبلاد الشام، ما جعلها تتحكم في الطرق التجارية، تبعًا لعرقوب.

وتعرضت القرية التاريخية للغزو الفرعوني، وهجمات وغزوات في العصر الروماني والبيزنطي، ما دفع لتحصينها ببناء أسوار وأبراج تحيط بها.

وتضم القرية آثارًا تعود للعصر الفينيقي، وقبورًا كنعانية عبارة عن كهوف، كما تم استخراج أكثر من ألف قطعة أواني فخارية من داخلها، إضافة لوجود قبور تعود للعصر البرونزي، ومنازل تعود لأزمنة قديمة، تم بناؤها بـ "اللبن المشوي" أي الفخار المتعرض للنار، استخدم كسقف للمنزل من خلال وضع ست طبقات بتصميمات كنعانية، وفق ضيفنا.

طمس التاريخ

وضمن محاولات الاحتلال الإسرائيلي طمس المعالم والحقائق التاريخية في القرية، يقول "أبو عرقوب": أشرفت "دائرة الآثار" الإسرائيلية على حفريات وأعمال تنقيب في أحد الأماكن الأثرية فيها، ليتبين وجود طابق كان عبارة عن مسجد وبه محراب، والثاني عبارة عن كنيسة مرصعة بالفسيفساء وأشكال ملونة تحمل هيئة طيور ومختلف أنواع الحيوانات.

ويكمل: "بعدما تبين أن هذا المعلم إسلامي ومسيحي، وأن إسرائيل ليس لها به شيء، قام الاحتلال بتغطية الأرضية بأكياس رملية وبلاستيك ليطمسوه بارتفاع ثلاثة أمتار".

وكانت القرية قد فقدت نحو 95% من أراضيها عند ترسيم الحدود عام 1947، وتم تهجير غالبية سكانها، وعند احتلال الضفة عام 1967، دمّر الاحتلال ما تبقى من القرية، وحرَق أراضيها الزراعية، وسط عمليات قتل وتهجير، أسفرت عن استشهاد امرأة وابنتها آنذاك.

"تهميش رسمي"

من جانبه، يشتكي رئيس مجلس قروي تجمع البرج وبيت مرسم يوسف تلاحمة، مما يصفه بـ "التهمش" من الجهات الرسمية تجاه هذا الموقع الأثري والتاريخي.

ويقول "تلاحمة" لـ "وكالة سند للأنباء": "إن القرية تعبّر عن الحضارة العربية، وكانت تعد مملكة للعرب الكنعانيين، ومركزًا للقرى المحيطة بها، وواجهة للكتّاب والشعراء قبل آلاف السنوات".

ولا يجد ضيفنا "سبباً مقنعاً لحالة التهميش التي تعاني منها المنطقة، رغم الوعود السابقة بالنظر بعين الاعتبار للأهمية التراثية والتاريخية للقرية".

ويطالب رئيس المجلس القروي بالحفاظ على ما تبقى من "الكنز الأثري" في بيت مرسم، مشيرًا إلى أن جدار الفصل العنصري لم يُبق سوى 10% من آثار القرية، وهدم معالم أثرية بينها مقام "النبي حنظل" عندما أقام الجدار الفاصل، إضافة لضم منطقة "التل" لداخل الجدار وسرقة آثاره ضمن محاولات تزييف التاريخ والحاضر الفلسطيني"، تبعًا لقوله.

قرية بيت مرسم.jpg


ويبلغ عدد سكان القرية، وفقًا لرئيس المجلس، قرابة 300 نسمة، كانوا يعتمدون على الزراعة وتربية الأغنام، لكن بعد اقتطاع الجدار لمساحات كبيرة من الأراضي اضطر أغلبهم لترك القرية أو العمل في الداخل المحتل.

ويدعو "تلاحمة" وزارة السياحة والآثار للعمل على إدراج قرية "بيت مرسم" والمواقع الأثرية فيها ضمن التراث العالمي؛ كونها تحوي على كنز أثري كبير، مضيفًا: "آثار البيوت القديمة لا تزال قائمة، وبحاجة لترميم لتشجيع السياحة في تلك المنطقة".

معيقات الاحتلال

بدوره، يوضح رئيس قسم المواقع في وزارة السياحة والآثار بالخليل جبر الرجوب، أنّ الموقع الأثري المتمثل في "تل بيت مرسم" تم ضمه داخل جدار الفصل العنصري عام 2004، وتنحصر عمليات البحث والتنقيب على البعثات الإسرائيلية، ولا يسمح لخبراء الآثار الفلسطينيين بالوصول للمكان، مشيرًا إلى أن المرافق الأخرى التي تقع في القرية "لا تضاهي موقع التل".

ويضيف "الرجوب" في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، أن حفريات أثرية أجريت عام 1924 من قبل علماء آثار يهود في "تل بيت مرسم"، معتمدين على رؤية توراتية في البحث عن الآثار، دون الاستناد للأسلوب العلمي المعتمد في الحفريات، لتأكيد مزاعم إسرائيلية لا أساس لها من الصحة.

ويتابع: "وزارة السياحة لا يمكنها العمل والتدخل في الموقع الأثري هناك، رغم أنه من أقدم المواقع في فلسطين بشكل كامل، ويعود تاريخه للعصر الحجري، وفترة الدولة المدنية في الساحل الفلسطيني، والطبقات الأثرية في الموقع تُظهر حقبًا تاريخية ومعارك عاشتها المنطقة وسكانها".

ويعتبر "ضيف سند" أن المعالم الأثرية في القرية بحاجة لرعاية من جميع المؤسسات التي تعنى بشؤون الآثار العالمية، لكن الاحتلال يرفض العمل في تلك المنطقة.

ويكشف الرجوب عن أن الوزارة عملت عدة مرات بالشراكة مع مؤسسات دولية لتمويل مشاريع ترميم وتطوير للمواقع الأثرية داخل القرية –وليست التل-؛ بهدف جعل القرية نقطة جذب للسياح، لكن المشروع تم مواجهته إسرائيليًا، حيث أبلغنا الاحتلال بعدم السماح للخبراء أو الآليات بإجراء أي عمل أو تأهيل بمواقع أثرية داخل القرية.

بيت مرسم 5.jpg

بيت مرسم 2.jpg
 

وتصنف القرية ضمن مناطق (ج)، حيث لا يوجد فيها تواجد أمني أو إداري للسلطة الفلسطينية، ما يشكل عائقًا آخر أمام الاهتمام بها كمنطقة أثرية تاريخية، وما يجعلها أيضًا هدفًا للصوص الآثار، وفق "الرجوب".

ورغم ذلك، يشير ضيفنا إلى أن الوزارة عملت بالشراكة مع "مسار فلسطين التراثي"، لأن تكون نقطة البداية للمسار من جنين شمالًا إلى منطقة "بيت مرسم"، حيث وصل للمنطقة عدد من الرواد وأقاموا فيه عدة فعاليات.

ويختم بالقول:"ضمن خطة 2023 فإن الوزارة ستتعاون مع المجلس القروي، وسيتم وضع لوحات ونشر كتيب لتوضيح المعالم باللغة العربية والإنجليزية في بيت مرسم، وسيكون هناك مسار داخلي من وإلى القرية في الصيف القادم".

بيت مرسم 1.jpg