الساعة 00:00 م
الجمعة 03 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.26 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4 يورو
3.73 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

عدنان البرش .. اغتيال طبيب يفضح التعذيب في سجون الاحتلال

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

قلقٌ على مصيره المجهول..

الأسير المريض عبد الباسط معطان.. رحلةٌ علاجية قطعها سيف الاعتقال الإداري

حجم الخط
الأسير المريض عبد الباسط معطان
رام الله- فرح البرغوثي- وكالة سند للأنباء

تعيشُ عائلة الأسير المريض بالسرطان عبد الباسط معطان، حالةً من القلقِ والخوفِ على مصير نجلها وحالته الصحية، التي تزدادُ تدهورًا يومًا بعد الآخر؛ نتيجة الإهمال الطبيّ المُتعمّد وحرمانه من استكمال العلاج الفوري.

تسعُ سنواتٍ مُتفرقةٍ نَهَشَها الاعتقال الإداري من عُمرِ المريض معطان (49 عامًا)، من بلدة برقة في رام الله، وسط الضفة الغربية، بعد أن زُجّ مرارًا وتكرارًا بعيدًا عن عائلته، خلف زنازينٍ يعاني فيها أصنافًا شتى من العذاب، في ظروفٍ قاسية "أقرب للموت". 

وفي شهر تموز/ يوليو الماضي، أعاد الاحتلال اعتقاله وحكم عليه بالإداري لـ6 شهور، وعقب انتهاء المُدّة، أُصدر بحقه 6 شهور جديدة، ليأكلَ القلق قلوب عائلته، التي تترقّب على "أحرّ من الجَمْر" أيّ خبرٍ يُطمئنها في ظل ما كُشف مؤخرًا حول وجود "كُتلة على الرئة يتكتم الاحتلال على طبيعتها".

AACDA25A-981B-42A8-9CE0-51940E169679.jpeg
 

ويعاني الأسير من سرطان في "القولون والغدد الليمفاوية" منذ عام 2018، وقد أجرى عمليةً جراحية استأصَل خلالها جزءًا كبيرًا من القولون وخمس غددٍ ليمفاوية، وعقب ذلك، تلقّى جرعات من الكيماوي، وأوصاه الأطباء بضرورة استمرار الفحوصات وصور المناظير بشكلٍ دوري.

كما خضع لحميةٍ غذائية، وكان يتردّدُ على مراكز العلاج الطبيعي نتيجة معاناته من "هشاشة العظام والتهاب العصب الوركي، وصعوبة التحرّك والتنقل"، خاصةً أيام البَرْد القَارِس، بحسب ما حدثتنا به زوجته.

"رعبٌ واقتحامٌ همجي"..

تستعيدُ زوجته زبيدة معطان في حديثٍ مع "وكالة سند للأنباء"، ذكريات مؤلمة وصعبة قبل أكثر من عام، عندما اعتُقل زوجها، وحُرم من استكمال علاجه وسفره؛ لتتفاقمَ حالته الصحية ويبدأ فصلًا جديدًا من معاناته مع المرض.

وتروي بنبرةٍ حزينة: "في الخامس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر 2021، اعتُقل زوجي لأول مرةٍ بعد اكتشاف المرض، كان في طريقه لرحلةٍ علاجية خارج البلاد، حيثُ قرّر الأطباء له إجراء صورةٍ نووية، لا تتم إلا في الداخل الفلسطيني أو بالخارج".

وتلفت إلى أنّ الاحتلال رفضَ منح زوجها المريض تصريحًا من أجل تلقّي العلاج في مستشفيات الداخل الفلسطيني، وعندما سافر لتلقّي العلاج، تم اعتقاله فور عودته، وحُكمه بـ "الإداري" لـ 6 شهور.

وفي السابع والعشرين من نيسان/ إبريل 2022 عانق "معطان" حريته لأيامٍ معدودة، وعاد لأحضان عائلته مُعتقدًا أن معاناته مع سيف الاعتقال الإداري المُسلّط عليه منذ سنواتٍ طويلة قد انتهت، وأن بإمكانه استكمال علاجه والتخفيف من آلامه؛ لكنّ في حينها حصل ما لم يكن بالحسبان.

ففي صباح يوم الواحد والعشرين من شهر تموز 2022، اقتحم الاحتلال اقتحام منزل "معطان" بطريقةٍ همجية وشرسة وروّع كلّ من فيه وفق وصف زوجته، في "حينها ظنّ زوجي أنهم يريدون استجوابه والتحقيق معه لساعاتٍ فقط، ولم يتوقع أن يصدرَ بحقه أمر اعتقال إداري لـ 6 شهور مُجدّدًا".

"كتلةٌ جديدة تُثير الخوف"..

يُحتجزُ الأسير المريض "معطان" في سجن "عوفر" غرب رام الله، في ظروفٍ معيشية صعبة، تفتقرُ لمقومات العيش الآدمي، حيثُ يعاني من سوءِ التغذية، ويُحرم من توفير الأدوية والملابس اللازمة؛ تحت حُجج وذرائع الاحتلال "الواهية"، بهدف التنكيل بالأسرى وعائلاتهم.

وتُؤكّد "ضيفة سند" على خطورة وضع زوجها الصحيّ مؤخرًا، والقلق الذي يعيشونه، في ظل تعمّد إدارة السجون "التكتّم" على حالته الصحية، وإهمال متابعته رغم توصية الطبيب العاجلة.

وتشرح: "طرأت تطورات خطيرة على وضع زوجي الصحي، حيثُ كشفت صورة الطبقية والمنظار التي أُجريت له قبل مؤخرًا، وتابعها طبيب مختص بالأورام، بعد مطالباتٍ عديدة بضرورة عرضه عليه، وجود كتلة على الرئة لا تُعرف طبيعتها حتى هذه اللحظة".

وبصوتٍ يشوبه الألم تزيد: "كذلك تبيّن من خلال المنظار وجود أورام في منطقة استئصال الورم السابق "القولون"، ونزيف مُتكرّر نتيجة وجود البواسير الداخلية".  

وتزدادُ معاناة الأسير "معطان" خلال فصل الشتاء وبرده القَارِس؛ حيثُ أصبح يعاني مُجدّدًا من "التهاب الجانب الأيسر من العصب الوركي، وصعوبةٍ في الحركة والتنقّل"، كما حدثتنا زوجته.

وعند سؤالها عن خطورة هذه "الكتلة" ومضاعفاتها، تُجيب: "الوضع مقلقٌ جدًا؛ خوفًا من أن تكون هذه الكتلة التي ظهرت على الرئة سرطانية -لا قدر الله-، فهي بحاجة لصورة فورية من أجل الكشف عن طبيعتها، لكنّ إدارة السجون ترفض ذلك، كما ترفض تقديم التقرير الذي قدّمه طبيب الأورام مؤخرًا للمحكمة رُغم شكوى المحامي".

"قتلٌ مُتعمّد"..

لم يكتفِ الاحتلال بهذا القَدر من العذاب، بل زاده ألمًا وأَسًى في الثاني والعشرين من يناير/ كانون الثاني الماضي، عندما جدّد "الإداري" للمعتقل "معطان" لـ6  شهورٍ جديدة، ليُخيّم الحزن على أطفاله الأربعة، أكبرهم خمسة عشر عامًا وأصغرهم أحد عشر، كانوا يعدّون الأيام انتظارًا لحُريته ومعانقته.

5AAEE65C-2469-4609-8E4B-60FAC279EFA6.jpeg
 

وعن صدمة تمديد اعتقاله، تحكي زوجته: "لم نكن نتوقع ذلك بتاتًا؛ خاصةً أن المحامي أبلغنا أن اعتقاله دون تُهمةٍ واضحة أو مُؤكّدة.. تفاجأنا جميعًا كما تفاجأ زوجي وصُدم بالقرار".

ووصفت تمديد اعتقاله بأنه "تعسفي غير مُبرّر، وسياسة قتل واغتيال مُتعمّدة تُمارس بحقه"؛ خاصةً عندما يُعاد شريط ما قاسَاهُ من وَيْلاتِ الاحتلال وعنجهيته، لمرتين متتاليتين خلال أشهرٍ معدودة، يُحرم خلالها من متابعة علاجه الفوري والحثيث وفق ما قرّره الأطباء.

أما عن معاناتهم أثناء الزيارة، تقول بغصّة: "على الرغم من قرب "عوفر"على مدينة رام الله، إلا أننا نخرج من منازلنا من الساعة السادسة والنصف صباحًا، ونعود إليها عند التاسعة مساءً، ضمن طريق مليئة بالحواجز، وساعات طويلة من الانتظار والتفتيش، ومع كلّ هذا العذاب، لا تتجاوز مُدّة الزيارة النصف ساعة".

وحمّلت "معطان" الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة زوجها المريض، والتطورات الخطيرة التي تطرأ على حالته الصحية في ظل إهماله الطبيّ المُتعمّد وحرمانه من العلاج والدواء.

كما طالبت المؤسسات الحكومية الرسمية، والجهات الحقوقية والدولية، وأبناء شعبنا الفلسطيني، بضرورة الوقوف إلى جانب الأسرى وعائلاتهم ومساندتهم.

واختتمت حديثها متسائلة: "إلى متى سيبقى هذا الاعتقال الإداري سيفًا مُسلّطًا على رقاب أبناء شعبنا الفلسطيني؟ إلى متى سيبقون يفقدون زهرة شبابهم دون تحريك ساكن؟ لا بُدّ أن يكون هناك موقف جاد رسمي وشعبي ودولي لإنقاذهم؛ لأن الوقوف إلى جانبهم هو نصرةٌ لقضيتنا الفلسطينية".

يُذكر أن عدد المعتقلين الإداريين ارتفع إلى 914 معتقلاً منذ بداية العام الجاري 2023، وهذا العدد هو الأعلى منذ 15 عامًا، وفق معطيات حديثة نشرتها "لجنة الأسرى الإداريين" في سجون الاحتلال صباح اليوم الأربعاء (8 شباط/ فبراير).