الساعة 00:00 م
السبت 04 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.24 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4 يورو
3.72 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

عدنان البرش .. اغتيال طبيب يفضح التعذيب في سجون الاحتلال

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

"المخالفات".. وسيلة عقابية وانتهاك إسرائيلي ضد المقدسيين

حجم الخط
331147138_1910253655973825_389191988001912190_n.jpg
القدس – إيمان شبير – وكالة سند للأنباء

لا تكتفِ سلطات الاحتلال الإسرائيلي بملاحقة المقدسيين في أبسطِ حقوقهم المعيشية، إذ يعاني المواطن المقدسي من إجراءات عنصرية حتى في فتراتِ الهدوء.

ويشتكي المقدسيون من تحرير المخالفات المرورية التي تسجلها الشرطة الإسرائيلية ضد مركباتهم خلال التنقل في الطرقات والشوارع، حيث تعد واحدة من الوسائل العقابية للفلسطينيين.

وتنتشر مركبات شرطة الاحتلال بشكلٍ مكثف على الطرق الرئيسية لمدينة القدس، وتُوقف المركبات الفلسطينية وتُحرر مخالفات بحق السائقين الفلسطينيين وفق ما يدعيه "القانون الإسرائيلي".

"روتين المخالفات"..

بصوتٍ ينتابه الضحك والسخرية يستهل المواطن المقدسي محمد أبو الحمص (55 عامًا) حديثه قائلًا: "المخالفات في القدس باتت روتينًا يوميًّا وشيئًا عاديًّا نتلقاه كل يوم رغم الألم الذي نشعر به مع كل مخالفة".

ويُبين "أبو الحمص" لـ "وكالة سند للأنباء"، أنه تعرض خلال العام 2022 لعشرة مخالفات مرورية بقيمة 10 آلاف شيكل تحت ذرائع واهية، موضحًا أنها "سياسة انتقامية"؛ لتفريغ مدينة القدس من أهلها.

ويُشير إلى أنه تعرض لمخالفة مرورية جديدة، قبل أسبوع من إعداد التقرير، بسبب وقوفه في الشارع حاملًا علم فلسطين، مُشددًا "سأبقى شوكة في حلق الاحتلال".

يُذكر أن الناشط المقدسي محمد أبو الحمص لا يُفارق مدينته القدس ويرفض التخلي عن الفعاليات النضالية والوطنية، وتعرض للاعتداءات الإسرائيلية التي تمثلت بالضرب المبرح والاعتقال وصولًا للمخالفات بأنواعها.

لا يختلف كثيرًا حال الصحفية المقدسية بيان الجعبة عن "أبو الحمص"، إذ تعرضتْ لمخالفاتٍ كثيرة من الصعب "عدها"، بحسب وصفها، وكانت آخر مخالفة مرورية قبل ثلاثة أيام من إعداد التقرير بقيمة 250 شيكلًا، في حين تراكمت عليها المخالفات السابقة بقيمة 2000 شيكل.

مركبة شرطة إسرائيلية.jpg
وتقول "الجعبة" لـ "وكالة سند للأنباء"، إن الاحتلال الإسرائيلي يتذرع بحجج عديدة لتحرير المخالفات للمقدسيين، ولكن في غالب الأمر تكون الذريعة "الوقوف في مكان ممنوع".

وبحسب ما أوردته "الجعبة"، فإن قيمة المخالفات التي يُحررها الاحتلال تتراوح ما بين 100 و250 شيكلًا إلى 500 شيكل، وقد تزيد أحيانًا لتتجاوز الـ 1000 شيكل.

وتكمل: "الاحتلال يتفنن في إصدار المخالفات بحق مركبات المقدسيين"، موضحة أنها تنقسم لقسمين الأول "مخالفة شرطة"؛ وهذه متعلقة بمخالفة قوانين السير كالسرعة الزائدة أو استخدام الهاتف المحمول.

أما القسم الثاني، فهو "مخالفة البلدية"؛ وهي لا تخضع لقانون أو نظام وفي جلها مخالفات تعسفية، وفق "الجعبة".

وتُردف "الجعبة": "طواقم بلدية الاحتلال تتجول في أحياء وشوارع مدينة القدس، وتقوم بالتقاط الصور للمركبات ثم تُسجّل مخالفة ضدها، وفي غالب الأمر لا يتم تبليغ السائق لا شفهيًا ولا عبر ورقة أو مكتوب فيتفاجأ بقرار حجز ما يسمى بدائرة الإجراء الإسرائيلي على حسابه البنكي أو مركبته أو مداهمة منزله ومصادرة بعض الأثاث بحجة تراكم الديون والتي تجاوزت قيمتها لبعض المقدسيين الـ 40 ألف شيكل".

وتزيد "ضيفتنا" أن "مدينة القدس تفتقر بشكلٍ كبير للمواقف العامة ويُمنع إقامة مواقف خاصة دون الحصول على ترخيص من البلدية، التي تُعطّل إصدار التراخيص في شرق القدس".

مؤكدةً أن وقوف المركبة أمام باب البيت "دون معارضة الطريق" قد يكلف المقدسي مخالفة بلدية أو حتى وقوفها لثواني في أي مكان بالقدس تصادف ذلك مع مرور "سيارة البلدية".

وتتحدث "الجعبة" عن تجربتها الخاصة، فإن مركبتها مسجلة كمركبة "عاجز" وتحمل بطاقة "ذوي الإعاقة الحركية"، ووفق القانون يحق للمركبات من هذا النوع الوقوف في أي مكان لا يعرض عابري الطريق للخطر ولا يغلق طريق عام أمام المركبات.

ويفرض القانون على "البلدية" تخصيص مواقف لهذا النوع من المركبات المذكور أعلاه في كل موقف عام، وأيضًا يحق لضيفتنا (وفق القانون) الحصول على موقف خاص أمام المنزل، إلّا أن بلدية الاحتلال رفضت جميع الطلبات التي قدمتها للحصول على الموقف؛ بحجة أنها تسكن "منطقة غير منظمة" تارة وتارةً أخرى بحجة عدم استيفاء الشروط.

وتُوضح "الجعبة" أن المخالفات تنشط في أيام الجُمع، خاصة في الطرقات الموصلة للمسجد الأقصى، "فلا يكاد مقدسي يصل للمسجد بمركبته من النجاة من المخالفة"، وفي أيام الأعياد، وفي أحيان أخرى ينتهج الاحتلال المخالفات كجزء من سياسة "العقاب الجماعي" الذي يستهدف أحياء القدس.

مخالفات في القدس.jpg
 

"ذرائع غير قانونية"..

المختص في شؤون القدس ناصر الهدمي يقول إن "المخالفات تُعدُّ شكلًا من أشكال العقاب الجماعي للمواطنين المقدسيين؛ بهدف إفقارهم والاستيلاء على أموالهم بطرق مغلّفة بالقانون".

ويلفت النظر "الهدمي" في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، إلى أن لغة الخطاب التي تستخدمها شرطة الاحتلال عندما يتم إيقاف المقدسيين هي لغة مليئة بالعنصرية والتشفّي من المواطنين في مدينة القدس.

وفي سؤالنا عن أبرز المواقف التي يتم المخالفة عليها؟، يُجيبنا: "شرطة الاحتلال تتصيد للمقدسيين في الطرقات والشوارع بأسلوب انتقامي للمخالفة على عدم وضعه حزام الأمان، أو وجود "طفاية حريق" في السيارة، أو عطب غماز السيارة، لافتًا أنها جميعها أمور يمكن تداركها عبر الإنذار لكن سلطات الاحتلال معنية بالانتقام وتحرير المخالفات.

ويستطرد "ضيف سند": "شرطة الاحتلال تبحث عن ذرائع غير قانونية من أجل تحرير المخالفات بحق المقدسيين"، مُشيرًا إلى أن هناك مخالفات أخطر من المرورية وهي مخالفات تفرض على البيوت، بادعاء مثلًا زيادة في مساحة البيت.

وتؤثر المخالفات سلبًا على حياة المقدسيين، إذ تؤدي إلى "إفقار" المواطنين وسلب حقوقهم المادية الذي يعد جزءًا من العقاب الجماعي عليهم، إضافةً إلى استنزاف وقت المقدسيين بشكل مخطط من الاحتلال، بحسب "الهدمي".

ويشير إلى أنه قد يتم الحجز على حساب المواطن بالبنك ورخصته حتى لا يتم تجديدها، وأحيانًا يتم منعه من السفر.

"مخطط تهجير"..

بدوره، يشير الكاتب والمحلل السياسي فراس ياغي للوضع الاقتصادي "الصعب جدًّا" للمقدسيين، في ظل عدم وجود دعم لهم من قبل الدول العربية أو ميزانية خاصة من الحكومة الفلسطينية.

ويصف "ياغي" لـ "وكالة سند للأنباء"، المخالفات المرورية بـ "مخطط تهجير للمواطن المقدسي"، مُضيفًا: "الشرطة الإسرائيلية تتواجد في الأحياء العربية باستمرار من أجل إعطاء مخالفة؛ لتدفيع المقدسي ثمن وجوده وصموده في مدينة القدس".

ويتابع: "الاحتلال يستعمل المخالفات كوسيلة من وسائل الضغط النفسي وتنغيص الحياة والضغط على النشطاء المقدسيين". مؤكدًا أن شرطة الاحتلال "تبحث عن حُجة بالقانون من أجل مخالفة المقدسي وتضييق المعيشة عليه، لمغادرة القدس".

ويُردف "ياغي" أن المخالفات تكون دائمًا في الفترةِ الصباحية؛ بسبب الأزمة المرورية الخانقة في أحياء القدس لكثرة الحواجز والمعيقات الإسرائيلية.

ويلفت النظر إلى أن "الاحتلال يقتنص الفرصة في تحرير المخالفات بعدة أساليب، إما عبر الكاميرا والتصوير وإرسالها عبر البريد، أو يجد المقدسي المخالفة مطبوعة على سيارته، أو بشكلٍ مباشر".

"العصيان المدني"..

وردًا على تلك الإجراءات، لجأ الفلسطينيون في القدس، مؤخرًا، إلى العصيان المدني والذي يتمثل بالإضراب الشامل، كـ "رد ونضال سلمي" على الخطوات الإسرائيلية التصعيدية بحق السكان؛ والتي تندرج ضمن "العقوبات الجماعية".

ودعت القوى الوطنية والعشائر في مناطق؛ مخيم شعفاط وبلدة عناتا وجبل المكبر والرام والعيساوية في القدس، العمال الفلسطينيين إلى عدم التوجه لأماكن عملهم داخل أراضي الـ 48، ومقاطعة الاحتلال وعدم التعامل معه بشتى الطرق.

وطالبت بإغلاق الطريق المؤدي إلى حاجز مخيم شعفاط العسكري، وعدم السماح لأي شخص المرور من خلاله، وإغلاق مدخل بلدة عناتا.