الساعة 00:00 م
الأربعاء 17 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.3 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
3.99 يورو
3.76 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

بالصور الاعتكاف بـ "الأقصى" في ليالي رمضان.. "لذّة" ينتظرها الفلسطينيون كل عام

حجم الخط
الاعتكاف في المسجد الأقصى برمضان
القدس - فرح البرغوثي - وكالة سند للأنباء

مع حلول شهر رمضان الفضيل، تتوقُ قلوبُ الفلسطينيين شوقًا للاعتكاف في المسجد الأقصى المبارك، والمبيت بباحاته، وسطَ طقوس روحانية مُميّزة، يعدّون الليالي والساعات بتلهُّف، ويتركون أعمالهم والتزاماتهم المختلفة ليَنعَموا بهذه اللحظات، التي يحلمُ أيُّ شخصٍ بعَيشها.

وبدأ عشرات الفلسطينيين، منذ بداية شهر رمضان بالاعتكاف داخل باحات المسجد الأقصى، وهو الأمر الذي تحاول قوات الاحتلال الإسرائيلي منعه بالقوة.

جاء ذلك في وقت تتواصل الدعوات المقدسية لتكثيف الحشد والرباط في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، وتجاوز العراقيل التي يفرضها الاحتلال في محيط المسجد وفي البلدة القديمة، مطالبين المملكة الأردنية الهاشمية المشرفة على إدارة المسجد بالعمل على فتح باب الاعتكاف مع بداية الشهر.

ويأتي ذلك بعد تزايد انتهاكات الاحتلال في مدينة القدس، وتوعد المستوطنين باقتحامات كبيرة للمسجد الأقصى في "عيد الفصح" العبري الذي يُصادف السادس من شهر ابريل/ نيسان المقبل ويستمر أسبوعًا.

ولِما للاعتكاف من لذة ومتعة في الأقصى، يتمنى المعتكفون أن تكون كل شهور العام رمضان؛ كَي يَمرّوا في أروقة البلدة القديمة التي يُبدع المقدسيون بتزيينها، ثُمّ يَصِلُون إلى "جنّة الدُنيا" ويفترشون أرضها ويُرابطون أمام أبوابها، ويَمضون أوقاتهم في عقدِ الندواتِ والحلقاتِ الدينية التي تستمرُ من بَعدِ صلاةِ التراويح حتى الفجر.

وعلى عتبات باب العامود، حيث الوجهة الأولى لتجمّع وسهر العائلات والأصدقاء، يصرّ من يحظى بفرصة الوصول للقدس على قصدها وإعمارها بشكل يومي، رغم إجراءات الاحتلال الهادفة لتهويده وتضييق مساحة الجلوس على تلك العتبات.

ماذا يلزمُ المُعتكف؟

لكلِّ شيءٍ في "الأقصى" نكهةٌ فَريدة؛ الصلاة والخشوع وحتى موائد الطعام، ففي هذا الشهر، تمتلئ ساحاته بالصائمين الذين يتقاسمون أَجرَ الرباط بعد أنّ دخلوه بشقِّ الأَنفُسِ، عَبْرَ طريقٍ تحفّه الصعوبة وملاحقة الاحتلال التي قد تنتهي إما بالاعتقال أو الإصابة، وحرمانِ الوصول.

وبعدَ أنّ تعقدَ نيّتك للاعتكاف في أولى القِبْلَتين، يجبُ أنّ تحزمَ أمتعتك وتُحضّر حقيبتك، التي تحتوي على ملابس إضافية، ومعطف، وسِواك، ومناديل ورقية ومُعطرة، وصابون، ومُعقِّم يدين، وشاحن للهاتف ومصدر طاقة، وعُطر (للرجال) ومال إضافي.

ومن محتويات الحقيبة الاختيارية؛ بإمكانك إحضار خيمة، ووِسادة وبطانية خفيفة، وسجادة صلاة، ومنشفة صغيرة، وقبعة للشمس أو وشاح.

336449568_608219260804464_8159753123332584879_n.gif

 

"نعيمٌ وشفاء"..

المنشد المقدسي حمزة دنديس (36 عامًا)، الذي يعتكفُ في رحاب "الأقصى" منذ طفولته في الصف التاسع الأساسي عام 1998، يُحدثنا عن هذه التجربة، قائلًا: "نعدّ الأيام يومًا تِلْوَ الآخر حتى يبدأ شهر العبادة، بطقوسه الجميلة.. الذِكْر والقرآن الكريم في المسجد الأقصى لهما رَوْنقًا خاصًا عن الأماكن الأخرى".

ويُضيف "دنديس" لـ "وكالة سند للأنباء" أنه "في أحد الأعوام، أُتيحت لي الفرصة لأداء مناسك العمرة وقضاء الأيام الأخيرة من رمضان في المسجد الحرام، لكنّي فضَلت الاعتكاف والتواجد في المسجد الأقصى من شدة تعلقي به".

"دنديس" الذي قضى طفولته في رحاب المسجد الأقصى، يصفُ هذه الأيام بـ "الأجمل على الإطلاق"، ويُكمل بنبرة ممتنة: "الاعتكاف في حضرة الأقصى نعيم وشفاءٌ وراحة لكلّ ذبولٍ وانطفاء تشعرُ به الرُوح، ورَحمةٌ من رَحمات الله".

وعن يوميات الاعتكاف، يحدثنا: "بعد صلاة التراويح البعض يستريح وينام قليلًا، وعند تمام الساعة الثانية عشرة، تبدأُ صلاة التهجّد وتستمر حتى الثالثة فجرًا، كما نمضي أوقاتنا بين حفظ القرآن وتسميعه، وعَقدِ الحلقات الدينية، والجلسات الإنشادية الروحانية التي تتعلّق بالأقصى و القدس".

ويختتمُ قائلًا: "مضى العمرُ سريعًا في الاعتكافات وهذه الأجواء الروحانية، ففي طفولتي شاركت كثيرًا في تحضير موائد الإفطار والسحور، إلى جانب اختياري لإمامة صلاة قيام الليل، من المصلين، وإعجابهم بصوتي".

"عبادةٌ ودراسة في رِحابه"..

أما الشاب حمزة مصطفى (21 عامًا)، يصلُ إلى رحاب "الأقصى" بعد قطعِ نحو 65 كيلو متر مربع، من مدينة طولكرم في الضفة الغربية، يفترشُ أرضه حتى صباح عيد الفطر، قاضيًا وقته بين العبادة والدراسة.

يقول "مصطفى" لـ "وكالة سند للأنباء": إن المسجد الأقصى يُفتح أمام المصلين على مدار الساعة في العشر الأواخر من شهر رمضان، بعد أن كان يغلق بعد صلاة العشاء حتى الفجر، وفي تلك الأيام العشر يعتزل المئات عائلاتهم ويلتزمون "الأقصى" ليلا ونهارا للعبادة.

ويُشير إلى أن شهر رمضان يُمثل فرصة للعديد من الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة لزيارة مدينة القدس والصلاة في المسجد الأقصى وكثير منهم تكون هذه هي زيارته الأولى للقدس.

ويُضيف أنّه: "منذ عام 2019، أعتكفُ في المسجد الأقصى بعيدًا عن عائلتي وبيتي؛ لأنّ الرباط في أولى القِبلَتين وثالث الحرمين ومسرى الرسول واجبٌ علينا، خاصًة في ظل ما يتعرّض له من تهويد ومخاطر".

ويُتابع: "في هذا الشهر، أُفرّغُ نفسي للعبادة والرباط، بعيدًا عن جامعتي ومتطلباتها الدراسية.. لكنّي على الرغم من ذلك، أقوم بالمذاكرة في أوقات الاختبارات من رحاب المسجد المُبارك، الحمد لله مَن يُخلص نيّته لله-عز وجل- لن ينساه".

336426288_111484608564232_1387377779253045314_n.gif

يعتكفُ "مصطفى" برفقة أصدقائه من الضفة الغربية، بعد اجتياز طريقٍ صعبة مليئة بالمخاطر، تستغرقُ ما يقارب الخمس ساعات، لكنّ المَشقّة تزول بِمُجرد وصولهم إلى معشوقتهم القدس، والوقوف أمام قُبّتها الذهبية الشامخة، وفق قوله.

ويصفُ ضيفنا تجربة الاعتكاف في باحات "الأقصى" مرددًا: "الشعور لا يُوصف.. الأقصى عقيدة زُرعت في قلوبنا مُنذُ الصِغَر.. نُحصي اللحظات شوقًا لهذه الأيام المباركة، وننتظرها بفارغ الصبر".

ويختم ضيفنا حديثه: "المسجد الأقصى أتاحَ لنا فرصة التعرّف على أشخاصٍ من مختلف المدن الفلسطينية، وأيضًا من خارج الوطن، كانوا خيرَ الصُحبة الصالحة المُستمرة حتى خارج المسجد".

يُذكر أنّ باحات المسجد الأقصى وأزقة البلدة القديمة بالقدس تشهد تدفقًا كبيرًا للمصلين خلال شهر رمضان الفضيل، لاسيما بليالي الاعتكاف في العشر الأواخر، وهو ما يؤكد تعلق الفلسطينيين والمسلمين بـ "الأقصى"، وأن مدينة القدس عربية إسلامية لا يمكن التفريط فيها.

336439134_765547594937603_3013067950204186251_n.gif

336419935_1430298504372230_5072794170572009858_n.gif