الساعة 00:00 م
الخميس 25 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.71 جنيه إسترليني
5.33 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.04 يورو
3.78 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

"الوضع القائم" في الأقصى.. تغييرات إسرائيلية بطيئة ومستقبل خطير

"لمة العائلة وطعام الأمهات".. أجواء يفتقدها المغتربون في رمضان

حجم الخط
المغتربين في رمضان
فاتن عياد الحميدي - وكالة سند للأنباء

يطرق رمضان أبوابه علينا ليزورنا برفق، فنحظى بلمة العائلة وازدحام الموائد، أزمة السير بعد العصر وسط أناشيد رمضان في الطرقات، أضواء الزينة في الليالي الفضيلة، فراغ الشوارع أثناء الإفطار، أصوات مكبرات المساجد تصدح في أرجاء الحي أثناء إقامة التراويح، زيارات الجيران، وإطعام الفقراء والخلان.

حتى الضجيج في هذا الشهر مختلف، يفتقده المغتربون مَن يقبعون على موائدهم بوحدة، ينظرون إلى ساعة الهاتف علَّها تطابق الوقت المحدد للإفطار.

استمعت "وكالة سند للأنباء" لأحاديث فلسطينيين مغتربين كانت جُلَّ أمانيهم "نقضي رمضان مع أهلنا"، لكن العزاء أن جهاد مرارة الغربة في هذا الشهر الفضيل عبادةٌ أيضاً، حسب قولهم.

لم تغب فكرة الصعاب التي تواجه الفتاة نجلاء نجم (26 عاماً) في الغربة عن بالها، بل أيقنت أنها ستكون على موعد مع الكثير، خاصة باختلاف بعض الأفكار والطباع والمعتقدات الدينية، بمكوثها في سكن الطالبات الجامعي بتركيا منذ 3 أعوام.

تقول "نجم" لـ "وكالة سند للأنباء"،"بدأتُ التفكير برمضاني الأول قبل 5 شهور من موعد قدومه"، إلا أن الأقدار شاءت حينها أن تتغير أحوال العام كله بسبب جائحة كورونا، ما جعل الشعور أكثر صعوبة، خاصة بفرض حظر التجوال والبقاء في السكن الجامعي طيلة الشهر الفضيل.

"أول يوم.. بكيتُ كثيراً "

تتذكر ضيفتنا شعورها جيدًا في أول يوم في رمضان، "بكيتُ كثيرا ولم أستطع سماع صوت أمي وأبي، فكل ما كان حولي لا يشبه شيئًا من طقوس رمضان التي عرفناها، إلا أنني بدأتُ صنع عالمٍ خاص في غرفتي، بدءًا من شراء إضاءة رمضان، والحرص على صناعة الأجواء الروحانية وأنا أصلي التراويح، وتجهيز خطة تتضمن كل العبادات والبرامج الروحانية التي يمكن أن تُسندني وتصنع لي شيئًا قريبا من بهجة رمضان في بلادنا".

"كنتُ أتشارك مع أبي أبرز البرامج التي أشاهدها وأناقشه في تفسير بعض الآيات ونتبادل الحديث حول هذه الاختلافات" كان ذلك أهم طقوس "نجلاء"، مضيفةً: "أما عن الجانب الآخر المتعلق بالسحور والفطور لم يكن أيضًا الأمر بالسهل، لكني حرصت على حضور التمر أمام طبقي كطقسٍ يذكرني بمائدة البلاد".

شهدت ضيفة "وكالة سند للأنباء" ثلاث مراتٍ هلال الشهر الكريم، وها هي الغربة تعود بشكلها الذي عرفته في السنة الأولى، لمغادرة صديقاتها - من جنسياتٍ مختلفة - ممن عاشت معهن بعض الطقوس في رمضان الماضي.

وضعت "نجم" خطةً للالتزام بصلاة التراويح، والذهاب لمسجدٍ مختلف من المساجد المحيطة بمنزلها لتعيش هذه الإيمانيات، علاوة على ذلك فقد جهزت البيت بشراء بعض الحاجيات التي يمكن أن تضيف طقسًا من طقوس رمضان.

"الاعتياد على رمضان في بلادٍ أخرى ليس بالأمر السهل"، تحدثنا "نجلاء" بنبرة الشوق: "الحقيقة أبسطُ ما فيها أني اشتقتُ لجمعة العائلة أو حتى أن يطبخ لي أحد طعامًا طيبا بنية الإفطار"، لكني أُذكر نفسي أن كل البلاد بلاد الله، وأينما وليتُ وجهي سأؤدي هذه العبادة فرضا وحبا وطاعة".

في أوروبا.. صيام طويل

وعلى صعيد آخر تقضي إسراء أبو شمالة وقتها برفقة زوجها وطفلها ذي العامين شهر رمضان في ألمانيا لعامهم الثالث، محاولةً إيجاد طقوس خاصة تربطها وعائلتها بالأجواء التي تسود في البلدان العربية والإسلامية خلال الشهر الفضيل.

تغيب مظاهر رمضان إلى حدٍ ما في هذا البلد، كونه بلد غير إسلامي ويفتقد فيه المغترب المسلم أيضاً إلى العائلة التي تعينه، ناهيك عن صيام يتجاوز الـ18 ساعة، و مساجد تقع في معظم الأحيان على مسافة بعيدة بحيث يصعُب الوصول إليها سيرًا على الأقدام"، وفقاً لحديث "أبو شمالة".

ثمانية عشر ساعة، هي عدد الساعات التي تقضيها "ضيفة سند" في الصيام وذلك لمكوثها غرب ألمانيا، مشيرةً إلى أن ساعات الصيام تزداد كلما اتجهنا نحو الشمال لتصل أحياناً إلى 20 ساعة، فلا تأمل الاستماع لأذان المغرب على هاتف الجوال، قبل التاسعة والنصف مساءً.

"أفتقد كثيرًا صوت الآذان ولمة العائلة"، تصف لنا "إسراء" هذه الأجواء بحزن حاولت إخفاءَه ببعض التفاصيل الصغيرة التي تصنعها بنفسها لإنشاء جو رمضاني كما تعودت عليه في فلسطين، بتحضير بعض الحلويات التي تصاحب مائدة الإفطار، وشراء بعض اللوازم والسلع المميزة، التي تتماشى مع الأطباق التي تحضرها خلال هذا الشهر.

"اشتقت لأكل أمي"..

لم يختلف الحال كثيراً عن أحمد طبش المغترب في أوكرانيا منذ عام 2017، ورغم مرور هذه الأعوام إلا أن الشعور ذاته يبقى في كل هلال يمر لرمضان، حيث الحنين للأهل ولمة الأقارب، وكما وصف لنا بِدقة "اشتقت لأكل أمي".

قد يجتمع "طبش" مع بعض أصدقائه المغتربين أيضاُ لتناول طعام الفطور إما في المطاعم أو المنزل أو الطبيعة الخلابة هناك، في محاولة لتخفيف حدة مرارة الاغتراب، لكن الاختلاف كبير خاصة في بلد غير إسلامي، يحاول فيها الإنسان الحفاظ على هويته العربية وطابعه الديني.

يصوم "طبش" وفق ما ذكره لـ"وكالة سند للأنباء"ما يقارب 16 ساعة، ينتظر فيها أذان المغرب ليسمعه على هاتفه، أو بصوت خافت ربما من مسجد يبعد أميالاً، ثم يقضي يومه من جامعته إلى بيته، أو المشي وشرب القهوة مع الأصدقاء.

إن أجمل ما تبقى لضيوفنا من ذاكرتهم، الطقوس الرمضانية، وفرحة الأهل، وأناشيد رمضان، وقرآن رمضان، وحلوى رمضان، وفانوس رمضان، والزينة المعلقة على الجدران، تلك الأشياء التي شاركوا بها عائلاتهم، وبقيت راسخة في ثنايا الذاكرة.