الساعة 00:00 م
الجمعة 03 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.26 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4 يورو
3.73 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

عدنان البرش .. اغتيال طبيب يفضح التعذيب في سجون الاحتلال

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

بعد استشهاد خضر عدنان.. هل يجرؤ الاحتلال على تغذية الأسرى المضربين قسريًا؟

حجم الخط
التغذية القسرية
نابلس- لبابة ذوقان- وكالة سند للأنباء

لوّحت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قبل أيام من استشهاد القيادي خضر عدنان بإمكانية تعريضه للتغذية القسرية، لإجباره على كسر إضرابه عن الطعام الذي بدأه في الخامس من شباط/ فبراير الماضي؛ لتحقيق هدفه ومطلبه بالحرية.

فمع كل إضراب عن الطعام طويل الأمد يخوضه أحد الأسرى في سجون الاحتلال، تبدأ مرحلة التهديد والتلويح بإمكانية استخدام التغذية القسرية؛ رغم الخطر الذي قد تشكله على حياة الأسير.

وكانت زوجة الشهيد خضر عدنان قد أبدت تخوفها من هذا الإجراء مع زوجها قبل أيام قليلة من استشهاده، والاستفراد به، ولم تكن تستبعد أن تجرى تغذيته قسرياً، لأن النيابة العسكرية كما قالت هددته بذلك في حال دخل بغيبوبة طويلة، مستندة إلى ما قالت إنه إذن من الكنيست الإسرائيلي.

وتتم التغذية القسرية عبر إدخال أنبوب من الفم أو الأنف وصولًا إلى المعدة، وضخ المادة الغذائية، إلا أن خطورتها تكمن في رفض الأسير لها، ما يؤدي لدخول الأنبوب للرئتين واختناقه واستشهاده، كما حدث مع أسرى سابقين.

التغذية القسرية 3.jpg
 

واستشهد أربعة أسرى نتيجة تعريضهم للتغذية القسرية، وهم الشهيد عبد القادر أبو الفحم الذي ارتقى  خلال إضراب عسقلان عام 1970، والشهيدين راسم حلاوة وعلي الجعفري اللذان ارتقيا خلال إضراب نفحة عام 1980، والشهيد إسحق مراغة الذي استشهد عام 1983 بعد 3 سنوات من تغذيته قسريًا.

ويعد أسلوب التغذية القسرية مخالف للقوانين الدولية، ويرفضه الاتحاد العالمي للأطباء، كما ترفضه نقابة الأطباء الإسرائيلية، رغم تشريعه من قبل الكنيست.

ويشير مختصون في قضايا الأسرى، في أحاديث منفصلة لـ "وكالة سند للأنباء"، إلى أن التهديدات الإسرائيلية لا يمكن أن تخرج لحيّز التنفيذ، نظرًا لتبعات الأمر وما يحمله من خطورة على حياة الأسير وعلى سمعة الأطباء الإسرائيليين أمام المنظمات الدولية والعالم.

وحاليًا، يخوض الأسير الكفيف عز الدين عمارنة (51 عامًا) إضرابًا عن الطعام لليوم العاشر على التوالي، اجتجاجًا على اعتقاله الإداري منذ 21 شباط/ فبراير 2022، علمًا أنه أمضى نحو تسع سنوات في اعتقالات سابقة، وجلها كانت رهن الاعتقال الإداري.

في استشهد خضر عدنان فجر اليوم بعد 86 يومًا من خوضه الإضراب، ولم تستبعد وزارة الأسرى والمحررين أن أن يكون قد تعرض لعملية تغذية قسرية في ظل تهديد النيابة العسكرية الإسرائيلية هددت بذلك أكثر من مرة أمام المحكمة.

تصفية باردة..

المتحدثة باسم مركز فلسطين لدراسات الأسرى أمينة الطويل، تشير إلى أن الاحتلال لم يُقدم أو يجرؤ على التغذية القسرية للشهيد خضر عدنان، وتركه للمفاجآت الحيوية لجسده الذي لم يعد قادرًا على تحمل تبعات الإضراب.

وتضيف في حديثها لـ "وكالة سند للأنباء": "كان لإضراب خضر عدنان خطورته وحساسيته حتى دون اللجوء للتغذية القسرية، فنحن نتحدث عن 6 إضرابات متوالية، بالتالي أصبح جسده لا يقوى على استيعاب وتحمّل مثل هذه الإضرابات الطويلة".

وترى ضيفتنا أن الاحتلال ترك خضر عدنان للمفاجآت الحيوية التي قد تحدث بأعضاء جسده وتعطل أي منها، أو الانتكاسات المفاجئة".

وتكمل: "عندما خاض خضر عدنان إضرابه الثاني كان هناك تحذير من خطورته على صحته وإمكانية تعرضه لموت مفاجئ، فما بالنا الإضراب السادس، وهو أطول وأصعب إضراب بعد فترة إضرابات متتالية، بالتالي فإن الاحتلال لم يغامر بتغذيته قسريًا بقدر ما يمكن أن مغامرته بإطالة عمر الإضراب وبالتصفية الباردة له".

الأسير خضر عدنان.webp
 

وفي السياق، تشير "الطويل" إلى أن خطورة التغذية القسرية تكمن بمقاومة الأسير لها، فهي بالأصل طريقة علاجية بالوضع الطبيعي، لكن مقاومة الأسير لها قد تسبب إدخال المادة الغذائية للرئتين بدلًا من المعدة، ما يؤدي لاختناق الأسير واستشهاده.

وتتابع: "خلال الإضرابات التي تصل لأرقام قياسية في عدد أيام الإضراب، يهدد الاحتلال بإمكانية تطبيق هذا الأسلوب لكسر إضراب الأسير وعدم تحقيق هدفه من الإضراب، وكإجراء عقابي له".

وعند وصول الأسير لمرحلة متقدمة بالإضراب ويتم نقله للمستشفى، يتم إعطاؤه المدعمات في الوريد، وهذا لا يشكل خطورة على حياته كالتغذية القسرية، لكنه يطيل في عمر الإضراب، وفق "الطويل".

تعذيب وتنكيل..

بدوره، يقول مدير نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس، إن التغذية القسرية تعتبر وفقًا للأعراف والقوانين الدولية شكلًا من أشكال التعذيب والتنكيل، لذلك فهي مرفوضة من الاتحاد العالمي للأطباء، ونقابة الأطباء الإسرائيلية؛ لأنها لو لم ترفض التعامل معه، تصبح عضويتها مهددة في الاتحاد الدولي، كما أنه لا يجوز للطبيب أن يشارك في أي عملية تنكيل.

ومنذ أن شرّع الكنيست قانون التغذية القسرية، أعلنت نقابة الأطباء الإسرائيلية رفضها لها ومنعت الأطباء الذين يحوزون بطاقة النقابة أن يشاركوا في هذا الإجراء، وأي طبيب يشارك بذلك يفقد عضويته بالنقابة، لذلك الأطباء الإسرائيليين لم يقوموا بذلك، بالتالي ظلّ القانون حبرًا على ورق، وفق "قدورة".

ويضيف قدورة في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": أن "الحكومة الإسرائيلية تستطيع أن تأتي بأي مجرم أو مستوطن متطرف ليقوم بهذا الإجراء، لكنها تصبح جريمة مركبة، وجريمة قتل مع سبق الإصرار، فقد سبق وأن استشهد أسرى بعد تعريضهم للتغذية القسرية".

ويشير "ضيف سند"، لوجود "لجنة" تضم أطباء ضمن القانون الإسرائيلي تسمى "لجنة القيم"، تقوم في حالة وجود أسير مضرب ويواجه خطر الاستشهاد، بالتدخل لإنعاش أجزاء حساسة من جسمه، كالدماغ أو القلب أو الكليتين، موضحًا: "هذا الإجراء لا يعتبر تغذية قسرية، ونحن لا نعتبرها كذلك أيضًا، ولا نرفضها فهي لإنقاذ حياة الأسير".

ذكرى قاسية..

الأسير المحرر محمد القيق من مدينة الخليل، والذي خاض عام 2017 إضرابًا عن الطعام لـ 94 يومًا، يقول إن التهديد بالتغذية القسرية تنحصر في إطار الضغط النفسي أكثر من التهديد والتنفيذ العملي؛ لأنها تعارض القوانين الدولية وحتى قوانين نقابة الأطباء الإسرائيلية، وأي طبيب ينفذها يعلم أنه ينتهك القانون.

وقبيل ساعات من استشهاد "عدنان" التقت "وكالة سند للأنباء" المحرر القيق، ليروي تفاصيل من تجربته في الإضراب.

ويسرد: "في المراحل الأولى من إضراب الأسير التي قد تمتد لـ 45 يومًا، تبقى الأمور في إطار الترغيب والترهيب، ترغيب بالأكل وأن الأمور في طريقها للحل، لكن عليك كسر إضرابك حتى نتمكن من التفاوض معك".

محمد القيق.jpg
 

ويتابع: "أما الترهيب فيتم عبر إحضار أوراق من الصحة الإسرائيلية عن مخاطر الإضراب وإمكانية أن يفقد المضرب الكلى، أو البصر، أو المناعة، ليتسنى لهم السيطرة على الأسير نفسيًا".

فيما بعد يتم الدخول بمرحلة التهديد بالتغذية القسرية، والتهديد الفعلي والحقيقي يكون في حالة فقدان الوعي أو فقدان الذاكرة، وفق "القيق".

ويستذكر ضيفنا اليوم الستين له في الإضراب :"كان يوم جمعة، استيقظت وتفاجأت أن اليوم هو الاثنين، ثلاثة أيام في غيبوبة بالعناية المكثفة، وعندما استيقظت، كان أمام طبيب عربي من الناصرة اسمه أشرف بحسب البطاقة التعريفية على صدره، كان يحضّر الأنبوب والحُقنة للتغذية القسرية".

يواصل سرد تلك اللحظات: "سألت الطبيب عما سيقوم به، فأجابني بأنه سيتم تغذيتي بالأنبوب، فأخبرته أني سأبلغ المحامي والصليب الأحمر ونقابة الأطباء الإسرائيلية بذلك، فعاد للوراء ولم يكمل الإجراء".

ويتابع: "لا أعلم إن كانت هناك نية حقيقية حينها لتغذيتي قسريًا أم أنها مجرد خدعة أمامي للضغط علي لفك الإضراب".

ويلفت "القيق" إلى أن الاحتلال يحاول قدر المستطاع الابتعاد عن هذا الملف، ومحاولة الضغط على الأسير لفك إضرابه دون أن يُعرّض سمعة الأطباء للخطر، مضيفًا: "الاحتلال لا يمكن أن يصل لنقطة التغذية القسرية بتاتًا، لخطورة ذلك أمام نقابة الأطباء الدولية، ويكون التلويح بها للضغط على الأسير وعائلته لتتحرك وتضغط عليه لفك إضرابه، وهذا الأسلوب بات مستهلكًا مع الأسرى المضربين".