خمسة أيام محملة برائحة الموت والدماء والآلام، مرّت، لكن أهوالها لا زالت تتكشف مع الأيام، ترويها عذابات من فقدوا عزيزًا أو بيتًا، أو من فقدوا شيئًا من عافيتهم، كحال السيدة نجوى عيشة (48 عامًا)، التي أصيبت بالشلل نتيجة إصابتها خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على فطاع غزة.

ترقد نجوى عيشة وتكنى بـ "أم رمزي"، على السرير في مجمع الشفاء الطبي غير قادرة على الحركة، بعد أنّ كانت المعيلة الوحيدة لأسرتها المكونة من خمسة أفراد، وبعد أن كانت تقول لزوجها المريض الذي لا يقوى على الحركة "أنا عكازك في هذه الحياة".

وأصيبت "نجوى" بشلل نصفي وكسور في أجزاء متعددة من جسدها، جراء إصابتها بالقصف الإسرائيلي على قطاع غزة، خلال التصعيد الذي استمر لخمسة أيام على التوالي (9 مايو/ أيار – 13 من الشهر ذاته).

وبصوت يملؤه الألم، تسرد لنا ضيفتنا تفاصيل الفاجعة التي ألمت بها،: "في كل عدوان على غزة يتضرر منزلي، وفي يوم 12 أيار وخلال العدوان الأخير، تفقدت المنزل وأمنّت النوافذ خوفًا من الانفجارات، وصعدت لسطح المنزل لأتفقد براميل المياه، وما أن وصلت للأعلى حتى سمعت صوت انفجار ضخم سقط على إثره برميل المياه علي وفقدت وعيي".

تصمت قليلًا لتستجمع قوتها قبل أن تكمل الحديث: "صحوت على نفسي وأنا عند بيت الجيران، وبعدها نقلوني إلى المستشفى، لأصحوا على كابوس إصابتي بشلل نصفي وكسر في الضلوع وكسور بظهري، وأعاني من آلام شديدة، وأكثر ما يؤلمني أني لم أعد أقوى على الحركة وقضاء حوائجي بنفسي".

وبنبرة حزينة تردف: "الأطباء أبلغوني بعدم وجود علاج لحالتي، وبالرغم من ذلك لن أفقد الأمل، وأناشد الجهات المختصة بالنظر إلى حالتي الصحية، وتقديم يد العون لي لتلقي العلاج بالخارج، لعلي أستطيع التحرك مجدداً وإعالة أسرتي من جديد".

وكانت "نجوى" قبل إصابتها المعيلة الوحيدة لعائلتها، فزوجها يعاني من خلع في المفصلين ولا يستطيع الحركة، وتشير إلى أنّها كانت تعمل في روضة أطفال، بمردود مالي ضئيل بالكاد تكفي لسد احتياجات عائلتها الأساسية.

بصوتٍ متقطعٍ تُردف: "كنت دائماً أقول لزوجي أنا عكازك في هذه الحياة، أما الآن أصبحت أنا بحاجة لرعاية وعكاز".

أما "حنين" ابنه "نجوى" فتحكي حال أمها بعد الإصابة: "إن والدتي تحتاج لعلاج عاجل، لشدة الألم الذي تشعر به وعدم تجاوب جسدها مع المسكنات، كما أن وضعها النفسي صعب للغاية، بسبب شدة الألم الذي تشعر به، ولرغبتها الكبيرة في الحركة".

وتضيف الابنة: "تضرر منزلنا جراء القصف، لذلك ستستقر أمي منزل أحد الأقارب لحاجتها للمأوى والرعاية في الوقت الحالي"، مناشدة الجهات المختصة بتلبية علاج والدتها بالخارج، لحاجتها إلى زراعة نخاع، بعد إصابتها بالشلل النصفي.

وتسبب العدوان الأخير على قطاع غزة باستشهاد خلالها 33 فلسطينياً بينهم 6 أطفال و3 سيدات، كما أُصيب 147 بجروحٍ مختلفة، بالإضافة لخسائر مادية فادحة في العديد من القطاعات من بينها الإنشاء والمباني.