لم يستطع الصيّاد الفلسطيني توفيق الجوجو الابتعاد كثيرًا عن مهنته التي سبر أغوارها قرابة نصف قرن، ليعكف على صناعة مجسمات تحاكي مراكب الصيادين في قطاع غزة، وتصوّر معاناتهم، بأشكال وأحجام متنوعة.
ومنذ توقفه عن مهنة الصيد قبل 10 سنوات، بدأ الصيّاد "الجوجو" (75 عامًا) مسيرته في صناعة المجسمات، عندما صمم مجسمًا لسفينة مافي مرمرة التركية التي تعرضت لهجومٍ من القوات البحرية الإسرائيلية عام 2010.
وعن شغفه وحبه للبحر ومهنة الصيد يحدثنا: "استوحيت فكرة مجسمات المراكب من حبّي وشغفي للبحر والصيد، وكنت أول من يبتكر الصيد بداخل البحر باستخدام الحسكة والمجداف قبل خمسين عاماً، والتي صنعتها بنفسي".
وعمل الصيّاد الجوجو في صناعة المراكب الصغيرة لعدة سنوات، كما قاده حبه للبحر والصيد ليمتهن جميع المهن المتعلقة بالصيد، فبعد أن كان صياداً، عمل في مهنة الإنقاذ أيضاً، إلى جانب عمله في المجسمات الفنية التي تحاكي واقع الصياد الفلسطيني.
ويعمل "الجوجو" في الوقت الحالي، حارسًا لإحدى المباني بمدينة غزة، لكنه اتجه ليشغل وقته في الإبداع بالمجسمات الفنية، بالرغم من الوقت والجهد الذي يحتاجه لصناعة المجسم الواحد.
صُنع بِحُب..
وبسعادة وفرحة تغمر قلبه، يبدأ ضيفنا بصناعة المجسمات بقص الفلين الأصفر إلى أحجام مختلفة، ومن ثم نحتها على شكل قارب، وتليها مرحلة نحت الأشخاص ومعدات الصياد، استعداداً للتلوين والتنشيف لتصبح جاهزة للعرض.
ويقول: "أريد تسليط الضوء على معاناة الصياد الفلسطيني المحاصر من الاحتلال الإسرائيلي، والذي يعرّض حياته للخطر لكسب لقمة عيشه وأبنائه، بالتزامن مع تحديد مساحة الصيد وشح العائد المادي".
ويستخدم "الجوجو" البوية البيضاء لتلوين المجسمات، إضافة للاستخدام الألوان المختلفة وأهمها الأزرق والأحمر والأخضر، لكونهم الأقرب لمشاهد البحر الحقيقية، وفق قوله، في حين يلوّن المركبات من الأسفل بالأخضر أو الأزرق وفوقه الأبيض، ويليه الأحمر، لضمان مناسبة الألوان للبحر وجمال الطبيعة".
ويحتفظ "الجوجو" بمجسماته داخل منزله، آملًا أن يستطيع المشاركة بمعارض محلية ودولية لإبرازها للمجتمع وإيصال الهدف منها على أكمل وجه.
ويختم بالقول: "مجسماتي لم تر النور بعد في أي معرض حتى الآن، وآمل بأن يتم عرضها في أماكن تقدّر الفن وقيمته المعنوية".