يهلّ العيد حزينا للمرة الثانية على التوالي؛ يتجول في مخيمات شمال الضفة التي تعاني من بؤسها نتيجة تدميرها وحصارها؛ وتهجير ثلثي سكانها.
7 مخيمات من أصل 19 مخيما؛ دمرتها دولة الاحتلال ومسحتها بشكل كامل، من المنطقة الشمالية في الضفة الغربية؛ تحديدا جنين وطولكرم؛ اللذان برزا وتصدرا مواجهة الإبادة في الضفة.
العملية العسكرية الإسرائيلية في مخيمات الضفة الغربية، وخاصة في جنين وطولكرم ونور شمس وبلاطة، تشكلت كجزء من التصعيد المستمر منذ منتصف عام 2023، وبلغت ذروتها خلال الحرب على غزة التي اندلعت في أكتوبر من نفس العام.
هذه العمليات اتسمت بالعنف الواسع والدمار الكبير، وقد وُصفت بأنها الأقسى منذ الانتفاضة الثانية.
مخيم جنين؛ أكثر المخيمات تعرضًا للهجمات المنظمة؛ استخدمت "إسرائيل" طائرات مُسيّرة ومروحيات وأسلحة ثقيلة؛ وتعرض لتدمير واسع للبنية التحتية: الشوارع، شبكات المياه والكهرباء، منازل، وعيادات صحية؛ علاوة عن الاقتحامات الليلية والاشتباكات كانت شبه يومية في بعض الفترات.
حياة النزوح
رئيس بلدية جنين محمد جرار؛ يقول إن المدينة ومخيمها يستقبلون العيد بـ 22 ألف نازح عن المخيم؛ باتوا بلا بيوت بعدما دمرت دولة الاحتلال 80% من مساحة المخيم.
وأوضح جرار لـ "وكالة سند للأنباء" أن هذا العيد الثاني الذي يستقبله سكان المخيم؛ دون بيوتهم أو مناطق سكنهم؛ بل في وظل حصار مطبق مشدد عليهم.
ويضيف: "ترافق ذلك أيضا مع تدمير لكافة الخدمات والبنية التحتية للمخيم؛ واضطرار السكان للنزوح خارجه أو على مشارف المدينة.
ويرفض الاحتلال، وفق جرار، السماح لسكان المخيم بالعودة إليه؛ كما أشار أيضا لصعوبة الأوضاع الاقتصادية التي تلقي بظلال ثقيلة على السكان النازحين.
مخيم نور شمس، شرق طولكرم؛ تعرض هو الآخر لعمليات اقتحام متعددة، منها عملية في أبريل 2024 وواحدة أوسع في مارس 2025؛ وشهد تفجير شوارع بأكملها باستخدام جرافات عسكرية.
وأُجبر السكان على النزوح، مع تسجيل دمار شبه كامل في بعض الأحياء.
وقال رئيس اللجنة الشعبية بالمخيم نهاد الشاويش، إنّ النزوح أجبر ما يزيد عن 11 ألف مواطن على مغادرة منازلهم؛ فيما دمر الاحتلال عشرات المنازل تحت غطاء فتح الساحات وتوسعة الشوارع.
وبين الشاويش لـ"وكالة سند للأنباء" أن العشرات من العوائل لا تزال تقيم في شقق بالإيجار خارج المخيم؛ بعدما تعذر عليها العودة؛ فيما ترك الاحتلال المدينة ومخيمها شبه مدمرتان؛ في ظل تدمير ممنهج للبنية التحتية والمحال التجارية.
وذكر أن الاحتلال عمل على تدمير واجهات المحال بشكل كامل عند اجتياحه للشوارع الرئيسية والفرعية للمخيم؛ بهدف الإضرار بالبيئة التجارية والاقتصادية هناك.
وعلى الصعيد الاقتصادي؛ وصف الشاويش الوضع بالكارثي، حيث تعاني المدينة من ركود تجاري كامل وإغلاق شبه تام للمحال التجارية، باستثناء بعض المتاجر الصغيرة في الأحياء البعيدة.
وأوضح أن التجار يواجهون أزمة كبيرة بسبب الشيكات المرتجعة، وعجزهم عن تسديد التزاماتهم المالية، ما أدى إلى شلل تام في الحركة التجارية.
في نابلس؛ شهدت عمليات مكثفة تخللتها اغتيالات ميدانية واعتقالات؛ وتفجير مداخل الحارات، وتدمير واسع للبنى السكنية؛ كما شهد قصفًا مباشرًا لمنازل ومراكز شبابية.
أوضاع قاسية
وفي السياق، أكد الأمين العام لاتحاد نقابات عمال فلسطين شاهر سعد، أن أوضاع العمال في الضفة الغربية وعموم الأراضي الفلسطينية تدهورت بشكل حاد، نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر، والإجراءات المشددة التي عطلت حركة العمل وأوقفت دخول عشرات الآلاف من العمال إلى أراضي الداخل المحتل.
وقال سعد لـ"وكالة سند للأنباء"، إن عدد العاطلين عن العمل في فلسطين بلغ نحو 507 ألف عامل، مشيرًا إلى أن 38% من الأسر الفلسطينية التي يعيلها عمال باتت تحت خط الفقر، في ظل غياب أي حماية اجتماعية أو برامج دعم رسمي.
وأوضح أن العمال الذين كانوا يعملون داخل الخط الأخضر خسروا مجتمعين نحو مليار و350 مليون شيقل شهريًا منذ بداية العدوان، وهو ما أدى إلى تداعيات اقتصادية واسعة على السوق الفلسطيني، لا سيما في الضفة الغربية.
وأضاف أن العام الجاري سجل استشهاد 56 عاملًا، بينهم 25 في سوق العمل الفلسطينية، و14 في الداخل المحتل، في حين قضى آخرون داخل مراكز الإيواء أو خلال الاعتقال.
كما اعتُقل نحو 7,000 عامل منذ اندلاع الحرب، سواء من أماكن عملهم أو خلال تواجدهم في الضفة الغربية دون تصاريح، وفق سعد.
وأشار إلى أن 89% من العمال الفلسطينيين لا يتمتعون بأي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية، مثل التأمين الصحي أو التقاعد أو تعويضات إصابة العمل، مما يجعلهم من الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع الفلسطيني.
ودعا شاهر سعد المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والعمل إلى التدخل العاجل لحماية حقوق العمال الفلسطينيين، وضمان عودتهم الآمنة إلى أعمالهم، وتأمين الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة لهم ولعائلاتهم.