الساعة 00:00 م
الثلاثاء 30 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.84 جنيه إسترليني
5.4 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.1 يورو
3.83 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

معروف: معلبات مفخخة يتركها الاحتلال بمنازل غزة

تبرئة قاتل الشهيد إياد الحلاق.. حين وقع الظُلم كالجبل على قلب الأم صرخت: "لربنا حكم"

حجم الخط
أم إياد الحلاق
غزة/ القدس – أحلام عبد الله – وكالة سند للأنباء

في لحظةٍ ما توقف الزمن عند قهر أمٍ لم تملك من زمام أمرها إلا أن تصرخ بملء ما فيها من وجع وتعب "والله هاد حبيبي.. ربنا إله حكم"، بعد أن أصدرت محكمة الاحتلال الإسرائيلي قرارًا بـ "تبرئة" قاتل وحيدها الذي يُعاني من احتياجات خاصّة منذ ولادته.

الشاب إياد خيري روحي الحلاق (32 عامًا) من واد الجوز في مدينة القدس، أعدمه ضابط في شرطة الاحتلال بتاريخ 30 أيار/ مايو 2020، وبعد مداولات قضائية، انهال ظلم دولةٍ كاملة كالجبل على كتف والدته، حين برأت المحكمة قاتل ابنها بحجة أنه ظن أنّ "إياد" يشكّل خطرًا عليه.

"إياد" الذي كان يُعاني من مرض التوحد ولديه مشاكل في النطق والسمع، أعدمه الاحتلال بدعوى الاشتباه أنه كان يحمل جسمًا مشبوهًا ولم يتوقف عندما طلب منه عناصر الشرطة ذلك، في باب الأسباط.

وعندما أُعدم الشاب "إياد" بدمٍ بارد كان في طريقه إلى المدرسة الصناعية (البكرية) في باب الأسباط، وهي مدرسة متخصصة في تعليم ذوي الإعاقة.

ويأتي الحكم بـ "براءة" القاتل بالرغم من شهادة معلمة "إياد" وعناصر شرطة التي أكدت أنه أطلق الرصاص عليه رغم إبلاغه أنه من ذوي الإعاقة، وكذلك بالرغم من أن الضابط المسؤول عنه أمره بوقف إطلاق الرصاص.

"روح الدار وعُمر أمه"..

رنا الحلاق والدة الشاب "إياد" التي كسر الاحتلال قلبها حين أعدمه ميدانيًا دون أن يُشكل خطرًا على أحد، ظهرت في مشهدٍ صعب الخميس الماضي (يوم تبرئة المجرم) وهي تصرخ بألمٍ وقهر على باب المحكمة، لتعبّر عن رفضها للقرار الظالم.

تقول الأم المكلومة لـ "وكالة سند للأنباء": "عشت حالةً هستيرية حين سمعت قرار المحكمة، لم أتخيل الوصول إلى هذه الخيبة، بدأت أصرخ من أعماقي، علّني أصحو من الكابوس الذي أنا فيه"، لكنّها تذكرت أنها تعيش في ظل دولة احتلال لا تعرف طريقًا للعدالة.

صرخة أم إياد الحلاق.jpg
 

تمالكت نفسها مجددًا وبدأت تُخبر من حولها عن "إياد" الذي تصفه بـ "روح الدار وعُمر إمو" مضيفةً: "أنا قوية، وهذا حبيبي، ولربنا حكم ولو بعد حين"، كان الحزن يعتري صوتها لكنّها ترفض الاستسلام أو الخضوع لظالم ابنها.

تعود إلى يوم المحكمة، وبتأثرٍ تحدثنا: "دخلت إلى المحكمة ولديّ الكثير من الأمل، بأن أنتصر لإياد كما أفعل كل مرة، وأسترد حقه من قاتله، تفاجأت بملامح أهل المجرم، وكأن لديهم علم مسبق بالحكم.. كانت الابتسامة على وجوههم بينما النار تأكل قلبي".

وتُشير إلى أنّ القرار صدر من المحكمة بعد ثلاث دقائق من بدء المحاكمة، أما عن سبب الخيبة التي أصابتها توضح "المحامون أخبرونا مسبقًا بأنه من المرجح سجن القاتل من 10 لـ 12 عامًا على الأقل، لهذا كان القرار صادمًا ومفجعًا بالنسبة لنا وفوق كل التوقعات".

من أين ستأتي العدالة؟

هذه الأم التي نراها منذ ثلاث سنوات على وسائل الإعلام وهي تقاتل من أجل الانتصار لفلذة كبدها المحبّ للنباتات الصغيرة لا سيما الصبّار، عملت طيلة سنوات حياته كي تراه بخير وقد صار كبيرًا قويًا لا يهزّه أي تنمرٍ أو مصاعب في الحياة.

لكن وبالرغم من كفاحها وسعيها لأجل ذلك، لم تستطع "أم إياد" حماية قلبه الملائكي من غدر الاحتلال، تسترجع يوم استشهاده وبنبرةٍ باكية تحكي: "كان بإمكان الجندي توقيف إياد أو حتى إطلاق رصاصة على قدمه، لكنّ القتل والقتل فقط.. السياسة السائدة على أرض الواقع".

إياد الحلاق.jpg
 

وتتساءل بتهكم "من أين ستأتي العدالة؟ من القاضي الذي كان يصف ابني الذي يعيش ظروفًا صحية خاصة، بالمخرب والمخطئ؟"

وتزيد: "حضرنا نحو 60 جلسة شكلية لقاتل إياد على مدار الأعوام الماضية وكانت تمتد من التاسعة صباحًا حتى الرابعة عصرًا، بحضور وزير الأمن المتطرف إيتمار بن غفير، ما ولّد لدينا قناعة بأن المحاكمة لن تجري بالشكل المطلوب، لكن لم نتخيل أن نصل لقرار البراءة (..) إنه أمر صعب للغاية".

وعلى مدار سنوات المحاكمة الثلاث، تعمّد جنود الاحتلال التنكيل بعائلة الشهيد إياد الحلاق، وإذلالهم، في المقابل كانوا يقدمون التسهيلات والامتيازات الخاصة لعائلة القاتل.

عن ذلك تسرد والدته لنا: "كنا نتعرض أنا ووالده وشقيقتيه لتفتيش مهين، ولا يُسمح لأقربائه والمتضامين معه بالدخول إلى قاعة المحكمة، بينما كان متاحًا لعائلة القاتل و70 متضامنًا معه برفقة وسائل إعلام إسرائيلية بالدخول إلى القاعة".

بالإضافة إلى ذلك، تحفظت سلطات الاحتلال طوال جلسات المحاكمة على هوية الشرطي المتهم بقتل "إياد" ولم تكشفها، حيث كان يدخل إلى قاعة المحكمة "بغطاء كامل على وجهه وساتر بينه وبين عائلة الشهيد".

لائحة اتهام لا ترتقي لحجم الجريمة..

المحامي الفلسطيني خالد زبارقة من طاقم الدفاع، يصف جلسات المحاكمة بـ "الشكلية"، متابعًا: "رأينا كيفية تعامل القضاء الإسرائيلي مع قضية إعدام إياد، وفهمنا من البداية أنه لن يتم إنصافه".

ويُبيّن "زبارقة" لـ "وكالة سند للأنباء" أن قضاء الاحتلال حاول مساعدة الشرطي للإفلات من العقوبة، حتى لائحة الاتهام، التي قدمت بحقه لا ترتقي لحجم الجريمة، التي قام بها.

ويردف "أن الشرطي أعدم الشهيد، إثر سماح شرطة الاحتلال، لعناصرها بقتل الفلسطينيين بدم بارد دون أي سبب"، متهمًا القضاء الإسرائيلي بمساعدة المجرم على الإفلات من العقاب.

وينوّه "زبارقة" إلى أنّ محكمة الاحتلال أصدرت منذ اللحظة الأولى لجريمة إعدام الشهيد إياد الحلاق، قرارًا يقضي بالتستر على هوية الشرطي القاتل.

الشهيد إياد الحلاق 4.jpeg
 

ويرى أن كثرة جلسات المحاكمة في قضية تعد بسيطة لتوفر الأدلة التي تُدين المجرم بالصور والفيديو، أمر غير مبرر، مضيفًا أن الاحتلال تعمّد أسلوب المماطلة لتخفيف التفاعل مع القضية بمرور الزمن، وبالتالي تقليل حدة ردة فعل الفلسطينيين عند إصدار حكم "البراءة".

يُذكر أنّ المتطرف إيتمار بن غفير رحب بقرار المحكمة، قائلًا في بيان له إن "الجنود الأبطال الذين يحمون دولة إسرائيل بحياتهم سيحصلون على عناق ودعم كامل مني ومن الحكومة"، على حد وصفه.

كما رحب قائد "حرس الحدود" في جيش الاحتلال، أمير كوهين، بالحكم ، لافتًا إلى أنّ "الشرطي القاتل سيعود إلى التشكيل القتالي لقواته ويشارك في دورة لتخريج وإعداد الضباط "في غضون أسابيع قليلة".