الساعة 00:00 م
الثلاثاء 30 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.84 جنيه إسترليني
5.4 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.1 يورو
3.83 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

معروف: معلبات مفخخة يتركها الاحتلال بمنازل غزة

جيل يقف خلف العمليات الأخيرة..

جيل فلسطيني جديد.. بعيد عن رادار الاحتلال قريب من دائرة المقاومة

حجم الخط
مقاومون فلسطينيون
نابلس - أحمد البيتاوي - وكالة سند للأنباء

أعمارهم بين بداية العشرين ونهايتها، لم يشهدوا الانتفاضة الأولى (انتفاضة الحجارة 1987) سوى في كتبهم المدرسية، وفي الثانية (انتفاضة الأقصى 2000) كانوا أطفالاً، لم يتلقوا تأطيراً فكرياً كافياً، ولم ينخرطوا بشكل تنظيمي هرمي في الفصائل الفلسطينية المعروفة.

لم ينتظروا تحقيق مصالحة حقيقة بين الفرقاء، يُطوى بها صفحة الانقسام الداخلي، بل تجاوزا حدود هذه الحالة وغادروا مربعها، أذابوا الحزبية وانصهروا تحت راية وهدف واحد هو مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.

منهم من ترك جامعته وورشته وارتدى "الجعبة" العسكرية وحمل السلاح مدافعاً ومهاجماً، ومنهم من لم يجد سوى الحجر والزجاجة الحارقة حيث عزّت البندقية والرصاص.

شهدوا حروب غزة وجولاتها الأخيرة وانجذبوا لرموزها وهم يتلون آخر البيانات، شاهدوا وهج صواريخها، وهي تخترق أجواء مدنهم وقراهم ومخيماتهم، قبل أن تسقط في المناطق التي يستوطنها الاحتلال، فكانت لهم مصدر إلهام وشرارة انطلاق.

لمسوا اعتداءات جنود الاحتلال على المرابطين في المسجد الأقصى المبارك، ودفع المرابطات وسحلهم في ساحاته، فكانت لهماً وقوداً أشعل في نفوسهم الرغبة بالثأر.

عايشوا هجمات المستوطنين على بلداتهم وشوارعهم ومركباتهم ومحاصيلهم الزراعية وحرق الأطفال النائمين في منازلهم، فكان ذلك سبباً إضافياً كي يفضلوا درب المقاومة على ورقة تصريح العمل.

هو الجيل الفلسطيني الجديد، الذي أربك حسابات الاحتلال وخططه الاستيطانية في الضفة الغربية، وحوّل شوارعها لنار مشتعلة في وجه مركباته التي كانت تتجول وتُنهي مهمتها بحرية ودون أي عائق.

الجيل الذي وصفه مؤخراً  مستشار الأمن القومي السابق مئير بن شابات، بـ"أنه جيل جديد ليس مرتدعاً كما الجيل الذي سبقه، لم يكن شاهداً على عملية السور الواقي ونتائجها، تأثر بشبكات التواصل، وشكلت العمليات الناجحة مثالاً يحتذى به ومدخلاً لمحاكاتها".

المرحلة الأكثر نضجاً..

يقول الباحث المختص في الشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد: "استطاع هذا الجيل الجديد أن يؤسس لمرحلة توصف بأنها الأكثر نضجاً في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهي مرحلة التبني الفكري لخيار المقاومة المسلحة".

ويشير أبو عواد إلى أن استطلاعات الرأي في انتفاضة الأقصى، كانت تظهر أن شريحة الفلسطينيين المؤيدين للمقاومة بحدود الـ65 -70%، بينما تصل النسبة اليوم لأكثر من 80%، رغم أن المشاركة الفعلية اليوم تبدو أقل من نظريتها في انتفاضة الأقصى.

ويرى خلال حديثه مع "وكالة سند للأنباء" أن هذا التبني الفكري لخيار المقاومة تُرجم عملياً على الأرض بالعمليات الأخير المتواصلة منذ أكثر من عامين.

ويضيف: "أفراد هذا الجيل خارج الحسابات الأمنية الإسرائيلية وغير موجودين على قوائم المتابعة الاستخبارية، فبعد كل عملية يَعتقل الاحتلال عدداً من قيادات ونشطاء الفصائل الفلسطينية المعروفين، وهؤلاء غير مؤثرين وليس بيدهم مفتاح وقف أو استمرار العمليات، وهذا عملياً يصعب من مهمة الاحتلال في وقف المقاومة".

ويعتقد أن هذا الجيل لا يحتاج لوقت طويل حتى يُنظم صفوفه، ولا لأشهر قبل التخطيط لتنفيذ عملية، فهناك قرابة 800 ألف مستوطن منتشرين في جميع مناطق الضفة الغربية، لافتاً إلى أن المستوطنين تحولوا لأهداف سهلة خاصة مع توفر السلاح بكميات كبيرة في الضفة.

ويحسب أبو عواد فإن هذا الجيل لديه "رؤيا وإن كانت غير مرتبة وربما عشوائية وعفوية، لكنها قابلة للترتيب والتوسع أكثر، وهذا ما يزيد مخاوف القادة الإسرائيليين".

وأوضح: "عدد العمليات اليوم يبدو أقل بكثير مقارنة بالعام 2015 الذي شهد انتفاضة السكاكين، غير أن أعداد القتلى والمصابين الإسرائيليين أكبر، وهذا يدلل على أن الجيل أصبح أكثر تنظيماً ويقيم وسائل النضال التي يستخدمها".

أكثراً تقبلاً للآخر..

من ناحيته، يقول الكاتب والمحلل السياسي سري سمور: إن "خطورة هذا الجيل على الاحتلال تنبع من كون أن70% من المجتمع الفلسطيني هم دون سن الـ30 (...) نحن نتحدث عن الجيل الذي ولد خلال منتصف التسعينات، وهؤلاء عاشوا في ظروف خاصة".

ويتابع سمور لـ "وكالة سند للأنباء": "هو جيل واعٍ ومتعلم بالعموم، فالمجتمع الفلسطيني يعتبر إكمال الدراسة الجامعية من المسلمات، بصرف النظر عن الحالة الاقتصادية التي تمر بها العائلة".

إضافة إلى ذلك فإن هذا الجيل "يتقن استخدام وسائل الاتصال الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي التي باتت تلعب اليوم دوراً مهماً، في الحشد والنزول للشارع، وتساهم في الشحن الوطني والديني والعاطفي"، وفق سمور.

ويردف: "هذا الجيل لديه كتلة كبيرة من الأصدقاء وتربطهم علاقات قوية، وبالتالي إذا استشهد أو أصيب أو اعتقل أحدهم فإن هذا يرفع من منسوب الرغبة بالثأر واللحاق به".

ويؤكد سمور، أن الاحتلال ليس لديه قاعدة بيانات كافية عن أفراد هذا الجيل، فجميع نجاحاته تُسجل بعد تنفيذ العملية وليس قبلها، أي أنه لا يقدر على تحديد هوية منفذ العملية القادم.

ومن وجهة نظر ضيفنا فإن "هذا الجيل يبدو أكثر تقبلاً للآخر على عكس الأجيال السابقة، ويتسم بالشجاعة والجرأة العالية، ولا يبالي بتبعات انخراطه في المقاومة من هدم للمنازل واعتقال للأقارب".

ويُكمل: "عند الحديث عن هذا الجيل الفلسطيني الجديد، لا يمكننا القفز أو إهمال دور الفصائل الفلسطينية التي احتوت الكثير من أفراده وأمدتهم بالمال والسلاح، وفرغّت طاقاتهم الكامنة في وجه الاحتلال".

ويلفت النظر إلى أنّ مراكز الأبحاث الإسرائيلية المختلفة، مهتمة كثيراً بهذا الجيل وتعمل على دراسة سماته وصفاته، وتحاول تفكيك الأسباب التي أدت لظهوره والتنبؤ بمستقبله.

ومنذ بداية العام الجاري 2023، تصاعدت وتيرة أعمال المقاومة ضد الاحتلال ومستوطنيه، أسفرت في مجملها عن مقتل 36 إسرائيليًا في الضفة الغربية والداخل المحتل، وعلى الحدود مع مصر.

وعلى مدار عام 2022 بأكمله، قُتل 33 إسرائيليًا في عمليات المقاومة، وبالتالي فإن عدد القتلى في ثمانية شهور من العام الحالي زاد عن السنة الماضية بأكملها.

وتبعًا لتقديرات أمنية إسرائيلية، فإن عدد الإنذارات حول تنفيذ عمليات يبلغ 200 إنذار يوميًا، ويأتي هذا التصعيد بالرغم من التعزيزات العسكرية المشددة لجيش الاحتلال في الضفة الغربية، والتي تعد الأكبر منذ العام 2005.