حالةٌ من الخوفِ والقلقِ تعيشها عائلة الأسير المريض ياسر فحل، بعد أن اعتقله جيش الاحتلال الإسرائيلي وزجّه في سجونه التي تفتقر لمقومات العيش الآدمي، رُغم معرفته بأنّه على موعدٍ لإجراء عمليةِ قسطرةٍ في القلب.
أربعُ سنواتٍ مُتفرقةٍ نَهَشَها الاعتقال الإداريّ من عُمرِ الأسير فحل (53 عامًا)، من بلدة كوبر في رام الله، وسط الضفة الغربية، بعد أن زُجّ مرارًا وتكرارًا في زنازينٍ عانى فيها أصنافًا شتّى من العذاب والعقوبات.
وفجر الرابع من أيلول/ سبتمبر الجاري، أعادَ الاحتلال اعتقاله وحكمَ عليه بالسجن الإداريّ، ليأكلَ القلق قلوب أفرادَ عائلته الذين باتوا يترقّبون على "أحرّ من الجَمْر" أيّ خبر يُطمئنهم عن صحته.
قلبٌ كالنّار..
بنبرةٍ يشوبها الحزن، تُردّد زوجته رائدة الحاج أنّ "قلبها مثل النّار"، معبّرةً عن قلقها الشديد على مصيره، بعد تحويله للاعتقال الإداري وهو يعاني من حالةٍ صحيّة صعبة.
وتقول لـ "وكالة سند للأنباء": "بعد اعتقال زوجي، أُجريت له عملية قسطرة فُتح خلالها شريانين، إضافةً لإجراء شبكية في الشريان الثالث، بمستشفى هداسا عين كارم".
وتضيف بقلبٍ مكلوم: "ما يزيد من خوفنا هو حصول أيّ مضاعفات على وضعه الصحيّ، ونقص الأدوية والإهمال الطبيّ؛ فرغم ما يعاني منه، تمّ نقله إلى سجن عوفر دون تلقي العناية الكاملة".
وعن حالته الصحية، تُبيّن ضيفتنا أنّ زوجها الأسير عانى مؤخرًا من آلامٍ شديدةٍ في صدره وقلبه ويديه وقدميه، كما لا يستطيع الرؤية جيدًا بسبب إصابته بمرض السُكريّ.
وتُحدّثنا: "ذهب زوجي مؤخرًا للطبيب، ووفقًا للفحوصات الطبيّة تبيّن أنّ لديه 3 شرايين مُغلقة، وكان من المفترض أن يدخل إلى المستشفى يوم الاثنين الماضي؛ من أجل إجراء فحوصات يتبعها باليوم التالي إجراء عملية قسطرة".
تهديدٌ واعتقال..
ليلة الرابع من أيلول الجاري، غَمَضت عين الأسير "فحل" على أمل أن يستيقظَ صباحًا ويستعد لدخول المستشفى، لكنّه لم يتمكن من الاطمئنان على حالته الصحيّة، والتخلّص من آلام قلبه وصدره.
وعن تفاصيل ما حدث، تقصّ زوجته: "عند الثالثة والربع فجرًا، اقتحم 40 جنديًا من قوات الاحتلال منزلنا، حطموا الباب الرئيسي وخلعوه بالكامل، ثُمّ جاؤوا إلى الباب الآخر، واقتحموا المنزل وفتشوه كاملًا".
وتُكمل: "وضعونا جميعًا في غرفة، وزوجي في غرفة أخرى، وتحدّثوا معه لنحو ربع ساعة، ثُمّ طلبوا مِنا توديعه، وبعد ذلك أغلقوا الباب علينا بالمفتاح وقاموا بأخذِه وإلقائه خارجًا".
وتؤكد "الحاج" في حديثها، أنّ سلطات الاحتلال تسعى لبسطِ سيطرتِها وفرضِ هيمنتها، مُشدّدةً أنّ هذه السياسات تُشكّل ورقة ضغط نفسية للأسير وعائلته.
وتستطرد: "كلّ معتقل إداريّ يتوقع في كلّ لحظة يقتحم بها الجيش البلد أن يكون ضمن حملة الاعتقالات؛ خاصةً أنّ أحد ضباط الاحتلال قام بتهديد زوجي أنه سيأتي لاعتقاله".
تصمتُ برهةً ثمّ تروي لنا موقفًا دَارَ بينَ زوجها وأحد الضُباط: "قبل نحو شهر، جاء جنود الاحتلال لمنزلنا، قيّدوا يديه، وعصّبوا عينيه، وعندما قال زوجي للكابتن "زياد" إنه يعاني من قلب مفتوح، ردّ عليه: "أعلم.. هذه المرّة سوف أتركك كي تهتم بسلامة قلبك، لكنّ المرّة القادمة سآتي لاعتقالك".
إهمالٌ متعمّد..
وقبل نحو سنتين، وبعد تحرّره من الأسرِ بشهرين من اعتقال سابق، تعرّض الأسير "فحل" لجلطةٍ قلبية أجرى على إثرها عملية قلب مفتوح، كشفت إصابته بانسداد ثلاثة شرايين خلال فترة اعتقاله.
وتقول زوجته: "عام 2019، استمرت سلطات الاحتلال بإعادة الفحوصات الطبيّة لزوجي لمدّة أسبوعٍ كامل دون إخباره بأيّ معلومةٍ حول حالته الصحيّة ومرضه، وقد تعاملوا مع انسداد الشرايين كأنها غير موجودة، ولم يتلقى أيّ علاج".
وتُشير إلى أن زوجها أُصيبَ أيضًا بمرض السكريّ في سجون الاحتلال عام 2007، وما زال مصابًا به حتى هذه اللحظة، وبحاجة لعنايةٍ دائمة.
وحمّلت "الحاج" الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياةِ زوجها المريض، والتطورات التي قد تطرأ على حالته الصحيّة في ظل إهماله الطبيّ المُتعمّد.
واختتمت حديثها، موجّهةً رسالة للمؤسسات المحلية والدولية والفصائل، بتكثيف الجهود والفعاليات التضامنية للوقوف إلى جانبه وبقيّة الأسرى، وأن يكون هناك متابعة لوضع حدٍ للاعتقال الإداريّ.
وبلغ عدد المعتقلين في سجون الاحتلال 5200 أسير، بينهم 36 أسيرة، ونحو 170 طفلًا، فيما يبلغ عدد المعتقلين الإداريين 1264 بينهم 20 طفلًا وأربع أسيرات، وفق آخر معطيات لنادي الأسير الفلسطيني.