بعد أكثر من شهر ونصف من إصابته مع طفله، في قصف إسرائيلي على غزة، لا يزال المواطن الفلسطيني إياد المصري، لا يعرف مصير باقي أبناءه.
يتجاهل المصري جروحه المختلفة ليهتم بابنه محمد (12 عاما) الذي بترت ساقه اليمنى ولا يزال يعاني من آلام شديدة مع عدم توفر العلاجات المناسبة حيث يتلقى العلاج في مستشفى غزة الأوروبي في خانيونس، جنوب قطاع غزة.
فقدان الاتصال بالأبناء
يقول: بعد أيام من إصابتي بالصدفة قابلت زوجتي وطفلي، ولا أعرف حتى الآن أي معلومة عن باقي أبنائي بلال وهشام وعبود وأنس.
وكان المصري مع زوجته في مدينة غزة عندما تعرضت المنطقة لقصف إسرائيلي عنيف، ثم تشتت العائلة بحيث لم يعد أحد يعرف شيئًا عن الآخر.
أصيب حينه إياد في مقعدته وأطرافه ولكنه بدأ يتماثل للشفاء، وبات يحاول الاهتمام بطفله الذي يعاني آلام شديدة.
ويحول حظر الاحتلال الإسرائيلي الحركة بين جنوب قطاع غزة، وانقطاع الاتصالات والإنترنت أغلب الوقت، إلى جانب فقدان الكثير من الأهالي هواتفهم المحمولة خلال العمليات القصف او النزوح دون تواصل الأهالي مع بعضهم ويصعب قدرتهم على الاطمنان على مصيرهم.
الوحش يتألم
ينظر الأب بألم ومرارة لابنه الذي يتوجه ويقول: كان محمد لقبه الوحش؛ لأنه نشيط ولا يعرف الصعاب، وكان يقوم بالكثير من أمورنا، ولكن مع وضعه الحالي كل ذلك انتهى، نحن تدمرنا ولا نعرف مصير باقي الأولاد.. نسأل الله أن يطمئننا عليهم.
والدة الطفل محمد تقول: كنت عند ابنتي في غزة، وكنا محاصرين، ثم عدت لأجتمع مع أبنائي وحدث قصف إسرائيلي للمدرسة التي تؤوي نازحين، وتشتتنا كل واحد في جهة، ولا أعرف أين باقي أبنائي، بقيت مع ابني.
يقول إياد: أشعر بقلق شديد عليهم، المشكلة خرجنا من هناك دو ناي هاتف، حتى لا أملك صورة لهم لأنشرها، أتمنى من كل من يعرف أي معلومة عن أبنائي أن يحاول إيصال المعلومة لي أن في مستشفى غزة الأوروبي.
حلا ونور طفلتان تبحثان عن والديهما
في غرفة أخرى في مستشفى غزة الأوروبي، ترقد الطفلتان الشقيقتان حلا ونور عرفات معروف، وحيدتان مع عمتهما بعد انقطاع الاتصال بباقي افراد العائلة.
تقول الطفلة حلا: أنا أصبت في القصف الإسرائيلي على شمال غزة، حوضي مكسور ورجلي اليمين بها بلاتين، ولا أستطيع القيام عن السرير.
الأكثر ألما ووجعا لحلا هو أنها طوال قرابة شهرين من إصابتها لا تعرف شيئا عن والديها وباقي أسرتها: أنا بحاجة إليهم الآن ولا أدري هل أهم أحياء أم استشهدوا، أدعو الله أن يكونوا أحياء وأن أجتمع بهم.
مريم عمة حلا، تمسك بيدها وبيد شقيقتها الأصغر منها المصابة نور وتقول: جئنا إلى هنا بعد اقتحام الاحتلال المستشفى الإندونيسي، الاحتلال شتتنا، ولا نعرف مصير باقي أفراد الأسرة، حلا ونور لا يعرفان النوم ويبكيان أغلب الوقت وتريدان والدهما وامهما اللذان لا نعلم عنهما شيئا حتى الآن.
ونتيجة القصف الإسرائيلي وهدم المنازل وأوامر تهجير إسرائيلي هناك 1.9 مليون فلسطيني نازح في قطاع غزة.
تشتت بخيار ذاتي!
ونظرًا لعدم وجود أماكن بديلة للنزوح، أو خشية الاستهداف الإسرائيلي والقتل الجماعي تضطر العائلات إلى التشتت بين المناطق المختلفة.
يقول خالد أحمد لوكالة سند للأنباء: إن عائلته المكونة من والديه وأشقائه المتزوجين وعائلاتهم قرروا بعد قصف إسرائيلي متكرر على منطقتهم شرق خانيونس إخلاء منازلهم ولكنهم مع سماعهم المجازر ضد العائلات وشطبها من السجل المدني، قرروا أن تذهب كل أسرة إلى منطقة مختلفة، فهناك من توجه إلى رفح وهناك من توجه إلى مواصي خانيونس، في آخر محطات النزوح حاليا، بعد أن نزحوا قبل ذلك إلى مناطق وسط خانيوس ومخيمها.
وتبقى حالات التشتت وفقدان الاتصال بأفراد الأسرة واحدة من النتائج والتداعيات المأساوية للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المتواصل منذ 7 أكتوبر الماضي.