عقدت اللجنة الوطنية الفلسطينية للتراث المادي وغير المادي، اليوم الأربعاء، اجتماعها الثاني، برئاسة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رئيس اللجنة أ.د علي زيدان أبو زهري، في موقع سبسطية الأثري الواقع في محافظة نابلس، وذلك ردا و احتجاجا على القرار الذي أصدره الجيش الإسرائيلي في 10 يوليو 2024، بشأن مصادرة 1.301 دونما من الموقع الأثري لسبسطية المدرجة على القائمة التمهيدية للتراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" منذ العام 2012.
وقال أ.د أبو زهري: "إن وجودنا هنا اليوم يعكس التزامنا السياسي والوطني، ويعبر عن رسالة تضامن واحتجاج على قرار الجيش الإسرائيلي بشأن مصادرة أجزاء من الموقع الأثري لسبسطية، واحتجاجاً على صدور قرار مشروع قانون بتوسيع صلاحيات سلطة الآثار التابعة للاحتلال إلى مواقع الضفة الغربية، وندين هذه القرارات والإجراءات التي تعتبر انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية واتفاقيات حماية التراث الثقافي بما في ذلك بروتوكول لاهاي الأول لعام 1954 واتفاقية اليونسكو لعام 1972، و تهديداً للتراث الحضاري والثقافي في فلسطين؛ إذ أن تحويل هذا الموقع إلى منطقة جذب سياحي إسرائيلية يمثل محاولة لطمس الهوية الثقافية الفلسطينية، ويعزز السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، مع التأكيد على مسؤولياتنا تجاه مقدراتنا التراثية المنتهكة."
وأشار أبو زهري إلى أهمية حشد جهود مؤسساتنا الوطنية لحماية وصون تاريخ وتراث فلسطين وتحقيق الأهداف الوطنية والسياسية ذات الصلة، والتعاون الفعّال مع مؤسسات المجتمع المدني والأكاديميين والمختصين إلى جانب مؤسسات القطاع العام، للتصدي للتحديات السياسية والثقافية التي تحيط بالتراث الفلسطيني، مؤكدا على ضرورة الخروج بتوصيات تمهد الطريق لهذه اللجنة نحو خطى فعالة تصون وتحفظ ذاكرتنا التاريخية وتراثنا الأبدي في ضوء التحديات التي تواجهنا وخاصة في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على تراثنا الثقافي في قطاع غزة والضفة الغربية.
ومن جانبه رحب محافظ محافظة نابلس غسان دغلس بانعقاد هذا الاجتماع في هذا الموقع الهام، وقال أن حضورنا اليوم هي رسالة لتعزيز وجودنا وأحقيتنا في هذه المنطقة وهذا المكان الأثري، ويجب أن تكون صرختنا مستمرة لحماية هذا الموقع التاريخي من السرقة، والاستيلاء على تراثنا من قبل الاحتلال الصهيوني وتوصيل رسالة لكل العالم بأننا أصحاب هذه الأرض وهذا التاريخ لنا، كما أن هدفنا اليوم بالإجتماع في هذا الموقع، هو دعم صمود البلدة وأهلها وتعزيز وجودهم، والتي تتعرض لعدوان مستمر، في إطار الحفاظ على هذا الموروث الثقافي والتاريخي.
ومن جانب آخر استعرض رئيس بلدية سبسطية محمد العازم، التحديات والانتهاكات التي تتعرض لها المدينة، والمتعلقة بمصادرة الأراضي وشق الطرق الالتفافية واعتداءات المستوطنين المستمرة، مثمنا بالوقت ذاته انعقاد هذه اللجنة رفيعة المستوى على أرض سبسطية بما تمثله من مجموعة من الرسائل الهامة لأهالي المدينة ومكوناتها الحضارية والتراثية.
واستعرضت جهات الاختصاص التقدم المحرز في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحماية التراث المادي وغير المادي، ومناقشة التحديات الحالية التي تواجه الحفاظ على التراث الثقافي الفلسطيني وسبل معالجتها، وترويج التراث الفلسطيني على المستويين المحلي والدولي، ووضع خطط للتعاون مع المنظمات الدولية المختصة في مجال التراث الثقافي.
وأكد أعضاء اللجنة أهمية تكاتف الجهود الوطنية لحماية التراث الفلسطيني من التهديدات المستمرة، مع الإشارة إلى دور اللجنة في صياغة السياسات والمبادرات التي تعزز من حماية وصون التراث الوطني، وأهمية الحفاظ على التراث الفلسطيني للأجيال القادمة.
وأكد أعضاء اللجنة أيضا، على ضرورة التركيز على ما تتعرض له المقدرات الثقافية من آثار العدوان والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، إلى جانب الأماكن المستهدفة من الاستيطان بالضفة الغربية والقدس.
وناقش الاجتماع مجموعة من القضايا والموضوعات المدرجة على جدول الأعمال، والعروض المتخصصة من الجهات الشريكة، بما فيها عرض وزارة الثقافة ومقترحاتها بإدراج عناصر التراث الثقافي على قائمة العناصر الثقافية والمواقع لتسجيلها على القائمة النهائية للتراث في العالم الإسلامي ومنها النول "البسط" والكوفية والدبس الخليلي، وعناصر التراث غير المادي، مناقشة الملفات العربية المشتركة، بالإضافة لعرض وزارة السياحة والآثار بما يتعلق بالتراث المادي بالواقع الراهن حول إدراج ملف تل أم عامر في غزة، وقصر هشام في أريحا، وأيضا مقترحات لجنة إعمار الخليل حول مآذن الحرم الإبراهيمي ومقترح وزارة الخارجية وشؤون المغتربين بإدراج كعك القدس على لائحة التراث غير المادي، كما استعرضت اللجنة فيلم حول موقع سبسطية والمخاطر والانتهاكات التي يتعرض لها، وقاموا بجولة في الموقع.
واتخذت اللجنة في نهاية اجتماعها مجموعة من التكليفات والقرارات التي سوف تنسب للرئيس محمود عباس، وذلك لاتخاذ المقتضى بموجب القانون، ويذكر أن اللجنة الوطنية الفلسطينية للتراث المادي وغير المادي شكلت بموجب المرسوم الرئاسي رقم 37 للعام 2023، ومهامها بتحديد الأولويات الوطنية لترشيح العناصر والمواقع التراثية ورفع التوصيات بشأنها لرئيس الدولة لإقرارها، وإعداد وحصر الملفات المتعلقة بالتراث بالتعاون مع جهات الاختصاص لإدراجها على لوائح التراث الإسلامية والعربية والدولية والملفات العربية المشتركة، وتوفير الدعم والإسناد الفني والمالي اللازم لإجراءات التسجيل لدى المنظمات الدولية.