تعيش آلاف الأسر الفقيرة في غزة التي كانت تعتمد على الدعم المالي المخصص من قبل وزارة التنمية الاجتماعية الفلسطينية، ظروفًا معيشية مأساوية للغاية؛ في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة يشهدها القطاع جراء حرب الإبادة الإسرائيلية، وعدم تسلّمهم "شيكات الشؤون" المقررة لهم التي كانت تُصرف مسبقًا كل ثلاثة أشهر.
ويشتكي الآلاف من تداعيات توقف صرف "شيكات الشؤون" منذ نحو عام، والتي مصدرًا رئيسيًا لإعالة أسرهم وتلبية احتياجاتهم الأساسية من غذاء ودواء وملبس ومسكن، وسط تساؤلات متكررة وملّحة عن مواعيد محددة لاستئناف صرف الدعم؛ خاصة في ظل الظروف الكارثية التي أفرزتها الحرب المتواصلة منذ 10 شهور.
ويؤكد عدد من مستفيدي الشؤون ومنهم مرضى وأيتام وكبار بالسن، في مقابلات عشوائية أجرتها "وكالة سند للأنباء" في مخيمات النزوح بالمحافظة الوسطى، أنّهم بالكاد كانوا يستطيعون إدارة شؤون عوائلهم قبل الحرب، بينما يعيشون الآن أوضاعًا صعبة، ولا يملكون أدنى مقومات الحياة.
ومع حياة النزوح المتكررة وارتفاع أسعار المواد التموينية والخضروات في الأسواق، أصبح هؤلاء يعيشون تحت رحمة المساعدات الإغاثية الشحيحة، إذ يقولون إنهم "في حالة إذلال وإهانة لا تُطاق منذ شهور، ولا أحد ينظر إليهم بعين المسؤولية"، وعلى ألسنتهم سؤال وحيد: "متى ستصرف الوزارة شيكات الشؤون أو جزء منها؟".
وفي مقابلة مقتضبة أجرتها "وكالة سند للأنباء" مع وزيرة التنمية الاجتماعية سماح حمد، قالت إنّ وزارتها مضطرة للعمل خلال العدوان الإسرائيلي بشكلٍ إغاثي، ولا وفق البرامج الاعتيادية في قطاع غزة.
وأوضحت أنّه في ظل معاناة أهالي غزة المتفاقمة من نقص الماء والغذاء والدواء، شرعت وزارة التنمية بالتعاون مع مؤسسات محلية ودولية بتوزيع مساعدات غذائية طارئة لآلاف الأسر في قطاع غزة.
وقبل اندلاع الحرب كان عدد الأسر المستفيدة من الدعم المالي في قطاع غزة أكثر من 86 ألف أسرة مسجلة لدى وزارة التنمية الاجتماعية، لكن حمد أشارت إلى أن عدد الأسر المحتاجة حاليًا في القطاع وصل إلى 300 ألف أسرة.
فيما بلغت نسبة الفقر في قطاع 80% من إجمالي السكان البالغ عددهم أكثر من مليونين و200 ألف إنسان، وفق الوزيرة حمد.
وفي المقابلات التي أجرتها مراسلتنا مع عدد من مستفيدي الشؤون، نفى غالبيتهم تلقي مساعدات عينية طارئة مثل الطرود الغذائية والألبسة والمفروشات من "التنمية الاجتماعية"، فيما قال بعضهم إنه استفاد بشكل جزئي وبسيط من هذا الدعم بما لا يكفي لسد جوع عوائلهم.
وعزت الوزارة في تصريحٍ صحفي سابق، عدم تمكن كثيرون من تلقي المساعدات الإغاثية إلى "عدم استقرارهم في مكان محدد نتيجة النزوح المتكرر وقصف أماكن النزوح".
بدوره، قال المتحدث باسم البعثة الدولية للاتحاد الأوروبي في فلسطين شادي عثمان، إنّ الاتحاد استأنف دفع "مخصصات الشؤون" في قطاع غزة، عبر مؤسسات ومنظمات دولية بالتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية.
وأضاف عثمان في تصريحٍ خاص بـ "وكالة سند للأنباء" أن منظمة "يونسيف" ومنظمات دولية أخرى قدمت خلال الأشهر الماضية قسائم مالية وشرائية لنحو 100 ألف مستفيد.
ولفت أنّ عدم وجود آلية لفتح البنوك لصرف شيكات المساعدات، وعدم توفر سيولة إلى جانب الظروف العامة في قطاع غزة دفعت الاتحاد الأوروبي لتغيير آلية صرف المنحة، مبينًا أنّ الاتحاد يتكفّل بـ 60% من قيمة الدفعة المالية التي يُفترض أن تُصرف على أربع دورات في السنة الواحدة.
يشار إلى أن سكان غزة يواجهون مجاعة وأزمة إنسانية وصحية غير مسبوقة، وفق ما تؤكد تقارير دولية وأممية، وذلك بسبب تواصل الحرب المدمرة للشهر العاشر على التوالي، في ظل عدم اكتراث الاحتلال بالمطالبات الدولية ومن محكمة العدل الدولية بوقف العدوان وإدخال المساعدات للقطاع المحاصر.