سلطت صحيفة "نيويورك تايمز" الامريكية، الضوء على التواطؤ الصارخ من جيش الاحتلال الإسرائيلي في تصاعد هجمات المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.
وقالت الصحيفة إن العملية العسكرية الإسرائيلية واسعة النطاق في الضفة الغربية التي بدأت فجر الأربعاء تتناقض بشكل صارخ مع الرد الإسرائيلي الرسمي على عنف المستوطنين اليهود في المنطقة، والذي تصاعد خلال حرب الإبادة المستمرة منذ ما يقرب من 11 شهراً في غزة.
ونبهت إلى أن جيش الاحتلال استخدم مئات الجنود لشن عملية عسكرية واسعة وغارات ليلية في الضفة الغربية المحتلة ما أسفر عن عشرات الشهداء والجرحى وتخريب واسع للبني التحتية في العديد من المدن.
وعلى النقيض من ذلك، كان رد فعل الجيش على عنف المستوطنين اليهود ضد الفلسطينيين أكثر هدوءا، وهو العنف الذي يؤكد مسؤولون إسرائيليون والأمم المتحدة أيضا أنه في تزايد، وقال بعض القادة العسكريين إنه يمثل أيضا تهديدا للأمن القومي الإسرائيلي.
اعتراف رسمي
اعترف جيش الاحتلال في الساعات الأخيرة بأنه كان ينبغي له أن يتحرك بسرعة أكبر للتعامل مع عنف المستوطنين خلال هجوم على قرية فلسطينية في وقت سابق من هذا الشهر، والذي قوبل بتنديد واسع النطاق من المجتمع الدولي.
وفي ذلك الهجوم، الذي وقع في 15 آب/أغسطس، اقتحم مستوطنون قرية جيت. ووصف الفلسطينيون الذين يعيشون هناك العشرات من المستوطنين الإسرائيليين وهم يقتحمون القرية ، مرتدين أقنعة وملابس داكنة ومسلحين بالحجارة وبنادق الكلاشينكوف وبنادق إم-16.
وفي نهاية المطاف، تم تفريق المتظاهرين، ولكن ليس بالسرعة الكافية لمنع وقوع أضرار وإصابات وقتل مواطن فلسطيني.
زعم اللواء "آفي بلوث"، الذي يقود الوحدات العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن الضفة الغربية، في تقرير "هذه حادثة إرهابية خطيرة للغاية حيث شرع الإسرائيليون في إيذاء سكان بلدة جيت عمدًا، وقد فشلنا لأننا لم ننجح في الوصول في وقت مبكر لحمايتهم".
وخلص التحقيق العسكري في الهجوم على جيت إلى أن بعض الجنود الذين أرسلوا في البداية لإخلاء مثيري الشغب لم يتصرفوا "بشكل حاسم" بما فيه الكفاية.
وتوصل التحقيق أيضًا إلى أن اثنين من أفراد فريق الاستجابة السريعة القريبين، خارج الخدمة، ارتدوا زيهم الرسمي واستخدموا سلطتهم بشكل غير صحيح.
تزايد هجمات المستوطنين
حظيت العديد من حوادث هجمات المستوطنين ضد المواطنين الفلسطينيين باهتمام أقل سواء لدى جيش الاحتلال أو الأجهزة الأمنية في ظل التواطؤ الحكومي الصارخ.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إن المستوطنين الإسرائيليين نفذوا في الأسبوع الماضي أكثر من 30 هجوما ضد الفلسطينيين، مما أسفر عن قتل شخص وإصابة 11 آخرين وإلحاق أضرار بالممتلكات.
منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، سجلت الأمم المتحدة نحو 1270 هجوما من جانب المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين.
وفي الأسبوع الماضي، كتب رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي رونين بار إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رسالة حول عنف المستوطنين باعتباره تهديداً للأمن القومي.
وعلى نحو مماثل، في يوليو/تموز، أدان اللواء يهودا فوكس، في خطاب بمناسبة رحيله عن منصبه كرئيس للقيادة المركزية الإسرائيلية، "الجرائم القومية" التي يرتكبها الإسرائيليون في الضفة الغربية، قائلاً إن عنف المستوطنين يعرض أمن (إسرائيل) للخطر.
يعيش في الضفة الغربية المحتلة أكثر من 2.7 مليون فلسطيني، إلى جانب نحو 500 ألف مستوطن يهودي.
ويقيم المستوطنون في الضفة الغربية المحتلة بأعداد متزايدة وبموافقة ضمنية وصريحة من الحكومة، على الرغم من أن المستوطنات تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي، كما أن البؤر الاستيطانية التي أقيمت دون موافقة الحكومة تنتهك القانون الإسرائيلي.
ويؤكد المجتمع الدولي أن المستوطنات تعديات غير قانونية على الأراضي المخصصة للدولة الفلسطينية في نهاية المطاف. ولكن الوزراء اليمينيين المتطرفين في الحكومة الإسرائيلية ــ وأبرزهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتامار بن جفير، وكلاهما من المستوطنين أنفسهم ــ كانوا صريحين في رغبتهم في إحباط إنشاء دولة فلسطينية، كما قدموا سياسات لدعم أهداف المستوطنين التوسعيين.
ولقد أدان المجتمع الدولي مراراً وتكراراً نمو المستوطنات الإسرائيلية والارتفاع الأخير في عنف المستوطنين. وفي الأشهر الأخيرة فرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عقوبات على أفراد وجماعات مستوطنين لانتهاكها حقوق الإنسان من خلال التصرف بعنف أو التحريض على العنف ضد الفلسطينيين.
وفرضت الولايات المتحدة يوم الأربعاء عقوبات جديدة على مجموعة استيطانية في الضفة الغربية المحتلة قالت إنها مسؤولة عن مثل هذه الانتهاكات.
وقد انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" العقوبات الأمريكية الجديدة، مشيرا إلى أن "الأمر قيد مناقشة قوية مع الولايات المتحدة".