رغم ما خلفه العدوان الإسرائيلي المستمر شمالي الضفة الغربية، من شهداء ومصابين، وتدمير في البنية التحتية، غير أن شن العدوان بحد ذاته يؤكد أن المقاومة ما تزال قادرة على النهوض وأداء دورها في المواجهة، وفق ما يراه مراقبون.
فالعدوان الأخير على طوباس وطولكرم وجنين، حسب متابعين، لم يكن إلا جزءا من عمليات عسكرية إسرائيلية، تكررت في السنوات الأخيرة، في محاولة فاشلة لوأد المقاومة وإخماد شعلتها.
واللافت أن فصائل المقاومة وتشكيلاتها العسكرية تخرج في كل مرة أصلب عودا، وأفضل تنظيما وتسليحا.
قيادات في حركتي حماس والجهاد الإسلامي اعتبرت أن جرائم الاحتلال اليومية هي الدافع لتعزيز المقاومة وتطوير آلياتها وانضمام الشباب لخلاياها العسكرية.
وبينت أن فشل مشاريع التسوية في منح الشعب الفلسطيني حقوقه، شكل حافزا لتقوية خيار الكفاح المسلح وتعزيز خيار المواجهة.
شديد: الشباب حسموا خياراتهم
القيادي في حماس عبد الرحمن شديد أكد في حديث خاص لـ "وكالة سند للأنباء" وجود "إقبال مهم من الشباب للانضمام للمقاومة، ويقين بأن المقاومة قادرة على تحقيق أهدافها في ردع الاحتلال".
وأضاف أن جيل الشباب "حسم خياراته وأزال الغباش عن رؤيته الحقيقية، وبدأ بتشكيل خلايا عسكرية على غرار عرين الأسود، وبدأت تعزز قدراتها وحضورها بشكل مهم ولافت."
لكنه استدرك بالقول "لم تكن المهمة سهلة فقد كانت هناك خطة أمنية أمريكية إسرائيلية إقليمية، وشاركت فيها أجهزة أمنية أخرى، انطلقت بداية معركة الطوفان، وهدفت لتحييد جبهة الضفة ومنع إسنادها لغزة".
وتابع شديد "رغم قلة الإمكانيات وظروف الحصار القاهرة المفروضة على الشباب؛ لكن تأثير عملهم كان مهما خاصة على صعيد تصنيع العبوات شديدة الانفجار، التي نجحت في تحقيق إصابات قاتلة في الآليات الإسرائيلية".
ولفت إلى أن "المقاومة بالضفة استفادت من تجربة غزة، وخططّت مبكرا لمواجهة عدوان الاحتلال، وإدارة موقفها بالإمكانيات المتوفرة، رغم الحصار والمطاردة وقطع الإمدادات".
وأضاف: "رغم العدوان؛ لكن المقاومة شرسة وفاعلة، وأدارت نفسها لمعركة طويلة مع هذا المحتل".
وأكد شديد على متانة التنسيق الميداني بين مختلف فصائل المقاومة.
وقال: "نأمل أن تتعزز الحالة لوحدة ميدانية كاملة تنخرط فيها جميع القوى، وصولا لتشكيل جبهة مقاومة فاعلة ومؤثرة في مواجهة الاحتلال."
وبين أنّ المقاومة تتمدد في كل أرجاء الضفة.
وأردف "صحيح أن طابع المخيمات يخدم المقاومة والمقاومين أكثر من طابع المدن؛ لكن التجارب كلها تشير إلى أن الحالة سرعان ما تنتقل للمدن والقرى".
وطالب شديد السلطة الفلسطينية بتطبيق ما تم الاتفاق عليه في بكين، بتفعيل المقاومة بكل أشكالها، وتبني حالة النضال الشعبي المستمرة والمتواصلة، ووضع حد لأي علاقة سياسية وأمنية مع الاحتلال.
الحاج موسى: المقاومة راكمت الخبرات وطورت الأدوات
بدوره، قال محمد الحاج موسى، المتحدث الرسمي باسم حركة الجهاد الإسلامي، إن "الاحتلال يحاول عبر العدوان المستمر فرض الوقائع على الأرض وبسط سيطرته في الضفة، وتحقيق مخططاته الاستيطانية".
وتابع " توقيت العدوان يأتي من أجل تحويل الأنظار عن فشل نتنياهو في جر المنطقة كلها إلى حرب شاملة، وصرف نظر العالم عن قطاع غزة لكسب مزيد من الوقت للمماطلة في مفاوضات وقف إطلاق النار."
وبين الحاج موسى أن "المقاومة في الضفة وغزة واحدة، تستفيد من تراكم الخبرات، ومن تطوير الأدوات والوسائل بما يتناسب مع ظروف كل بيئة".
وشدد على أن "المقاومة بالضفة قد طورت من إمكاناتها وقدراتها وتدريبها، وهي قادرة على ردع العدو".
وقتل 3 جنود إسرائيليين في عملية إطلاق نار نوعية نفذها فلسطيني صباح اليوم الأحد قرب حاجز عسكري في بلدة ترقوميا غرب الخليل في الضفة الغربية، قبل أن ينسحب من المكان.
وتأتي هذه العملية بعد يوم واحد من عمليتي "عتصيون" و"كرمي تسور" شمال الخليل، أصيب فيهما 4 إسرائيليين.
وتواصل المقاومة في جنين، تصديها لعدوان الاحتلال لليوم الخامس، حيث اعترف الاحتلال بمقتل جندي وإصابة اثنين في كمين للمقاومة داخل مخيم جنين.
وتحدث الإعلام الإسرائيلي عن معارك عنيفة مع المقاومة في جنين، واستخدام عبوات شديدة الانفجار، وتحقيق إصابات مباشرة في صفوف الجنود، فيما حذر محللون إسرائيليون من اشتعال نار المواجهة في مختلف مناطق الضفة.