كشف تحقيق نشرته شبكة NPR الأمريكية، عن تنامي مقلق لظاهرة الهجرة من دولة الاحتلال الإسرائيلي بعد نحو عام من هجوم طوفان الأقصى الذي نفذته المقاومة الفلسطينية وبدء حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة.
وذكر التحقيق أن عددا متزايدا من الإسرائيليين اليهود الباحثين عن عمل في الخارج يغادرون دولة الاحتلال منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي في ظل الشعور بعدم الأمان وغموض المستقبل.
وأورد التحقيق نقلا عن وسائل إعلام إسرائيلية أن أرقاما من المكتب المركزي للإحصاء في "إسرائيل" تظهر ارتفاعا حادا في عدد الإسرائيليين - أكثر من 12 ألف شخص - الذين غادروا البلاد في أكتوبر/تشرين الأول الماضي ولم يعودوا بحلول يونيو/حزيران.
الشعور بعدم الأمان
تناول التقرير مثال أسرة جرين التي قررت هذا الصيف مغادرة دولة الاحتلال والاستقرار في تايلند.
وقررت إنبال جرين (40 عاماً) وزوجها شلومي جرين (37 عاماً) حزم أمتعتهما ومغادرة الحياة في الضواحي خارج تل أبيب والانتقال إلى تايلاند.
وقال الزوجان إنهما منذ بدء الحرب في غزة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، شعرا بعدم الأمان إلى الحد الذي يمنعهما من البقاء هناك.
وأورد التحقيق أن الغالبية العظمى من الإسرائيليين اليهود يؤيدون هزيمة المقاومة الفلسطينية لكن الثمن الذي دفعته هذه الحرب يدفع بعض الإسرائيليين اليهود إلى اختيار مغادرة البلاد.
ويقول بعضهم، مثل أسرة جرين، إنهم سيغادرون دولة الاحتلال إلى الأبد.
وذكر شلومي أنهم في ظل الوضع السياسي والأمني المضطرب الذي تعيشه "إسرائيل"، كانوا يفكرون في الرحيل في السابق. ولكن بعد التطورات منذ عام لم يشعروا بالأمان.
وهم يعتقدون أن الحكومة الإسرائيلية لم تبذل ما يكفي من الجهد لحمايتهم من الهجمات المستقبلية.
وقال "الأمر هو أننا نريد أن نشعر بالأمان في منزلنا، ونحن لسنا على استعداد للتنازل عن ذلك".
المغادرة المؤقتة تتبعها قرار المغادرة الدائمة
قال شلومي إنهم شعروا بقلق عميق بعد هجوم طوفان الأقصى لذا فقد حزموا بعض الضروريات واتجهوا إلى المطار، وركبوا إحدى الرحلات الأخيرة المتجهة إلى قبرص بحلول ظهر ذلك اليوم.
وأضاف "لقد شعرنا وكأننا نهرب وكنا شاكرين لأننا غادرنا في الوقت المناسب".
أمضت أسرة جرين شهرين في الخارج ولكنهم اضطروا إلى العودة إلى "إسرائيل" لأسباب عملية - توقف تأمينهم الصحي الإسرائيلي عن دفع فواتيرهم الطبية لأنهم كانوا في الخارج، وكسر شلومي ساقه، وأراد صاحب العمل عودته إلى دولة الاحتلال.
ولكن بحلول ذلك الوقت، قالت إنبال إن مغادرة "إسرائيل" إلى الأبد أصبحت هدفهم المشترك.
تقدم شلومي، مطور برامج، بطلبات للحصول على وظائف في جميع أنحاء العالم وحصل على واحدة في تايلاند. وقال إنهم أجروا بحثًا وشعروا أنهم قادرون على عيش حياة مريحة هناك.
ارتفاع حالات تأشيرة العمل وإعادة التوطين
يعمل المحامي ليام شوارتز المتخصص في قضايا العمل والهجرة المؤسسية في إحدى أكبر شركات المحاماة في "إسرائيل".
يساعد شوارتز الشركات الإسرائيلية على نقل موظفيها إلى الشركات الأم في الولايات المتحدة، ويعمل مع الأسر التي ترغب في الانتقال إلى هناك.
وهو عادة ما يتولى مئات الحالات سنويًا، لكنه يقول إن عبء العمل لديه زاد بنسبة 40% على الأقل في الأشهر القليلة الماضية. وقال إن ما يجعل هذا العام فريدًا هو السابع من أكتوبر.
قال شوارتز: "لم أكن منشغلاً إلى هذا الحد في حياتي المهنية، وهذا يفوق التوقعات".
وأضاف أن الشركات الإسرائيلية تشعر بالقلق إزاء احتمال اندلاع حرب شاملة في شمال "إسرائيل" مع حزب الله، وبسبب هذا، تنقل الشركات، وخاصة تلك العاملة في مجال التكنولوجيا العالية، فرقاً كاملة إلى الولايات المتحدة.
وقال إنه يرى أيضًا أن الموظفين الإسرائيليين يضغطون على شركاتهم لرعايتهم للحصول على تأشيرات عمل إلى الولايات المتحدة. وقال إن العديد من هؤلاء الموظفين لم يعودوا يشعرون بالأمان أو الراحة في "إسرائيل".
وذكر شوارتز "إن الشركات مهتمة بعدم خسارة المواهب، لذا فإن الكثير منها تقول نعم ببساطة".
وقد أقر شوارتز بأن هؤلاء الإسرائيليين من أصحاب الامتيازات. فالكثيرون غيرهم لا يتمتعون برفاهية التقدم بطلبات الحصول على تأشيرات عمل أو حتى تأشيرة عادية، لأنهم غير ماهرين أو لا يملكون الوسائل اللازمة ولو تم فتح المجال أمامهم لكانت معدلات الهجرة أضعاف مضاعفة.