الساعة 00:00 م
الأحد 06 ابريل 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.82 جنيه إسترليني
5.28 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4.1 يورو
3.74 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

الشهيد محمود السراج.. حكاية صحفي لم تمهله الحرب لمواصلة التغطية

مقتل شرطي بغزة.. غضب واسع ودعوات عشائرية وحقوقية بضرورة إنفاذ القانون

صمود واصطفاء..

بالفيديو والصور في مرمى نيران الاحتلال.. أطباء غزة حَكايا عذاب وثبات

حجم الخط
أطباء غزة
غزة - وكالة سند للأنباء

أي ألم قد يعتري عاملاً في الميدان تاركاً عائلته وأحبته وراءه ليقوم بواجبه الإنساني الذي لا يدري هل سيعود بعده معافىً أم محمولاً على الأكتاف "إن وُجدت أشلاؤه"، أم سيُنقل إلى ظلمات السجون، فتتراكم عليه ظلمات بعضها فوق بعض، ماذا لو كان طبيباً؟ يتجرع مشاهد العذاب كل لحظة؟

لم تتوانَ آلة الحرب الإسرائيلية في استهداف الطواقم الطبية والعاملين في الميدان والمستشفيات، ظناً منها بالنجاح في كسر عزيمتهم وثنيهم عن القيام بواجبهم الإنساني، الذي لم يتوقف حتى اليوم 348 للعدوان على قطاع غزة.

أطباء.webp

وصباح اليوم الأربعاء، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد الحكيم زياد محمد الدلو داخل سجون الاحتلال، بعد أن اختطفه جنود الاحتلال خلال تأديته لواجبه الإنساني في مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، في 18 مارس/ آذار الماضي.

ورصدت وزارة الصحة استشهاد 1151 عاملا بالقطاع الطبي منذ بدء الحرب على قطاع غزة حيث دققت في بيانات 986 منهم، مبينةً أن 706 منهم من الذكور، و280 من الإناث.

وتتعمد سلطات الاحتلال انتهاج أساليب قاتلة لتعذيب المعتقلين من قطاع غزة ومن بينهم الأطباء، الذين استخدمت بحقهم صوراً للعذاب تمثل بعضها بالصعق بالكهرباء والضرب المبرح بالإضافة إلى الحرمان من النوم والطعام والماء، وعصب الأعين والعزل، ما أدّى إلى استشهاد بعضهم.

ملحمة بطولية..

وعلى مدار 348 يوما من الحرب الإسرائيلية الوحشية المتواصلة على قطاع غزة والتي طالت المستشفيات دون تمييز، سطر الأطباء في غزة ملحمة بطولية تاريخية ظهرت في إصرارهم على البقاء في أماكن عملهم واستشهاد بعضهم.

وفي إطار متابعتها، رصدت "وكالة سند للأنباء" شهادات بعض الأطباء الذين تعرضوا لإجرام إسرائيلي على رأس عملهم، إضافة إلى استشهاد بعضهم في سجون الاحتلال، أو آمنين في بيوتهم خلال اقتطاع وقت لرؤية عائلاتهم.

وقبل أيام صرحت وزارة الصحة بورود معلومات تؤكد استشهاد المسعف حمدان أبو عنابة، داخل معتقلات الاحتلال، والذي اعتقل هو على رأس عمله من مجمع ناصر الطبي بمدينة خانيونس، في ديسمبر/ كانون أول الماضي.

وبالإعلان عن استشهاد حمدان عنابة يرتفع عدد المسعفين الفلسطينيين الذين ارتقوا منذ بداية الحرب إلى 22، بينهم 19 مسعفًا في غزة.

صمود واصطفاء..

مَن منا قد ينسى الطبيب الشهيد عدنان البرش، الذي سطر صموده بدمه، ففي 16 نوفمبر/تشرين الثاني اقتحمت القوات الإسرائيلية مجمع الشفاء الطبي بعد أسبوع من حصار خانق، ودمرت ساحاته وأجزاء من مبانيه ومعداته الطبية، وأجبرت من كان فيه من طواقم ونازحين على الرحيل، بعد أن عاثت فيه فتكاً وفساداً.

لكن "البرش" أبى إلا أن يصمد في مكانه الذي عرفه سلما وحربا، ولم يرضخ لأوامر جيش الاحتلال الإسرائيلي بالنزوح جنوباً، فانتقل لإكماله مهمته الإنسانية في مستشفى العودة شمال القطاع.

الشهيد الطبيب البرش أشهر جراحي العظام في غزة اعتقل على يد جيش الاحتلال في شهر ديسمبر 2023، خلال تواجده في مستشفى العودة إلى جانب مجموعة من الأطباء، واستشهد في سجون الاحتلال بتاريخ 19 نيسان/ أبريل 2024، بعد تعذيب ممنهج في السجون.

أما عن بطولة مدير مجمع الشفاء الطبي الطبيب محمد أبو سلمية، الذي اعتقله الجيش وعدداً من الكوادر الطبية في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، بعد اقتحامه قسم الطوارئ في مجمع الشفاء الطبي، ليتلقى صنوف العذاب المختلفة والمهينة.

وأوضح "أبو سلمية" بعد الإفراج عنه مطلع يوليو/ تموز الماضي، أنه "لم تكن هناك لائحة اتهام ضدي، واعتقالي كان بسبب سياسي بحت، بعدما لم يجد الاحتلال أي شيء في المجمع".

عذاب بمختلف ألوانه..

لم يختلف حال الطبيب سعيد عبد الرحمن معروف كثيراً، فجميع أطباء القطاع تلقوا العذاب على اختلاف ألوانه، والذي بدأ معه بحصاره في المستشفى الأهلي العربي بمدينة غزة إلى أن تم اعتقاله في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

وفي التفاصيل التي تابعتها "وكالة سند للأنباء"، قامت قوات الاحتلال بتكبيل يد الطبيب "معروف" وساقيه وعصبت عينيه طوال فترة سجنه لنحو 7 أسابيع.

يروي معروف معاناته والمعتقلين في سجون الاحتلال قائلاً: "إن السجانين أمروه بالنوم في أماكن مغطاة بالحصى دون فراش أو وسادة أو غطاء ووسط دوي موسيقى صاخبة "وكأنها حفلة".

وقال "أنا طبيب أطفال أعمل منذ 23 عاما في هذا المجال، لم أرتكب أي جريمة إنسانية، سلاحي هو قلمي ودفتري وسماعتي. ولم أغادر المكان، وكنت أعالج الأطفال داخل المستشفيات.

ويا لثبات الطبيب همام اللوح، الذي سطر بكلماته ثباتاً، قولاً وفعلاً، وأبى الخروج من مستشفى الشفاء إلا إلى الجنان.

في 31 أكتوبر، سُؤل الطبيب "همام الله" آخر أخصائي أمراض كلى في مستشفى الشفاء، "لماذا لا تهرب إلى الجنوب مع زوجتك وطفليك"؟

فكانت الإجابة حاضرة دون تردد "وإذا ذهبت، من يعالج مرضانا؟ نحن لسنا حيوانات.. لدينا الحق في تلقي الرعاية الصحية المناسبة.. تعتقد أنني درست في كلية الطب ودرجاتي العليا لمدة 14 عامًا حتى أفكر فقط في حياتي وليس في مرضاي؟ هل تعتقد أن هذا هو السبب الذي درست من أجله كلية الطب، لأفكر فقط في حياتي؟"

لم يمضِ أسبوعان حتى ارتقى الطبيب "همام" مع عدة أفراد من عائلته الموسعة في غارة جوية إسرائيلية استهدفتهم.

همام اللوح.jfif


رضاً وثبات..

وهذا شعور الرضا رغم المصاب، يرويه الطبيب الصيدلي إياد شقورة الذي فوجئ بوصول جثث أطفاله وأمه وأقاربه، أثناء عمله في قسم الطوارئ في مستشفى ناصر بخانيونس.

وبدأ الطبيب بتعداد أسماء أصحاب الجثامين واحدا تلو آخر "في هذه الضربة، فقدت والدتي زينب أبو دية، وفقدت أخوي محمود وحسين شقورة، وأختي إسراء شقورة مع ابنيها حسين ونبيل، وفقدت ابني، فلذتي كبدي عبد الرحمن (7 سنوات) وعمر (5 سنوات)".

بينما الطبيب مدحت صيدم الذي قضى جميع أيامه في المستشفى يداوي الجرحى والمصابين، وعندما قرر العودة إلى أسرته لقضاء بعض الوقت معهم ليطمئن عليهم، كان الموت ينتظره هو وكل أفراد أسرته، بعد أن استهدفت طائرات الاحتلال الغادرة منزلهم الذي يقع قرب مستشفى الشفاء.