مع دخول حرب الإبادة الإسرائيلية عامها الثاني على التوالي، يواجه أصحاب مرضى حساسية القمح ما يعرف ب"السيلياك" معاناة متفاقمة بسبب الظروف المحيطة بهم، ونقص الأطعمة المخصصة لهم والارتفاع الباهض في أسعارها.
ويعرف حساسية القمح، بأنه مرض من أمراض جهاز المناعة وتظهر أعراضه في الجهاز الهضمي من حيث تهتك الغشاء الداخلي للأمعاء الدقيقة، وينتج عنه حساسية القمح وليس له سن محدد، والعامل الوراثي يلعب دور هامًا فيه.
خطر يداهم 1200 شخص
ويقول المدير الطبي لجمعية أرض الإنسان المختصة بمتابعة مرضى حساسية القمح ماهر أبو عبد الله، إن عدد المصابين بهذا المرض في قطاع غزة يقدر ب 1200 حالة، يواجهون معاناة مضاعفة بسبب عدم توفر الأطعمة الخالية من القمح، ولا يوجد أي متابعة لهم من قبل الجهات الحكومية أو وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".
ويضيف أبو عبد الله في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، أنه منذ بداية الحرب حاولت الجمعية توفير الطحين الخاص بهم وجرى توزيع ما يقارب 4 كيلو كل ثلاث شهور لكل حالة، لكنها لا تغطي ثلث احتياجهم الشهري وليس كما قبل الحرب حيث كانت توزع الجمعية عليهم من 12-22 كيلو شهرياً.
ويلفت، إلى أن هناك وعودات بإدخال طن ونصف من الطحين المخصص خلال الفترة المقبلة، وسيتم توزيعه بمعدل كل حالة 2 كيلو، مطالباً بتوفير الطعام الخاص بهم خاصة الفواكه والخضروات وتوفير الدعم المالي لذلك.
ويشير أبو عبد الله، إلى ارتفاع تكلفة التحاليل الخاصة بتشخيص هذا المرض والتي تصل إلى 100 شيكل للتحليل الواحد.
ويبين "ضيف سند"، أن أعراض هذا المرض ينتج عنها إسهال وانتفاخات بالبطن وانخفاض وزن، ونقص دم وهبوط عام.
فئة مهمشة
وتقول السيدة نبيلة الهباش والمسؤولة عن مجموعة مرضى حساسية القمح عبر الفيسبوك، وإحدى اللواتي يعانين من هذا المرض إنهم يحتاجون لأطعمة خاصة جدا تختلف عن الإنسان الطبيعي ما عدا الخضار والفواكه، وهو ما يصعب توفيره في ظل الحرب خصوصاً لفئة الأطفال الذين أيضاً هم بحاجة للحليب والشيبس المخصص لهم، والذي إن توفر يكون بأسعار باهضة جداً.
وتضيف الهباش في حديثها لـ "وكالة سند للأنباء"، أن المضاعفات التي قد تحدث للشخص المريض بالسيلياك عند تناوله أطعمة غير مخصصة فإنه سيصاب بنقص حاد في الكالسيوم، ونقص في الفيتامينات والمعادن على المدى البعيد، ولكن على المدى القريب فإن الشخص يصاب بالمغص والإسهال والاستفراغ تماماً كأعراض التسمم.
وتلفت، إلى أن الشخص قد يعاني من ضعف الدم ويصل إلى 6-7، وهزال وضعف عام.
وتطالب "ضيفة سند"، بتوفير الطحين الخاص بهم والذي يصل سعر الكيلو الواحد في الوقت الحالي إلى ما يقارب 80 شيكل بعد أن كان يباع سابقا بـ 7 شيكل فقط، وكان يتم توفيره من جمعية أرض الإنسان مجاناً، مشيرة إلى هناك أشخاص في اليوم يحتاجون إلى كيلو على أقل تقدير، ويختلف من شخص لآخر.
وتوضح الهباش، أنه وبسبب قلة الأطعمة الخاصة بهم الخالية من الجلوتين في الفترة السابقة خسرت من وزنها ما يقارب 20 كيلو جرام، في ظل ارتفاع أسعارها وشحها في الأسواق وخاصة الخضار.
أسعار باهضة
ولا يختلف الحال كثيراً عن حال الطفلة علا ماضي (7 أعوام)، والتي أصيبت بهذا المرض وهي بعمر الثلاث سنوات، حيث تعاني من نقص الأطعمة الخاصة بها والتي يجب أن تكون خالية من الجلوتين، في ظل عدم توفرها وارتفاع أسعارها بسبب الحرب.
وتصف والدتها في حديثها لـ "وكالة سند للأنباء"، هذا المرض بالخطير جدا، والذي قد تتأثر به طفلتها في بعض الأحيان عن طريق رذاذ طحين القمح عبر التنفس.
وتشير على سبيل المثال لا الحصر، إلى الأسعار المرتفعة خلال فترة الحرب حيث وصل سعر البسكويت الخاص بها إلى 10 شيكل وهو ما كان يباع بشيكل واحد فقط، والطحين من سعر الكيلو 10 شيكل إلى 25 شيكل وهو المصنع محلياً، فيما يصل سعر المستورد ذو الجودة الممتازة إلى 80 شيكل للكيلو الواحد، وكذلك منتجات العصير والحلوى التي يرغبها الأطفال الذين يعانون من هذا المرض.
وتشير والدة الطفلة ماضي، إلى أنها في بعض الأحيان ولعدم توفر الطحين الخاص كانت تلجأ إلى الأرز المخصص والذي وصل سعر الكيلو في فترة معينة إلى 25 شيكل للكيلو الواحد.
وتوضح ضيفتنا، أن أي خلل في الحمية الغذائية يحدث مغصًا شديدًا لا يتحمله بشر، وإسهال مستمر وإمساك، وصولاً في أخطر مراحله إلى ما يعرف بسرطان الأمعاء.
وتؤكد، أن فئة مرضى السيلياك مهمشة جدا، ولا يوجد أي اهتمام بها من قبل المؤسسات الداعمة خلال الحرب، حيث ما تم توفيره لهم فقط 2 كيلو طحين خلال 3 شهور، ودفعة أخرى بعد 3 شهور.
وتوضح والدة الطفلة ماضي، أنه في حال توفرت البدائل المحلية من الطحين فإنها تحتاج لمطاحن خاصة وطهو عربي خاص كذلك.
وتطالب جميع الجهات الداعمة بالعمل على توفير هذا الطحين والاهتمام بهذه الفئة، والاعتراف بأصحاب هذا المرض وأن يكون لهم مساعدات خاصة عن طريق معبر "كرم أبو سالم"، وتوفير سلات خضار لهم بشكل دائم ومنتجات خالية من الجلوتين، في ظل عدم توفر الأطعمة الخاصة بهم.
وتناشد الأم في ذات السياق بتوفير خيمة خاصة لابنتها للمحافظة على نظافة الطعام من أي تلوث، وإجراءات الحمية الخاصة بالطعام، خاصة في أعقاب نزوحها من شمال القطاع إلى منطقة المواصي بمدينة خانيونس جنوبي القطاع برفقة 20 فرداً من أقاربها في ذات الخيمة.