من رحم الألم يولد الأمل ومن رحم المعاناة يتولد الإبداع، فحب الوطن لا يعرف الحدود، رغم أزيز الرصاص وأصوات المدافع التي لا تهدأ في أرجاء شوارع قطاع غزة للعام الثاني على التوالي في حرب الإبادة الإسرائيلية.
ورغم الظروف القاهرة التي تعرّض لها عقب قدومه من مدينة رفح للمحافظة الوسطى قبل أعوام واستشهاد والده خلال الحرب الحالية، يواصل الفنان الأصم بلال أبو نحل (26 عاما)، بأنامله هوايته في مجال الرسم من داخل خيمته بمدينة دير البلح، لتتحدث عما يدور بداخله، ولتكون لوحاته مصدر رزق يومي له في مواجهة الظروف الإقتصادية الصعبة كذلك.
تحدي الظروف القاهرة
ويقول رياض الجايح، والذي يتحدث باسم الفنان أبو نحل، إن بلال يختار أفكاراً لرسوماته بدقة، لنقل معاناة وهموم الناس اليومية، كقصص النزوح والقصف وتشريد الأطفال، وكلها بألوان رمادية.
ويضيف الجايح في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، والذي ساعده في إنشاء خيمة لتكون مرسما له، أن بلال تطورت موهبته في الرسم التي تصاحبه منذ الطفولة، بداية من الرسم على الورق في السابق، وصولاً للرسم على اللوحات والنقش على الجدران ورسم الشخصيات ورسم "بورتريه"، ورسومات أخرى متنوعة.
ويشير، إلى أن بلال يحاول أيضاً دعم فئة الرسامين والموهوبين من خلال تعليمهم فنيات الرسم السريع، ودعمهم ببعض الأقلام الخاصة واللوحات الفارغة للرسم عليها.
وباتت خيمة بلال، معرضاً ثقافياً ووجهة لكثير من الزوار بشكل يومي، الذين يعبرون عن إعجابهم بالمرسم واللوحات الفنية التي بداخله، ويلتقطون فيه الصور التذكارية ونشرها على وسائل التواصل الإجتماعي يقول ضيف "سند".
ويدعو الجايح، المؤسسات المحلية لدعم فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، وتطوير مواهبهم، وتمكين الفنان بلال بعد انتهاء الحرب من المشاركة في معارض دولية، ليكون صوتاً لغزة المحاصرة بريشته، والذي يحاول الاحتلال تغييبها عن العالم ثقافياً.
استهداف الحركة الثقافية
وتقول وزارة الثقافة في تقرير لها، إن 44 كاتبًا وفنانًا وناشطًا في حقل الثقافة استشهدوا خلال الأشهر الأربعة الأولى للحرب، بجانب تضرر 32 مؤسسة ومركزًا ومسرحًا إما بشكل جزئي أو كامل، وتضررت أيضًا 9 مكتبات عامة و8 دور نشر ومطابع.
وعلى مدار شهور الحرب، تعمّد الاحتلال الإسرائيلي تدمير المعالم الثقافية والتعليمية في قطاع غزة، حيث أظهرت معطيات نشرها المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، أن 125 مدرسة وجامعة دمرها الاحتلال بشكل كلي خلال الحرب، إضافة لتدمير 206 مواقع أثري وتراثي دمرها الاحتلال.
وتتواصل حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة لليوم الـ 398، مسفرة عن 43,391 شهيدا و102,347 مصابين.