كشف موقع Axios الأمريكي أن الولايات المتحدة طلبت من "إسرائيل" الموافقة على إرسال إمدادات عسكرية عاجلة للأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية لدعمها في تنفيذ "عملية واسعة النطاق" في الضفة الغربية المحتلة ضد فصائل المقاومة.
وقال الموقع إن "العملية الأمنية (للسلطة الفلسطينية) لاستعادة السيطرة على مدينة جنين ومخيمها للاجئين من المقاومين هي الأكبر التي تنفذها قوات الأمن الفلسطينية منذ سنوات".
وقال مسؤولون فلسطينيون وإسرائيليون للموقع إن العملية تركز على مجموعة مسلحة محلية تضم مقاومين تابعين لحركتي الجهاد الإسلامي وحماس، بزعم أنها تتلقى تمويلاً من إيران.
وقال مسؤول فلسطيني بحسب الموقع إن "هذه العملية تشكل لحظة حاسمة بالنسبة للسلطة الفلسطينية".
المخاوف من تأثيرات ما جرى في سوريا
قال مسؤولون فلسطينيون وأميركيون إن القيادة الفلسطينية شنت العملية خوفا من أن يحاول مقاومون ـ تشجعوا بعد سيطرة الثوار على سوريا ـ الإطاحة بالسلطة الفلسطينية.
وذكر الموقع أن ما يحرك الأخبار هو أن الوضع الأمني في جنين يتدهور منذ شهور مع ضعف سيطرة السلطة الفلسطينية تدريجياً. فقد سيطر مقاومون على مخيم جنين للاجئين منذ أكثر من عام، وامتنعت قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية عن دخوله.
وفي الأسبوع الماضي، حاولت قوات الأمن الفلسطينية اعتقال عدد من مقاومي حركتي الجهاد الإسلامي وحماس الذين سيطروا على مركبات لقوات الأمن الفلسطينية واستخدموها في عرض في مخيم اللاجئين.
وفشلت محاولة الاعتقال بعد اندلاع اشتباكات بين المسلحين وقوات الأمن الفلسطينية.
وخلال الـ72 ساعة الماضية، أرسلت قوات الأمن الفلسطينية أعداداً كبيرة من القوات إلى جنين، حيث حاصرت المخيم وبدأت بمداهمته.
واستشهد ثلاثة مقاومين على الأقل بينهم قيادي من حركة الجهاد الإسلامي، وأصيب نحو عشرين آخرين، كما استشهد مدني واحد على الأقل برصاص قوات الأمن الفلسطينية.
وقال المسؤول الفلسطيني ومسؤول أميركي إن مقاطع فيديو للاستعراض للمقاومين والتي تم تداولها على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، أذهلت قيادة السلطة الفلسطينية في رام الله.
غضب وتهديد عباس
أمر الرئيس محمود عباس قادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية بشن عملية في جنين والسيطرة على المخيم.
قال المسؤول الفلسطيني والمسؤول الأميركي إن عباس أبلغهما بعد أن أبدى بعض رؤساء الأجهزة الأمنية تحفظاتهم بأن من يخالف أوامره سيتم فصله.
وقال مسؤولون فلسطينيون وأمريكيون إن مساعدي عباس أطلعوا إدارة بايدن ومستشاري الرئيس المنتخب ترامب مسبقًا على العملية. وقال المسؤول الفلسطيني إن منسق الأمن الأمريكي الجنرال مايك فينزل التقى برؤساء الأمن الفلسطينيين قبل العملية لمراجعة تخطيطهم.
وقال المسؤول إن السلطة الفلسطينية أعطت فينزل قائمة بالمعدات والذخائر التي تحتاجها قوات الأمن الفلسطينية بشكل عاجل. ويتعين على "إسرائيل" الموافقة على أي مساعدة عسكرية للسلطة الفلسطينية.
وذكر المسؤول الفلسطيني أن المقاومين في جنين، أفضل تسليحاً وتجهيزاً من قوات الأمن الفلسطينية، زاعما أنه "لو كانت قوات الأمن الفلسطينية تمتلك الأسلحة الكافية لكانت العملية انتهت بالفعل".
وقال مسؤولون فلسطينيون وأمريكيون وإسرائيليون إن فينزل والسفير الأمريكي في "إسرائيل" جاك لو ومسؤولين آخرين في إدارة بايدن طلبوا من الإسرائيليين الموافقة على التسليم العاجل للذخيرة والخوذات والسترات الواقية من الرصاص وأجهزة الراديو ومعدات الرؤية الليلية وبدلات التخلص من المتفجرات والسيارات المدرعة.
وبحسب مسؤولين فلسطينيين وأمريكيين فإن الإسرائيليين وافقوا على الشحنة عندما تم تقديم طلب بها لأول مرة العام الماضي، لكن الحكومة الإسرائيلية جمدتها بعد هجوم طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وطلبت إدارة بايدن أيضًا من الحكومة الإسرائيلية الإفراج عن بعض عائدات الضرائب للسلطة الفلسطينية التي جمدتها حتى تتمكن السلطة من دفع رواتب قوات الأمن الفلسطينية.
وقد عقد المجلس الوزاري الأمني المصغر الإسرائيلي، الأحد، اجتماعا لبحث الوضع الأمني في الضفة الغربية.
أهداف عباس من الحملة في جنين
قال مسؤولون فلسطينيون وأمريكيون إن عباس أمر بتنفيذ العملية لسببين رئيسيين - إرسال رسالة إلى إدارة ترامب القادمة مفادها أن السلطة الفلسطينية شريك موثوق به، ومحاولة منع ما حدث في سوريا من الحدوث في الضفة الغربية.
وأضاف مسؤول فلسطيني "كان الأمر متعلقا بسوريا. وكان عباس وفريقه قلقين من أن ما حدث في حلب ودمشق قد يلهم الجماعة الإسلامية الفلسطينية".
وقال المسؤول الفلسطيني إن مصر والأردن والمملكة العربية السعودية تدعم العملية في جنين لأنها لا تريد أن ترى "نمط الإخوان المسلمين أو سيطرة ممولة من إيران" على السلطة الفلسطينية.
وزعم المسؤول الفلسطيني "إنها لحظة محورية بالنسبة للسلطة الفلسطينية - إما أن تتصرف كدولة تقول إنها هي أو تعود إلى كونها منظمة مسلحة".
وقد استنكرت الفصائل الفلسطينية حملة الأجهزة الأمنية الفلسطينية على مدينة جنين ومخيمها، التي تلاحق فيها المقاومين والمطلوبين لجيش الاحتلال الإسرائيلي، داعية للوحدة والجلوس على طاولة الحوار الوطني.
كما دعا مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية، القيادة السياسية والأمنية الفلسطينية إلى وقف العملية الأمنية في مدينة جنين ومخيمها فوراً، والذهاب إلى حوار وطني جاد ومسؤول بشكل عاجل.