لا زالت هذه الحرب القاسية تفجعنا كل يوم برحيل جديد، وبغصةٍ تُبقي بعدها حسرةً وعَبرةً، لكن هذه المرة كان الوقعُ مغلَّفاً بالحزن، عكس طبيعة "ولاء" التي كانت تُزيِّن الكلمات وتُغلِّف الهدايا، وتترك بصمتها في المناسبات السعيدة في بيوت أهالي قطاع غزة، لكنها الحربُ وفاجعةُ الموت من جديد(..)
الكاتبة والفنانة ولاء الإفرنجي صاحبة محل "سربرايز كومباني" لصناعة وتغليف الهدايا للمناسبات السعيدة بمنطقة الرمال وسط مدين غزة، تلتحق بركب الشهاء هي وزوجها في غارةٍ غادرة استهدفت منزلاً في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.
وأفادت مصادر طبية اليوم الأربعاء، بوصول الشهيدة ولاء جمعة الإفرنجي وزوجها أحمد سلَّام وشقيقته إلى مستشفى الأقصى، بعد قصف إسرائيلي استهدف منزلاً الليلة الماضية في مخيم النصيرات.
بداية الطريق..
بدأت الفنانة "الإفرنجي" رحلتها مع الكتابة برواية حملت عنوان "مزاج مرسل"، قبل أن تنتقل من الكتابة على الورق، إلى الكتابة على الأحجار والكؤوس والخشب وتحويلها إلى سلاسل وخواتم ومُعلَّقات، ومُغلفَّات للهدايا والمناسبات السعيدة.
ومع اندلاع الحرب الإسرائيلية الشعواء على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023، فقدت "الإفرنجي" مصدر رزقها في منطقة الرمال، وذلك بعد عمليات النزوح المتكررة التي كان آخرها إلى مخيم النصيرات، وبسبب التوغل البري الإسرائيلي في منطقة عملها.
وشاركت "الإفرنجي" على صفحتها على منصة إنستغرام، عودتها الأولى لتجهيز الهدايا بعد عام من الحرب، ذكرت فيها:
"بعد التفتيش الطويل عن أقلامٍ وأوراق، وبعد التفكير المرهق في كيفية توصيل الطلبيات، أمسكتُ القلم بعد انقطاع طويل وكأني أتعرف على شيء جديد، كتبتُ وكتبتُ ولم يُخلق شعور في الحرب كالذي أحسست، وجدتُ نفسي من جديد وشعرتُ براحة غامرة، فكان أول طلب أصنعه بالحرب بلُغةِ الحُب، كما شاءَ مَن طَلب".
ولرحيل "ولاء" وقعٌ مختلف على قلوب محبيها وزبائنها الذين تركت لهم بصمةً مميزة في مناسباتهم السعيدة، وتعاملاتها الراقية معَ كل زائر، فكيف تُغلَّف كلمات الفقد أمام فاجعة الموت؟
وترصدُ "وكالة سند للأنباء"، بعضاً من عبارات الوداع التي خطَّها مُحِبُّو "ولاء" بعد تلقيهم نبأ استشهادها:
رجل الأعمال منير الجاغوب، نقل عن إحدى النشطاء حول استشهاد ولاء":" تغلق ولاء باب السعادة في غزة فمن سيصنع لنا السعادة بعدها، ذبحتينا يا ولاء أنت وأحمد من الوريد للوريد".
أما الكاتب محمود جودة، فقد كتب على صفحته الشخصية في فيسبوك:"موت ولاء فيه إعلان عن قتامة قادمة لا محالة، كانت ولاء من أجمل الورود في حديقة غزة الكبيرة، وبفقدها هي وأترابها من آلاف الأسماء، سندخل وتدخل غزة في جفاف طويل وشكوى من وجع في المبسم والابتسامة".
وكتبت "الإفرنجي" قبل رحيلها: