الساعة 00:00 م
السبت 03 مايو 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.78 جنيه إسترليني
5.08 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4.07 يورو
3.6 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

حرب ومرض ونزوح.. أوجاع أثقلت المسن خليل الجاروشة فقتلته

حجم الخط
معاناة المرضى في غزة.jpeg
غزة- وكالة سند للأنباء

تجتمع أشكال العذاب في غزة، لكنها اجتمعت على المسن خليل الجاروشة (57 عامًا) دفعة واحدة، بعد أن تجرع ألم المرض والجوع والنزوح والخوف، حتى فارق الحياة بعيدًا عن عائلته التي فرّقه الاحتلال عنها عنوة.

كان "الجاروشة" أحد مرضى الكلى الذين يتلقون العلاج في مستشفى الشفاء في شمال غزة، وكان يضطر للخروج للمستشفى لغسيل الكلى رغم اشتداد أهوال الحرب، حتى جاء اليوم الذي لم يكن يعلم أنه سيكون الفارق بحياته، وآخر عهده بعائلته في شمال القطاع.

عن تفاصيل ما جرى مع الجاروشة، يقول نجله علي: "في يوم السبت 10 نوفمبر/ تشرين الثاني، اقتحم جيش الاحتلال مستشفى الشفاء بمدينة غزة للمرة الأولى، في ذات اليوم الذي توجهت فيه مع والدي للمشفى ليقوم بغسل الكلى كما اعتاد"، مشيرًا إلى أن والده يغسل الكلى منذ 7 أعوام، 3 مرات في الأسبوع بسبب تردي حالته الصحية.

يكمل "علي" حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "احتجزنا جيش الاحتلال مع باقي المرضى لمدة 15 يوما، منعوا عنه فيها الغذاء والماء والدواء".

ويسرد: "تدهورت حالة والدي بسبب الإهمال الطبي ومنعه من العلاج، وخلال احتجازنا هدد جنود الاحتلال بإعدام جميع المرضى داخل قسم الكلى بمجمع الشفاء الطبي، حيث أطلق جنود الاحتلال الكلاب تجاه أبي وجميع المرضى، ما أدى لتعرضه لذبحة صدرية".

ويردف: "بعدما حقق جنود الاحتلال مع مرضى الكلى الذين كانوا في القسم، طالبت جنود الاحتلال بطبيب ليفحص والدي الذي اختلفت ملامحه وبدأ يتعرق ويسعل بشكل كبير، ولكنهم اكتفوا بفحصه سريعا وإعطائه حبة تحت اللسان ليخففوا من أثار الذبحة فقط".

نزوح قسري..

بعد 15 يوما من التحقيق القاسي والتجويع، وتفجير أقسام مجمع الشفاء الطبي أجبر جنود الاحتلال المرضى للنزوح جنوبا في حافلات، ومن ضمنهم المريض "الجاروشة" ونجله علي، تاركين خلفهما عائلتهما بغزة.

وصل المسن الجاروشة، بحالة يرثى لها لمستشفى أبو يوسف النجار بمدينة رفح، وعن ذلك يحدثنا نجله": تم إجراء غسيل كلى عاجل لوالدي، إثر تدهور وضعه الصحي وسوء التغذية خلال الـ15 يوما التي قضاها بمجمع الشفاء الطبي".

ويستطرد "ضيف سند": "مكث والدي 5 شهور في مدينة رفح قضاها يتألم متنقلاً بين أقسام مستشفى أبو يوسف النجار، يغسل الكلى تحت أهوال الحرب، حتى اقتحم جيش الاحتلال المدينة واضطررنا للنزوح لمدينة دير البلح وسط قطاع غزة".

مكث المريض الجاروشة، شهرين كاملين على درج مبنى الإدارة بمستشفى شهداء الأقصى، حيث لا رفيق له ولنجله علي سوى البرد والجوع والمطر، حيث كانت أقصى أمنياته أن يعود لبيته وزوجته وأولاده، إلى أن انتقل لخيمة بجانب المستشفى.

ويروي لنا نجله "علي" ورفيقه في نزوحه ومرضه: "أثرت طبيعة الغذاء على صحة والدي، لم يكن يتناول في أيامه الأخيرة سوى الزعتر والدقة، لعدم توفر الخضار والفاكهة بسبب منع الاحتلال من إدخالها".

وعن آخر ليلة له يخبرنا: "فجر الخميس 5/12/2025، طلب مني والدي أن أبقى مستيقظا بجواره، جفاه النوم وكان يوصيني دير بالك على أمك وأخواتك وعائلتك، وبعدها صعدت روحه لخالقها تشكو ألما وجوعا وموتا غريبا عن الأهل".

ويقول بألم وحسرة: "توفي والدي بسبب سوء التغذية والعلاج، والحرب المستمرة على قطاع غزة منذ أكثر من عام، بعيدًا عن العائلة بعد أن عانى من مرضه وظروف النزوح القاسية".

ومنذ بدء الحرب على قطاع غزة قبل أكثر من 15 شهرًا، تفاقمت معاناة مرضى غسيل الكلى في قطاع غزة؛ بسبب النقص الحاد بالأدوية والمستلزمات الطبيّة وخروج غالبية المستشفيات عن الخدمة، في ظل الاستهداف الإسرائيلي المتعمد للقطاع الصحي.

وأُجبرت الآلاف من الحالات المرضية على النزوح من محافظتي غزة والشمال، إلى مناطق جنوب القطاع بادعاء أنها "آمنة" لكنهم اصطدموا بواقعٍ مأساوي للغاية هدد حياتهم بشكلٍ حقيقي.

ولليوم الـ 468، تواصل "إسرائيل" حربها وارتكاب المجازر الوحشية في قطاع غزة، وسط ترقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار ظهر الأحد القادم، بعد إعلان قطر إتمام الاتفاق مساء أمس الأربعاء.