قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الامريكية إن دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إخلاء غزة وتهجير سكانها يهدد كل استقرار الشرق الأوسط ويؤثر على دبلوماسية المنطقة.
وذكرت الصحيفة أن دعوة ترامب تمثل تحولاً كبيراً في السياسة الأمريكية تجاه الفلسطينيين تحت إدارة رؤساء من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
إذ لم تقترح أي إدارة أمريكية حديثة “رحيل طويل الأمد” للفلسطينيين من غزة، التي اعتبرها معظم الرؤساء الأمريكيين جزءاً من دولة فلسطينية مستقبلية.
وقال ترامب عن غزة: “إنها الآن موقع دمار حرفياً. لذا، أفضل أن أتعامل مع بعض الدول العربية لبناء مساكن في مكان مختلف، حيث يمكنهم ربما العيش في سلام للمرة الأولى.”
لكن يوم الأحد، اقترح مسؤولون في إدارة ترامب أن تقدم الولايات المتحدة وشركاؤها الإقليميون ضمانات للسماح للفلسطينيين بالعودة في نهاية المطاف، مما يشير إلى تقديم ضمانة تهدف إلى جعل الفكرة أكثر قبولاً سياسياً للدول العربية.
ولم يتم تحديد معايير الاقتراح بشكل دقيق بعد، بما في ذلك كيفية نقل أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع، وما إذا كانوا سيحققون في نهاية المطاف طموحاتهم لحكم أراضيهم بالكامل.
وقال ترامب: “نحن نتحدث عن مليون ونصف شخص، ونقوم بتنظيف كل ذلك”. وأضاف: “لقد شهدت هذه المنطقة العديد من النزاعات عبر القرون. ولا أعلم، يجب أن يحدث شيء ما.”
ردود فعل رافضة
أبرزت الصحيفة أن الأردن ومصر رفضتا اقتراح ترامب بشكل قاطع بعد أن حثهما الرئيس الأمريكي على قبول لاجئين من غزة مؤقتاً أو على المدى الطويل.
كما نبهت إلى موقف حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الرافض لأي تهجير للفلسطينيين، ومطالبتها الإدارة الأمريكية بوقف مثل هذه المقترحات "التي تتماشى مع الخطط الإسرائيلية وتتناقض مع حقوق وإرادة شعبنا الحرة".
في المقابل، أشاد السياسي اليميني الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير بالفكرة، مشيراً إلى تأييده “لهجرة طوعية” للفلسطينيين من القطاع ودعمه لتوسع المستوطنات الإسرائيلية هناك.
تحديات هائلة
لم يقدم ترامب خريطة طريق واضحة لتحقيق السلام في غزة إذا تم تمديد وقف إطلاق النار إلى ما بعد المرحلة الأولى البالغة 42 يوماً، بينما يسعى لإقامة علاقات تطبيع بين دولة الاحتلال الإسرائيلي والسعودية.
وقد تصاعدت المخاوف بشأن هشاشة وقف إطلاق النار على الجبهة اللبنانية، مما يجعل تدخل ترامب في صنع السلام في الشرق الأوسط أكثر تعقيداً.
وقال جون ألترمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: “إنه افتتاح مثير للاهتمام، لكن من الصعب تخيل حصوله على زخم كفكرة.”
وأضاف: “بالتأكيد سيثير ذلك قلقاً عميقاً في مصر والأردن، وبين حلفائهم في الخليج العربي، وكذلك الحكومات الأوروبية التي تهتم بالاستقرار في مصر والأردن إلى جانب حقوق الفلسطينيين.”
وقد اعترف ترامب الأسبوع الماضي بأنه “غير واثق” من إمكانية الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة. وقال للصحفيين: “هذه ليست حربنا؛ إنها حربهم.”
ومع ذلك، سارع ترامب إلى نسب الفضل لنفسه في تحقيق وقف إطلاق النار الأولي في غزة.
وقد حذر مسؤولون من أن كسب دعم الدول العربية للخطة سيكون صعباً، خاصة بعد دعم اليمين المتطرف الإسرائيلي للاقتراح.
وأشار أحد المسؤولين الأمريكيين السابقين إلى أن قبول مصر والأردن لعدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين كان “خطاً أحمر” قبل أزمة غزة، ولا يزال كذلك الآن.
وقال مفاوض سابق للسلام الإسرائيلي-الفلسطيني إن الفكرة تُعتبر حلماً لبعض المتطرفين في دولة الاحتلال الإسرائيلي، لكنها غير واقعية من الناحية العملية.