قالت صحيفة الإندبندنت البريطانية إن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتهجير سكان قطاع غزة تفتقد لأي دعم إقليمي مع إبراز أنها تمثل تطهيرا عرقيا وجريمة ضد الإنسانية.
وأبرزت الصحيفة مواصلة ترامب الدفع بخطته للسلام في الشرق الأوسط: الإبعاد غير القانوني لأكثر من مليوني فلسطيني من قطاع غزة ، وهو عمل من المرجح أن يعتبر تطهيرًا عرقيًا بموجب القانون الدولي.
وذكرت الصحيفة أنه خارج غرف الاجتماعات حيث يجتمع نخبة عالم ترامب الآن في واشنطن العاصمة، بدا أن بعض الخبراء يعتقدون أنه لن يتم حتى محاولة القيام بذلك بشكل جدي.
وقد أصر الرئيس الأميركي على أن الفلسطينيين في غزة لم يعودوا يريدون العيش هناك، وزعم أن "الحضارة" تم القضاء عليها تماما في المنطقة بسبب الهجوم الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من 15 شهرا.
وقال ترامب يوم الثلاثاء "لقد شاهدت كل الموت والدمار في غزة لفترة طويلة. لقد تم القضاء على حضارة في غزة".
صدمة ورفض صريح
نبهت الصحيفة إلى أن رد الفعل في أوروبا والشرق الأوسط على خطة ترامب لـ"امتلاك" الولايات المتحدة لقطاع غزة كان مزيجًا من الصدمة والرفض الصريح.
إذ أصدرت الدول العربية، التي كانت تدفع من أجل حل الدولتين حتى قبل أن ترى إدارة بايدن أنه الهدف الأخير لاتفاقية السلام، جولة من الإدانات التي تستهدف أي محاولة لتهجير الفلسطينيين من غزة.
ويشمل ذلك مصر، التي رفضت استقبال آلاف اللاجئين الفلسطينيين خلال رئاسة بايدن (مستشهدة بمخاوف من انتشار الصراع)، والأردن.
وأعلن الملك الأردني عبد الله الثاني أن بلاده ستستقبل نحو 2000 طفل فلسطيني يحتاجون إلى رعاية طبية فورية، لكنه يظل يعارض التهجير القسري واسع النطاق للفلسطينيين. ومثلها كمثل دول أخرى، نددت الحكومة الأردنية بالخطة باعتبارها انتهاكا للقانون الدولي.
وقالت الصحيفة إن معارضة الأردن ومصر، والتي تدعمها الأمم المتحدة والعديد من الدول الأخرى، هي مجرد أحد الأسباب التي تجعل قِلة من الناس خارج الدائرة الموالية لترامب يعتقدون أن خطته لها أي مستقبل.
وعلقت المحامية الفلسطينية الأمريكية في مجال حقوق الإنسان نورا عريقات على خطة ترامب "هذا أمر سخيف للغاية. إنه أمر يفوق الخيال - لا يمكنك اقتلاع شعب من أرضه. هذا هو حجر الزاوية في القانون الدولي الحديث".
وقالت عريقات في إشارة إلى تقرير لصحيفة (تايمز أوف إسرائيل) في عام 2023 يشير إلى أن بايدن أبلغ بنيامين نتنياهو بأن مصر رفضت مثل هذه الخطة: "اقترح بايدن هذا أيضًا، لكن المصريين ردوا بقوة وقالوا، "لا توجد طريقة لاستيعابهم في سيناء". وبالتالي تم التخلي عن هذه الخطة".
وتابعت "بصراحة، لا أتعامل مع اقتراح ترامب بجدية، كنني أعتقد أنه لا يزال ضارًا".
واتهمت عريقات الإدارةالأمريكية بتقويض نفس المؤسسات العالمية، بما في ذلك مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية، والتي قالت إنه كان ينبغي تمكينها من منع خطة ترامب لتهجير سكان غزة بالقوة.
وقد رفض آخرون في مجال السياسة الخارجية تحدثوا إلى صحيفة الإندبندنت خطة البيت الأبيض التي وضعها ترامب بشأن غزة.
حتى ماركو روبيو ، وزير خارجية ترامب، لم يستطع أن يقنع نفسه بتقديم تأييد كامل لإخراج أكثر من مليوني شخص من غزة، ووصفها بأنها "خارج الصندوق" لكنه تجنب الدفاع عنها باعتبارها استراتيجية واقعية وجادة.
وقد استخدمت منظمة هيومن رايتس ووتش لغة مختلفة عندما قالت عن الخطة الأسبوع الماضي: "إن القانون الإنساني الدولي يحظر التهجير القسري الدائم لسكان الأراضي المحتلة. وعندما يتم تنفيذ مثل هذا التهجير القسري بنية إجرامية، فإنه يشكل جريمة حرب. وإذا تم تنفيذه كجزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي على السكان المدنيين، يعكس سياسة الدولة، فإنه يشكل جريمة ضد الإنسانية".
وتوقع مسؤول كبير في إحدى المنظمات غير الحكومية الإسلامية الكبرى النشطة في مختلف أنحاء العالم العربي لصحيفة الإندبندنت أن خطة الرئيس الأميركي لن تجد أي دعم بين الزعماء في المنطقة.
وأضاف المسؤول أن الخطة تشكل خطرا ثانيا وهو نسف اتفاق وقف إطلاق النار الهش في قطاع غزة.
ويحذر مراقبون وسياسيون من أن الرئيس الأميركي أعطى الضوء الأخضر لقادة استبداديين في مختلف أنحاء العالم لتنفيذ عمليات التهجير القسري للسكان المدنيين بحيث أن "الجني خرج من القمقم، والآن أصبح التطهير العرقي خياراً سياسياً، وليس جريمة ضد الإنسانية".