الساعة 00:00 م
الجمعة 06 يونيو 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.74 جنيه إسترليني
4.93 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4 يورو
3.49 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

ذاكرة العيد تحلّ ضيفة في الخيام والمائدة مجرّد حنين

النساء الحوامل في الحرب.. مواجهة يومية مع نقص الغذاء وتهديد مستمر للحياة

أُمنيةٌ واحدة..

بالفيديو في عمر الزهور.. أطفال غزة يُقاسون الحياة بجسد بُتِرت إحدى أطرافه

حجم الخط
طفولة مبتورة
غزة - فاتن عياد الحميدي - وكالة سند للأنباء

أطفال في مقتبل العمر يواجهون رُعبَ الحياة بجسد هزيل بُترت إحدى أطرافه أو جميعها، بعد أن التهمت الحرب الإسرائيلية بعضاً من أجسامهم الرقيقة؛ والكثير من أحلامهم وآمالهم؛ مخلفةً لهم عصاً يتكئون عليها وعشرات الجراح التي لا تندمل.

ما أقساها من كلمات عالقة في حنجرة الطفلة شهد طافش تُحاول أن تُعبِّر بها فتسبقها دمعة سيالة وصوت يرتجف: "عادي تروح رجليَّ بس ياريت ضلت أمي، أمنيتي أركب طرف وترجع حياتي مثل أول".

تُعيدنا الطفلة "شهد" إلى لحظة الغدر الإسرائيلية التي استهدفت مدرسة العائلة المقدسة في مدينة غزة، هذه المدرسة التي تضم عشرات العائلات النازحة فيها حتى هذه اللحظة، ممن فقدوا بيوتهم وأماكن إيوائهم بفعل حرب الإبادة على القطاع.

وكحال "شهد" كل صباح، كانت تقف تُهندِم نفسها وتغسل أسنانها في محاولة منها أن تُعيد لنفسها جزءاً من حياتها الطبيعية، وما هي إلا لحظات حتى أوقف صاروخ إسرائيلي هذا الصبح، وأخذ معه الكثير(..)

"ما سمعت صوته"..

"نزل الصاروخ وما سمعت صوته"، تستذكر "شهد" لحظات الاستهداف الأولى، حيث وجدت نفسها "تطير إلى أبعد مدى" من شدة القصف" وترتطم بالحائط قبل أن تهوي على الأرض.

وتكمل "شهد" لـ"وكالة سند للأنباء"، "لقيت حالي عايشة وما متت، صرت أتشاهد"، لكنها لم تكن تعلم أن الحياة لن تكون كما السابق، ولم تكن تعلم أنها على موعد مع "أقسى أنواع الفقد"، وتغيير مجرى الحياة.

لم تعلم ضيفتنا أن ساقها ستُبتر، لكنها -كما حدثتنا- كانت تشعر بـ"السخونة والحرقان" في مكان إصابتها، داعيةً أن تكون جرحاً بسيطاً إن احتاج شيئاً لا يكون إلا "تركيب بلاتين" كأخف الأضرار عليها.

وبعد وقتٍ ليس بالقصير، تمكنت طواقم الإسعاف من انتشال "شهد" بعد الاستهداف، وما هي لحظات حتى أدركت الطفلة الصغيرة أنها على موعد مع حالة "بتر" لساقها(..)

وبدموع عينيها وعَبْرة تخنقُ صوتها البريء تستكمل "شهد" حديثها:" حياتي تغيرت 50%، صرت ما أعمل شيء غير بمساعدة أحد، وهو ما يُحز بخاطري كثيراً، أصبحت أشعر بالعجز قليلاً وأنا في ريعان الشباب ومقتبل العمر".

"تروح رجلي وتبقى أمي.."

لم يكن هذا المُصاب الأول لـ"شهد"، فقد أُصيبت شقيقتها في قصف إسرائيلي سابق على المدرسة نفسها تسبب لها بنزيف في الدماغ، وما هي إلا أشهر حتى استهدفت المدرسة المذكورة، فكانت العائلة على موعد جديد مع الفقد(..)

"تروح رجلي واتضل أمي"، لم تفقد "شهد" قدمها فحسب، لكنها نزعت منها أغلى ما تملك "أمها"، التي ارتقت شهيدة في الاستهداف نفسه؛ ليترك فراقها حسرة كبيرة في قلب عائلتها وابنتها "شهد".

وتتمنى شهد كغيرها من مئات الأطفال الذين أفقدتهم الحرب الإسرائيلية جزءاً من أجسادهم بتركيب أطراف صناعية، والعودة إلى حياة شبيهة بالطبيعية؛ لتسير في مستقبلها دون إعاقة أو نقص.

وتجدد دعوتها إلى العالم أجمع بتوقف الحرب بشكل نهائي، دون أن يرجع الدمار والخوف، وأن تعود الحياة إلى غزة كما كانت.

طفولة مبتورة..

لكن مأساة الطفولة المبتورة لا تنتهي، وتزداد بؤساً يوماً بعد يوم بأشكالها كافةً، أمام زهرات أفقدتهم الحرب الإسرائيلية أدنى حقوقهم، فكيف إذا سلبتهم قدماً يمشون بها، أو أي جزءٍ من أجسادهم الصغيرة.

الطفل إسلام الفيراني، أحد الناجين من قصف إسرائيلي على منزلهم شمال قطاع غزة خلال أشهر الحرب، لكن جرحاً غائراً مغروزاً في قلبه، بعد بتر قدمه جراء إصابته بشظية إسرائيلية.

يقول الطفل "إسلام" لـ"وكالة سند للأنباء"، إنه أصيب في استهداف منزلهم في مدينة غزة، حيث بقي ساعتين تحت الركام دون أن تستطيع طواقم الدفاع المدني إخراجه.

وبصوت متحشرج ودمعة طفل بريء، يتمنى "إسلام"، أن يحظى بطرف اصطناعي، وتعود حياته لما كانت عليه، إذ باتت أسمى أمنياته أن يعود للعب كرة القدم مع إخوته، وأن يسبح مرةً أخرى.

بدورها، تُعيدنا والدة الطفل "إسلام" إلى ساعات الاستهداف قائلةً: "إن جيش الاحتلال استهدف منزلنا المكون من 4 طوابق، وأُصبت أنا وعائلتي المكونة من 9 أفراد، كذلك أخت زوجي وجميع من كانوا في البيت".

وتشير إلى أن حالتها الصحية كانت حرجةً بادئ الأمر، ثم أخذت تستقر يوماً بعد الآخر، لتكتشف أن نجلها "إسلام" قد بُترت قدمه.

وتتابع بدمعة جُمِّدت في عينيها" سألني إسلام وين رجلي يما؟ قلتله راحت يما من اليهود".

وتشير إحصائيات رسمية محلية ودولية إلى أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تسببت بأكثر من 11 ألف حالة بتر أطراف، من بينها 4 آلاف حالة بتر في أوساط الأطفال، لا تتوفر لهم أطراف صناعية ومتطلبات العلاج اللازمة في القطاع المحاصر.

وشنت قوات الاحتلال الإسرائيلي بدعم أمريكي حرباً مسعورة على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023 أتت على البشر والحجر، مُسفرةً عن 48 ألفًا و291 شهيدًا، إلى جانب 111 ألفًا و722 إصابات بجروح متفاوتة.