حذر عميد الأسرى المحررين الفلسطينيين نائل البرغوثي، من مخططات التهجير الجديدة التي تستهدف مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، مؤكدًا أنّها امتداد لمحاولات التهجير التي بدأت 1948 ومقدمة لتطهير عرقي تنوي "إسرائيل" تنفيذه في الضفة والقدس والداخل المحتل.
ويشن جيش الاحتلال عدوانًا عسكريًا في شمال الضفة الغربية منذ أسابيع، بدأت في مخيمات اللاجئين، ثم توسعت لتشمل مناطق أخرى، ويعد هذا العدوان الأطول والأكثر تدميرا منذ الانتفاضة الثانية عام 2000.
وقد أسفر عن أكبر موجة نزوح فلسطيني في الضفة الغربية منذ عام 1967، حيث أجبر الاحتلال نحو 40 ألف شخص على النزوح قسرا من منازلهم.
ورأى البرغوثي في مقابلة خاصة مع "وكالة سند للأنباء" اليوم الأحد، أنّ تهجير المخيمات سيعقبها تهجير القرى والبلدات المحيطة بالمستوطنات الإسرائيلية؛ ليسلب الاحتلال ما قيمته 60% من مساحة الضفة؛ وإحالة المناطق المتبقية لـ "كانتونات" مغلقة ومتفرقة.
وإذا نجح الاحتلال في ذلك؛ فهذا يعني _ من وجهة نظره_ أن الاحتلال سيمضي قدمًا ليسلب الجزء الأكبر من مناطق وقرى القدس تحديدا في الجزء الشرقي، مع استمرار تهجير سكانها، ثم الانتقال لفلسطينيي الداخل المحتل.
واعتبر ذلك مقدمات لحسم الوجود الديمغرافي الإسرائيلي فيما يسمى بـ "إسرائيل الكبرى" التي تستهدف السيطرة على كامل الأرض الفلسطينية؛ فيما تُعرف إسرائيليًا بـ "حرب البيت الثانية"، والتي يقصدون بها تهجير الفلسطينيين بالكامل؛ وإقامة دولتهم المزعومة على أنقاض الوجود الفلسطيني.
"هل يُمكن أن تنجح هذه المخططات؟"، أكد البرغوثي في إجابته على سؤالنا أنّها "لن تمر طالما أن جيل النكبة ومن خلفهم من الأجيال المتعاقبة لا يزالون يتمسكون بحق العودة إلى ديارهم وقراهم التي هُجّروا منها".
لكنّه نبّه إلى أنّ الوضع الحالي يتطلب وقفة وطنية متضامنة مع أهل المخيمات، بعيدًا عن المناكفات الحزبية، مؤكدًا أن الوحدة الفلسطينية هي السلاح الأقوى لمواجهة هذه المخططات.
وتابع نائل البرغوثي: "يجب أن يتوحد الفلسطينيون خلف أهل المخيمات، حتى لا يشعروا أنهم وحدهم في مواجهة مخططات الاحتلال العنصرية، مشيرًا إلى أنّ دور اللجان الشعبية في المخيمات أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى.
ويعتقد أنّ"دور اللجان اليوم يجب أن يشمل ما يلزم منتقديم الدعم والمساعدات والخدمات الأساسية، بالإضافة إلى توعية الناس وتثبيتهم في مخيماتهم حتى العودة.
وشدد البرغوثي: "نحن اليوم أمام مصير واحد، وإذا لم نتكاتف ونتجاوز الخلافات التنظيمية، فإننا سنواجه مصيرًا أكثر قسوة مما عاناه آباؤنا بعد عام 1948".
وبين أن شعبنا اليوم أكثر وعيًا مما كان عليه في السابق، وأنه قادر على إفشال هذه المخططات كما أفشل محاولات التوطين في سيناء أو نقل مخيمات لبنان إلى كندا؛ متابعا: "هذا مشروع خطير لا يمكن أن يقبله أي فلسطيني أو عربي".
وأردف: "نحن ندفع الآن ثمن الحرية، ولن نكون أقل من الأمم الأخرى التي حاربت من أجل استقلالها(..) خمسة ملايين فرنسي خرجوا من الجزائر صاغرين بعد أن قدم الشعب الجزائري تسعة ملايين ونصف شهيد؛ هذه التضحيات هي التي تصنع التحرر".
وشددّ على أن ما يسمى باليوم التالي؛ سيكون فلسطينيًا بامتياز؛ يصطف فيهالجميعبرؤية سياسية ووطنية موحدة مبنية على ما تقدمت به المقاومة في السابع من أكتوبر (طوفان الأقصى)، مضيفًا: "أنّ فلسطين فيها متسع للجميع؛ وسياسة الإقصاء لا تبني وطنا؛ والجميع اليوم مطالب بالانخراط في المواجهة؛ فالاحتلال لم يترك لنا خيارا دونها".
وحول سلوك الاحتلال بالتنصل من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة، أشار البرغوثي إلى أن التاريخ أثبت ديدن "إسرائيل" بالغدر وأنها ولا تستجيب إلا عبر أساليب القوة والضغط، مؤكدًا أن "الاحتلال لن ينفعه لا (دونالد) ترامب ولا أوروبا، بل سيواجه صمودًا فلسطينيًا يخلّده التاريخ".
واختتم حديثه بالتأكيد على أن الشعب الفلسطيني يمتلك الإرادة التي ستُفشل كل مخططات الاحتلال، وسيبقى صامدًا كما كان دائمًا، رغم كل المحاولات لاقتلاعه من وطنه.