الساعة 00:00 م
الإثنين 05 مايو 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.76 جنيه إسترليني
5.06 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4.05 يورو
3.59 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

الاحتلال يمنع إدخال الحليب.. موت آخر يُطارد أرواح 3500 طفل في غزة

غالبيتهم أطفال.. 57 فلسطينيًا لفظوا أنفاسهم بسبب سياسة التجويع بغزة

الرضيعة جنان السكافي ضحية جديدة لسوء التغذية.. تحذير من تداعيات خطيرة لأزمة الجوع بغزة

فلسطينيو العراقيب.. نصف قرن من الصمود في مهب التهجير

حجم الخط
العراقيب
النقب/غزة- وكالة سند للأنباء

لا تنقطع الأخبار الواردة من قرية العراقيب الواقعة في المنطقة الشمالية لصحراء النقب، في ظل تعرضها المستمر لمحاولات الاجتثاث الإسرائيلية والضغط على ساكنيها للرحيل والسيطرة على أراضيهم.

فمنذ عام 1948، يعيش سكان القرية الصحراوية نكبات متتالية بفعل عمليات الهدم المتكررة لمنازلهم، حتى تقلص عددهم منذ عام 2010 من 400 نسمة إلى 87 شخصًا فقط.

وصباح اليوم الأربعاء، هدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، القرية للمرة الـ 238 تواليًا منذ هدمها أول مرة يوم 27 تموز/ يوليو 2010.

وللاقتراب أكثر من واقع الحياة التي فرضت على أهالي قرية العراقيب، ومواجهتهم الدائمة لعمليات الهدم لمنازلهم، التقت "وكالة سند للأنباء"، بعزيز الطوري، وهو نجل شيخ القرية صياح الطوري، الذي أشار إلى أن 22 عائلة تسكن الآن قرية العراقيب، يعيش قسم منهم في سيارات متنقلة، وآخرين في خيام وبيوت مصنوعة من الخشب وقماش اليوتا والنايلون.

ويضيف: "تقلّص عدد سكان العراقيب التي يعود تاريخ تأسيسها إلى عهد العثمانيين، خلال عشر سنوات إلى أقل من الرُبع، منذ المجزرة التي شهدتها القرية عام 1948".

وتقدّر مساحة قرية العراقيب بنحو 100 ألف دونم، معظمها أراضٍ زراعية وتعتبر ملكية خاصة للعائلات الفلسطينية التي سكنتها منذ مئات السنين، وبحوزتها مستندات رسميّة تثبت ذلك قبل قيام دولة الاحتلال.

بيئة طاردة

ويشير الطوري لتعمّد الاحتلال مضايقة وملاحقة أهالي القرية ومصادرة سياراتهم ومحتويات بيوتهم واعتقالهم منذ أكثر من نصف قرن وحتى يومنا هذا، موضحًا أنها أول قرية تهدم بيوتها بالكامل في النقب.

ويتابع: "يحاول الاحتلال تطبيق الفكرة ذاتها على بقية القرى غير المُعترف بها من سلطات الاحتلال، وتهجيرهم من اختبار رد فعل أهالي قرية العراقيب، على ما يفعلونه بها".

وتيمنا وارتباطًا بقريته، قرّر عزيز الطوري، أن يطلق اسم "عراقيب" على إحدى بناته، عندما علم بإحدى عمليات الهدم والتجريف خلال ولادة زوجته.

ومنذ عام 2010، نفذت سلطات الاحتلال 238 عملية هدم وتجريف لخيام القماش وبيوت الخشب، الموجودة في القرية المحرومة من البنية التحتية وأبسط حقوقها المدنية.

ويتهكم "الطوري" قائلا: "ما زاد الطين بلة أن محكمة الاحتلال قضت أن يدفع أهل العراقيب ما يقارب المليون و800 ألف شيكل تعويضاً عن تكاليف هدم سلطات الاحتلال للقرية في المرات الثماني الأولى".

كما أصدرت محكمة الاحتلال عام 2018، قرارًا باعتقال والد عزيز، الشيخ صياح الطوري لعشرة أشهر مع دفع 11 ألف دولار غرامة مالية، كواحدة من أساليب التضييق والضغط عليهم.

وتحوّلت قرية العراقيب لمثال للتحدي على البقاء، فمنذ 1948 وحتى 2010، لم تُهدم قرية بشكل كامل سواها، فيما يصمم أهلها على الصبر والتحدي رغم شح الموارد.

وفي عام 2011، أنشأت شرطة الاحتلال وحدة "يوآف"، بهدف التضييق على البلدات البدوية في النقب، وفق تقرير لمنظمة العفو الدولية في مايو/أيار 2024.

ويذكر "ضيف سند"، أن الاحتلال لجأ لوسيلة أخرى، لتهجير أهل القرية وهي رش أراضيها الزراعية بالمبيدات الكيماوية باستخدام الطائرات، ما اضطر الأهالي للجوء إلى القضاء، ولكن لم يُبتّ فيها حتى اليوم.

مجزرة العراقيب

ووفق الكتاب والمؤرخون الفلسطينيون، فقد شهدت القرية اعتداءات منذ النكبة، بدأت بمنعهم من حراثة أرضهم وحصادها ورعي الغنم، وقتل بعض الأفراد، ثم انتهت بـمذبحة راح ضحيتها 14 من أفراد القرية.

ويحدثنا "الطوري": "كان هناك قائداً عسكرياً إسرائيلياً، يعرف باسم "موشيه خواجا"، يجوب النقب مع مجموعة من مستوطنين مسلحين آخرين، فصادف مجموعة من 14 شخصا من القرية بينهم فتيان وشباب كانوا يعملون في الحقول".

ويستطرد" أجبر المستوطنون المزارعين على ركوب شاحنة، واقتادوهم إلى منزل مهجور، وهناك أعدموهم، وبعدها قاموا بطعنهم بالسكاكين للتأكد من موتهم، كان الهدف زرع الخوف في نفوس الأهالي وترحيلهم".

نزاع قضائي

وفي عام 1951، أجبرت سلطات الاحتلال سكان قرية العراقيب على الرحيل من القرية بحجة إجراء تدريبات عسكرية ستمتد إلى عدة أشهر، وأوهمتهم أنهم بإمكانهم العودة لها حين انتهاء تلك التدريبات.

"عاد سكان العراقيب السكان إلى أراضيهم أكثر من مرة، ولكن سلطات الاحتلال كانت تهجرهم مجددا بحجة التدريبات العسكرية، حاولوا بكل السبل يتحايلو عشان يصادروا الأرض"، يشير "الطوري".

ويوضح: "ما بين عامي 1952 و1953، سجّلت سلطات الاحتلال أراضي العراقيب، ضمن أراضي الدولة، بعد ما أجبروا سكانها على الخروج تحت تهديد التدريبات العسكرية، لكن الاحتلال منح أراضيها في العام التالي لشركة يهودية لفلاحتها".

وعاد أهالي العراقيب إلى أراضيهم في قريتهم منذ التسعينيات، لكن حكومة الاحتلال لم تعترف بها، أسوة بعشرات القرى العربية الأخرى في النقب، ويعني ذلك عدم تزويدهم بالكهرباء أو الماء أو البنية التحتية، ولكنهم مازالوا يصرون على الصمود بأرضهم.