قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن اعتبارات شخصية وسياسية تقف وراء قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استئناف الهجمات العسكرية على قطاع غزة والانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار.
وأبرزت الصحيفة أن الغارات الإسرائيلية المكثفة التي استهدفت المدنيين بشدة في غزة أعادت شبح الحرب إلى القطاع بعد أن أفشل نتنياهو المحادثات غير المباشرة لوقف إطلاق النار.
ونبهت الصحيفة إلى تصاعد الاحتجاجات داخل دولة الاحتلال ضد حكومة نتنياهو على خلفية العودة للهجمات العسكرية على قطاع غزة وتعريض حياة الأسرى الإسرائيليين للخطر، لأنها تُغلق أي فرصة فورية للتوصل إلى اتفاق تفاوضي بشأنهم.
وبحسب الصحيفة يرى معارضو نتنياهو أن العودة إلى الحرب في غزة تهدف بالأساس إلى تقوية وضعه السياسي الداخلي قبيل التصويت الحاسم في الكنيست على ميزانية الدولة الجديدة.
وقاد إيتمار بن غفير، العضو اليميني المتطرف، حزبه للعودة إلى الائتلاف الحكومي، واصفًا العمليات العسكرية بأنها “الخطوة الصحيحة، الأخلاقية، العادلة والمبررة تمامًا”.
كما قال المعارضون إن التصعيد العسكري يهدف إلى تشتيت الانتباه عن خطة الحكومة المثيرة للجدل بإقالة رئيس جهاز الأمن العام الداخلي "الشاباك" رونين بار.
ونقلت الصحيفة عن يائير لابيد زعيم المعارضة الإسرائيلية إن نتنياهو “يستخدم حياة مواطنينا وجنودنا لأنه يرتعد خوفًا منا - من الاحتجاجات الشعبية على إقالة رئيس الشاباك”.
وأبرزت نيويورك تايمز أنه بينما امتنعت الحكومة الإسرائيلية حتى الآن عن تنفيذ غزو بري، تبدو غاراتها الجديدة على غزة محاولة لفرض تنازلات على حركة "حماس" وفصائل المقاومة.
ولفتت إلى أن نتنياهو حصد مكاسب سياسية داخلية مباشرة بعد بدء الغارات على قطاع غزة؛ إذ عاد حزب يميني متطرف إلى الائتلاف الحاكم بعد أسابيع من انسحابه احتجاجًا على الهدنة الأولية، مما عزز أغلبية الحكومة الهشة في الكنيست.
وقال مايكل ميلشتاين، الضابط السابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، إن الحكومة الإسرائيلية من خلال تنفيذ الضربات الجوية تحاول “دفع حماس إلى إظهار مزيد من التنازلات لكن السؤال الكبير هو كيف سترد حماس”.
وأضاف "لا أعتقد أن حماس ستكون مستعدة للتنازل عن خطوطها الحمراء. أنا قلق للغاية من أننا خلال أيام قليلة سنجد أنفسنا في حرب استنزاف محدودة: غارات جوية متواصلة دون استعداد من حماس للتراجع".
ويشار إلى أنه في كل صفقات التبادل التي تمت مع حركة “حماس” وفصائل المقاومة منذ بداية حرب الإبادة الجماعية كانت عبر مفاوضات غير مباشرة، وأجبرت فيها دولة الاحتلال على وقف إطلاق نار، والإفراج عن آلاف الأسرى، منهم قرابة 300 حكم مؤبد، وغيرهم من ذوي الأحكام العالية.
بالتالي لم يحصل أن أدى الضغط العسكري الإسرائيلي لغير قتل المدنيين الفلسطينيين الذي وصل عدد الشهداء منهم لقرابة ال 50 ألف شهيد ونحو 10 آلاف أخرين من المفقودين، وتدمير قطاع وقتل مكونات الحياة، فضلا عن قتل حوالي 40 أسيراً إسرائيلياً.
والثابت أن حركة حماس وفصائل المقاومة لم تسلم أي أسير من دون ثمن وفي ظل وقف إطلاق النار ووقف العدوان ولم تخضع يوما لرؤية نتنياهو بالضغط العسكري.