أثارت حادثة مقتل أحد عناصر جهاز الشرطة في قطاع غزة على يد مسلحين أمس الثلاثاء، غضبًا واسعًا في الأوساط الفلسطينية، وسط دعوات بضرورة العمل على فرض سيادة القانون، ومنع أي محاولات لضرب السلم الأهلي ونشر الفلتان.
وبدأت الحادثة عندما تلقت الشرطة بلاغًا عن احتكار أحد التجار كمية من الطحين، وبيعها بسعر مرتفع مستغلًا أزمة إغلاق المعابر والحصار، حيث تدخلت القوة الشرطية وألزمت التاجر ببيع الدقيق بسعر مخفض.
وخلالها حدث تدافع وشجار بين المواطنين، نتج عنه وفاة الشاب عبد الرحمن أبو سمرة، الذي يُعتقد أنه أصيب بشظية طلق ناري أُطلق لتفريق الشجار، وفق مصادر محلية وشهود عيان.
وفي أعقاب الحادث، اختطف أفراد من عائلة المتوفى الشرطي إبراهيم شلدان (النجار) وقتلوه برصاصات أُطلقت من بندقية آلية ومسدس، ومثلّوا بجثمانه ووثقوا الجريمة بمقطع مصوّر مهين جرى تداوله على منصات التواصل الاجتماعي.
وعلى إثره توعدت وزارة الداخلية بمعاقبة المنفذين الذين وصفتهم بـ "المجرمين"، مؤكدةً أنّ ما جرى يُمثل تجاوزا لكل الخطوط الحمراء، واعتداء صارخا على سيادة القانون، ورديفا لما يرتكبه الاحتلال من جرائم اغتيال واستهداف لضباط وأفراد الشرطة خلال حربه المستمرة على غزة.
فيما أصدرت عشائر وعائلات دير البلح بيانًا بخصوص ما جرى، أدانت فيه "الجريمة البشعة التي أودت بحياة الشرطي الذي استُهدف غدرًا أثناء تأديته واجبه الوطني في تأمين المساعدات الإنسانية والطحين للمواطنين في ظل الظروف الصعبة".
وطالب بيان العشائر، الأجهزة الأمنية والقضائية بتحمل مسؤولياتها تجاه كل من يحاول العبث بأمن قطاع غزة، واستغلال الأوضاع العصيبة.
ودعت إلى ضبط النفس وعدم الانجرار وراء الفوضى، مؤكدةً أن "العدالة ستأخذ مجراها، ولن يُسمح للمجرمين بالإفلات من العقاب".
وفي موقفٍ مماثل، قال مدير عام الإدارة العامة لشؤون العشائر والإصلاح في فلسطين، علاء الدين العكلوك؛ إنّ الحادثة تمثل خروجًا عن القانون وتقاليد شعبنا، مشيرًا إلى أنّ ما قامت به مجموعة تنتسب لعائلة وسط القطاع؛ لا تعبر عن هذه العائلة؛ المشهود بتاريخها النضالي والخيري.
وأوضح العكلوك لـ "وكالة سند للأنباء" أنّ الفلسطينيين يقفون مع سيادة القانون وضد الفلتان والفوضى؛ ويصطفون خلف الأجهزة الأمنية في الضرب بيد من حديد ضد كل من تسول له نفسه؛ المساس بالمواطنين أو الممتلكات العامة أو رجال إنفاذ القانون.
وشدد أنّ "حملات التحريض للفتنة الأهلية؛ يقف خلفها عملاء وجبناء ممن باعوا أنفسهم؛ ولا يستجيب لها سوى مرضى النفوس".
واستدرك العكلوك، أنّ "شعبنا عصيّ على الانجرار خلف هذه الفتن؛ ولهذا نطالب عائلة القتلة بالاعتذار لشعبنا الغاضب عما بدر من فعل إجرامي لا يليق بتقاليده؛ وتسليم المتورطين للأجهزة المعنية".
وشددّ أنّ "أي فعل من شأنه أن يشكل طعنة في خاصرة المقاومة؛ سترتد على أصحابها؛ لأن شعبنا يدرك حقيقة المخاطر التي يواجهها من الاحتلال الإسرائيلي وأعوانه".
بدوره؛ رأى مختار منطقة الصبرة وسط مدينة غزة ناهض شحيبر، أنّ مظاهر الفلتان الأمني والفوضى تخدم الاحتلال أولا وأخيرا، مضيفًا: "نحن في غزة بدون أمن نأكل بعضنا البعض؛ ولدينا محتل يستهدف أمننا من أجل تحقيق أهدافه في زرع الفتنة بين أبناء شعبنا".
وأكد شحيبر في حديثٍ خاص مع "وكالة سند للأنباء" أنهم يقفون الأجهزة الأمنية لإنفاذ القانون، من أجل الحفاظ على مجتمع متماسك خالٍ من أعمال عنف من شأنها، أن تضرب السلم الأهلي وتُغذّي فتيل الفلتان الأمني.
وعبّر عن رفضه لـ "أي شخص تسول له نفسه أن يتعامل في المجتمع وكأنه يعيش في غابة، قائلًا: "نحن لدينا قانون؛ وكعشائر لن نسمح لأحد أن يوجه طعنته لخاصرة المقاومة".
"الفلتان جريمة يخدم مخططات الاحتلال"
هذا وقد قال مختار منطقة الزيتون شرق غزة أبو إبراهيم الدحدوح، إنّ ما يمر به القطاع جراء حرب الإبادة، لا يمكن أن يكون مبررًا لانتشار الفوضى والاقتتال الداخلي، موضحًا أنّ الأمن والاستقرار عنصران أساسيان للحفاظ على السلم الأهلي في المجتمع.
وشدد الدحدوح، في تصريح خاص بـ "وكالة سند للأنباء" على ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة من قبل الجهات المختصة، لضبط الأمن وتعزيز النظام، محذرًا من التهاون في مواجهة هذه الحوادث، فالاستقرار الداخلي يُساهم بشكلٍ كبير في إفشال مخططات الاحتلال.
التاريخ لن ينسى..
من جانبه، أكد مختار بيت حانون أبو أيوب الكفارنة، أنّ القضية الفلسطينية تمر بأصعب مراحلها الوطنية، مشددًا على ضرورة الحفاظ على الجبهة الداخلية لتجنب الانزلاق نحو الفوضى والفلتان كما يريد الاحتلال.
وبيّن الكفارنة، في تصريحٍ خاص بـ "وكالة سند للأنباء"، أنّ أي محاولات لأخذ القانون باليد ستؤدي لتقويض الأمن والاستقرار في المجتمع، مشيرًا إلى أنّ تنفيذ العقوبات والقصاص من اختصاص الحكومة وليس الأفراد خاصة في ظل ما الظروف الصعبة التي يمر بها القطاع.
ونبّه إلى أنّ هناك من يستغل الأوضاع الراهنة لتحقيق مصالح وأجندات خاصة، محذرًا إياهم من أنّ التاريخ لن ينسى كل إنسان يسعى لإثارة الفتنة الداخلية، كما أكد أنّ العشائر والعائلات الفلسطينية لن تسمع بانتشار الفلتان الأمني.
"الفتنة.. شر مطلق لا يخدم إلا الاحتلال"
وفي السياق؛ حذر الحقوقي صلاح عبد العاطي من مخاطر الانزلاق نحو حرب أهلية، مؤكدًا أنها تمثل "الشر المطلق"، وأن استمرارها أو التحريض عليها بأي شكل من الأشكال، سواء من خلال أخذ القانون باليد أو انتشار الفوضى، سيؤدي إلى دمار كامل للنسيج الاجتماعي، ويحقق أهداف الاحتلال.
وأكد عبد العاطي في تصريح خاص بـ "وكالة سند للأنباء"، على ضرورة إدانة جميع مظاهر أخذ القانون باليد، بغض النظر عن الجهة التي تمارسها، مشددًا على أهمية حماية المواطنين والمكلفين بإنفاذ القانون.
ودعا العائلات والسلطة القائمة في غزة إلى اتخاذ كافة التدابير اللازمة للحفاظ على السلم الأهلي، ووقف أي أعمال من شأنها تهديد الاستقرار المجتمعي.
كما طالب بتوسيع دائرة الإدانة لأي تجاوزات، وتعزيز احترام سيادة القانون لضمان حماية النسيج الاجتماعي.