سلط موقع Al-Monitor الإخباري الدولي، الضوء على مخاطر ذخائر لامعة وقاتلة غير منفجرة تنتشر في قطاع غزة بفعل حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية وتشكل تهديدًا للأطفال الفلسطينيين الذين يبحثون عن شيء بين الأنقاض.
ونقل الموقع عن خبير دولي في مجال إزالة الألغام إن حرب الإبادة الإسرائيلية خلفت قطاع غزة مليئا بالقنابل غير المنفجرة والتي سيستغرق إزالتها سنوات، حيث يتعرض الأطفال الذين ينجذبون إلى العبوات المعدنية للتشويه أو حتى القتل عندما يحاولون التقاطها.
وقال نيكولاس أور، وهو خبير سابق في إزالة الألغام في الجيش البريطاني بعد مهمة في الأراضي الفلسطينية التي مزقتها الحرب: "نحن نخسر شخصين يوميا بسبب الذخائر غير المنفجرة في الوقت الحالي".
وبحسب أور، فإن معظم الضحايا هم من الأطفال الذين تركوا المدارس ويبحثون يائسين عن أي شيء يفعلونه، ويبحثون بين أنقاض المباني المدمرة في بعض الأحيان عن ألعاب أفضل.
وأضاف "إنهم يشعرون بالملل، ويركضون هنا وهناك، ويجدون شيئًا غريبًا، ويلعبون به، وهذه هي النهاية".
ومن بين الضحايا أحمد عزام (15 عاما)، الذي فقد ساقه بسبب انفجار عبوة ناسفة وسط الأنقاض أثناء عودته إلى منزله في مدينة رفح جنوب قطاع غزة بعد أشهر من النزوح.
وقال عزام "كنا نتفقد بقايا منزلنا ووجدنا جسما مشبوهاً بين الأنقاض، لم أكن أعلم أنها مادة متفجرة، ولكن فجأة انفجرت، مما تسبب في إصابتي بجروح خطيرة في ساقي، مما أدى إلى بتر إحداهما".
وكان عزام واحدا من مئات الآلاف من الفلسطينيين العائدين إلى ديارهم خلال الهدنة التي جلبت هدوءا قصير الأمد إلى غزة بعد أكثر من 15 شهرا من الحرب، قبل أن تستأنف دولة الاحتلال قصفها وعملياتها العسكرية الشهر الماضي.
وبالنسبة لعزام والأطفال الآخرين، كانت العودة محفوفة بالمخاطر بسبب بقايا المتفجرات.
لا أحد في مأمن في غزة
قال خبير إزالة الألغام أور، الذي كان في غزة لصالح منظمة هانديكاب إنترناشونال الخيرية، إنه في حين لا يوجد أحد في مأمن من التهديد الذي تشكله الذخائر غير المنفجرة، فإن الأطفال هم الأكثر عرضة للخطر.
وأضاف أن بعض الأسلحة "تشبه الذهب عند النظر إليها، لذا فهي جذابة للغاية بالنسبة للأطفال، حيث تلتقطه وينفجر. هذا يعني أنك وعائلتك قد رحلتم، وبقية المبنى الذي تعيشون فيه."
وقال أور إن هناك سيناريو آخر شائع يتعلق بالأشخاص العائدين من النزوح، وضرب مثالا بـ "أب أسرة عاد إلى منزله لاستعادة حياته، ليجد أن هناك ذخائر غير منفجرة في حديقته "فحاول مساعدة نفسه وعائلته من خلال نقل الذخائر غير المنفجرة، ووقع حادث."
ومع استمرار الحرب الإسرائيلية ومحدودية الوصول الإنساني، فإن البيانات المتاحة قليلة، ولكن في يناير/كانون الثاني قالت دائرة الأمم المتحدة لمكافحة الألغام إن "ما بين خمسة وعشرة في المائة" من الأسلحة التي أطلقت على غزة لم تنفجر.
وقالت الوكالة التابعة للأمم المتحدة إن جعل قطاع غزة منطقة آمنة من القنابل غير المنفجرة قد يستغرق 14 عاما.
وصرحت ألكسندرا سايح، رئيسة قسم المناصرة في منظمة "أنقذوا الأطفال"، بأن الذخائر غير المنفجرة مشهد شائع في قطاع غزة، حيث تعمل مؤسستها الخيرية.
وأضافت "عندما تذهب فرقنا إلى الميدان فإنهم يرون الذخائر غير المنفجرة طوال الوقت. وغزة مليئة بها".
غياب الرعاية
بالنسبة للأطفال الذين فقدوا أطرافهم بسبب الانفجارات، فإن "الوضع كارثي"، كما قالت سايح، لأن "الأطفال الذين بترت أطرافهم يحتاجون إلى رعاية متخصصة طويلة الأمد... وهذا غير متوفر في غزة".
في أوائل مارس/آذار، قبيل انهيار وقف إطلاق النار، منعت دولة الاحتلال دخول جميع المساعدات إلى غزة. وشمل ذلك أطرافًا صناعية كان من شأنها أن تُجنّبهم فقدان القدرة على الحركة على المدى الطويل، وفقًا لسعيد.
قال أور إن الذخائر غير المنفجرة تأتي بأشكال مختلفة. ففي شمال غزة، حيث احتدمت التوغلات البرية لأشهر، توجد أشياء مثل "قذائف الهاون والقنابل اليدوية وكميات كبيرة من الرصاص".
وأضاف أنه في رفح، حيث كانت الغارات الجوية أكثر كثافة من التوغل البري "كانت هناك مقذوفات مدفعية، مقذوفات جوية"، والتي يمكن أن يصل وزنها في كثير من الأحيان إلى عشرات الكيلوجرامات.
وقال أور إنه لم يتمكن من الحصول على إذن لإبطال مفعول القنابل في غزة، لأن المراقبة الجوية الإسرائيلية ربما أخطأت في اعتباره مقاوماً يحاول إعادة استخدام الذخائر غير المنفجرة وتحويلها إلى أسلحة.
وأضاف أن رفع مستوى الوعي قد يساعد سكان غزة على إدارة التهديد، لكن الرسالة لا تصل دائما بالسرعة الكافية.