أكدت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن واشنطن مطالبة بكبح التغول الإسرائيلي ودفعه نحو اتفاقات سياسية من أجل إحلال السلام والأمن في الشرق الأوسط.
وأبرزت الصحيفة تعمد دولة الاحتلال تصعيد حرب الإبادة في غزة وتوسيعها الاحتلال للأراضي السورية، والسيطرة على مناطق في لبنان، واتباع تكتيكات عدوانية في الضفة الغربية المحتلة لم تُرَ منذ الانتفاضة الثانية قبل عشرين عامًا.
وذكرت الصحيفة أنه بالنسبة لإدارة ترامب — إذا كانت لا تزال تعتبر السلام الإقليمي أولوية قصوى — فستجد من الصعب أكثر من أي وقت مضى إقناع دولة الاحتلال بتحويل تفوقها العسكري الجديد إلى اتفاقات سياسية دائمة مع العرب والفلسطينيين.
وبحسب الصحيفة فإنه "سيتعين على الرئيس ترامب وفريقه بذل الوقت والجهد، والضغط على الدول العربية الرئيسية والفلسطينيين للقيام بدورهم، وفي مهمة أصعب، دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتقديم تنازلات".
وتوحي زيارة نتنياهو الأخيرة إلى واشنطن أن ترامب لم يستعد بعد لبدء هذا المسار.
إذ لا يرغب نتنياهو وائتلافه اليميني المتطرف في عقد صفقات سلمية، خاصة في ظل غياب أي قيود أميركية فعلية على تحركات دولة الاحتلال في غزة أو الضفة الغربية أو لبنان أو سوريا.
ويواجه نتنياهو محاكمات بتهم قد لا يفلت منها إلا بالبقاء في منصبه ولن يخاطر بفقدان سلطته، مما يعني أن الضغط الداخلي داخل دولة الاحتلال لتغيير المسار شبه معدوم.
القضاء على المقاومة مستحيل
لقد فشل الهجوم العسكري الإسرائيلي المتجدد في غزة في تحفيز اليسار السياسي، رغم أن غالبية الإسرائيليين يقولون إنهم يريدون استمرار وقف إطلاق النار.
وفي الوقت ذاته، تتسارع الاستعدادات الإسرائيلية لضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية.
وأكدت نيويورك تايمز أن احتمالات استئناف مفاوضات حل الدولتين لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي باتت أكثر بعدًا من أي وقت مضى.
وفي غزة، تبدو أي محادثات حول استراتيجية "اليوم التالي" للحرب التي رسمها وزير الخارجية السابق أنتوني بلينكن لتعزيز الأمن والحكم الفعال وإعادة الإعمار، أقل احتمالًا مع استمرار القتال.
وشددت نيويورك تايمز على أن "إسرائيل" لا تستطيع القضاء على فكرة المقاومة، غير أن نتنياهو، الساعي إلى عدم إغضاب أعضاء حكومته اليمينيين، استبعد أي بدائل بإصراره على إعادة احتلال أجزاء كبيرة من غزة.
أما إدارة ترامب، فلم تبد اهتمامًا بمصير غزة بعد الحرب، باستثناء حديث الرئيس عن تحويلها إلى "ريفييرا" الشرق الأوسط.
وربما أكثر من أي رئيس آخر خلال الخمسين عامًا الماضية، يرث ترامب فرصًا في منطقة كان يُنظر إليها عادةً كمقبرة لأفكار السلام الأميركية.
لكن استغلال هذه الفرص سيتطلب صفات يبدو أن ترامب يفتقر إليها — التركيز، والمثابرة، والاستعداد للضغط على جميع الأطراف، لا سيما نتنياهو.
وقد خلقت الهيمنة الإسرائيلية الحالية نوعًا من الاستقرار المؤقت، لكن هذا الاستقرار لن يدوم إذا لم يتم تحويل التفوق العسكري الإسرائيلي إلى ترتيبات واتفاقيات مع الفلسطينيين والعرب تعكس توازنًا حقيقيًا للمصالح، بدلاً من حالة عدم التوازن القائمة، التي ستقود عاجلًا أم آجلًا إلى المزيد من المواجهات والتصعيد.