أبرزت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية تزايد حدة الانقسامات داخل الحكومة الإسرائيلية بشأن كيفية تنفيذ المرحلة التالية من حرب الإبادة الجماعية المستمرة على قطاع غزة منذ أكثر من عام ونصف.
وأشارت الصحيفة إلى هجوم وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الوقت الذي يزيد فيه حلفاء رئيس الوزراء من اليمين المتطرف الضغوط عليه لتكثيف الحرب في غزة.
ولفتت الصحيفة إلى فرض دولة الاحتلال حصارًا شاملًا على قطاع غزة منذ أن انتهكت هدنة استمرت شهرين، واستأنفت في مارس/آذار حربها، وشملت قطع كافة إمدادات الغذاء والوقود والأدوية والمساعدات مما أدى إلى تفاقم معاناة المدنيين.
لكن في أعقاب نزاع في مجلس الوزراء حول ما إذا كان ينبغي إنهاء الحصار، قال سموتريتش ــ أحد زعماء اليمين المتطرف الذين يعتمد عليهم ائتلاف نتنياهو ــ إنه "لن يكون جزءا" من أي خطة لاستئناف تدفق المساعدات إلى غزة.
وقال سموتريتش في بيان إن حكومة نتنياهو "لن يكون لها الحق في الوجود" إذا لم تهزم حماس، وتحتل غزة، وتقيم "حكومة عسكرية مؤقتة"، وتحرر الأسرى، وتنفذ اقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتهجير سكان غزة بالكامل - وهي الفكرة التي تعتبر على نطاق واسع بمثابة تطهير عرقي.
من جهته دعا إيتمار بن جفير، وزير الأمن الإسرائيلي اليميني المتطرف، بشكل منفصل، عقب اجتماع مع مسؤولين جمهوريين في منتجع مار إيه لاغو المملوك لترامب، الحكومة الإسرائيلية إلى مهاجمة مستودعات المساعدات في القطاع.
وقال بن جفير إن الجمهوريين "أعربوا عن دعمهم لموقفي الواضح للغاية بشأن كيفية التصرف في غزة وضرورة قصف مخازن الأغذية والمساعدات من أجل خلق ضغط عسكري وسياسي لإعادة أسرانا إلى ديارهم سالمين".
انقسامات وضغوط دولية
تعكس هذه التعليقات الانقسامات داخل الحكومة الإسرائيلية بشأن كيفية تنفيذ المرحلة التالية من حرب الإبادة في غزة.
وبالإضافة إلى منع المساعدات، استولت القوات الإسرائيلية على مساحات كبيرة من الأراضي في غزة، وأصر نتنياهو على أن "إسرائيل" لن تنهي الحرب بشكل دائم حتى يتم تدمير فصائل المقاومة.
لكن سموتريتش اتهم نتنياهو بالفشل في تطبيق قرارات الحكومة السابقة بزعم ضمان عدم قدرة الفصائل الفلسطينية على السيطرة على تسليم المساعدات.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية أن سموتريتش هدد في اجتماع مجلس الوزراء يوم الثلاثاء بإقالة قائد الجيش الجديد، إيال زامير، بعد أن صرّح زامير بأن الجيش لن يوزع المساعدات في غزة، وهو أحد الخيارات التي ناقشها المسؤولون الإسرائيليون. ومن الخيارات الأخرى الاستعانة بمقاولين من القطاع الخاص لتوصيل المساعدات.
وقد حظي تصعيد الحرب حتى الآن بدعم الولايات المتحدة، الحليف الأهم لإسرائيل، والتي لم تُبدِ في عهد ترامب أي ميل للضغط على دولة الاحتلال بشأن إلحاق الضرر بالمدنيين في غزة. وصرح الرئيس الأمريكي، عقب اتصال هاتفي مع نتنياهو يوم الثلاثاء، بأن الطرفين "على وفاق في كل القضايا".
لكن السلوك الإسرائيلي الحربي أثار انتقادات لاذعة من جهات أخرى. ففي بيان مشترك صدر يوم الأربعاء، وصف وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة قرار منع المساعدات بأنه "غير مقبول"، وطالبوا الحكومة الإسرائيلية "فورًا" باستئناف "تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة بسرعة ودون عوائق لتلبية احتياجات جميع المدنيين".
وقال الوزراء: "لا يجوز استخدام المساعدات الإنسانية كأداة سياسية، ويجب عدم تقليص مساحة الأراضي الفلسطينية أو إخضاعها لأي تغيير ديموغرافي. "إسرائيل" ملزمة بموجب القانون الدولي بالسماح بمرور المساعدات الإنسانية دون عوائق".
وأعرب البيان أيضا عن "الغضب إزاء الضربات الأخيرة التي شنتها القوات الإسرائيلية على العاملين في المجال الإنساني والبنية التحتية والمباني ومرافق الرعاية الصحية" بعد أن قتل جنود إسرائيليون 15 عاملاً في مجال الطوارئ في غزة الشهر الماضي، قبل دفنهم مع سياراتهم.