أبرز موقع Middle East Monitor الدولي، هيمنة الانقسام الداخلي على المشهد الإسرائيلي سياسيا أو عسكريا بشأن حرب الإبادة الجماعية المستمرة على قطاع غزة.
وقال الموقع إن اجتماعات المجلس الوزاري الأمني المصغر الإسرائيلي (الكابينت) الأخيرة كشفت عن "خلافات كبيرة" بين الصفين السياسي والعسكري بشأن سياسات حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشأن الحرب الإبادة على قطاع غزة.
وعادت الخلافات إلى الواجهة خلال آخر اجتماع لمجلس الوزراء عقد مساء الخميس، وانتهى دون صدور بيان، عقب اجتماع مماثل عقد مساء الثلاثاء.
ومن المقرر أن يجتمع مجلس الوزراء الإسرائيلي مجددا اليوم الاثنينل على أمل تقريب وجهات النظر والاختلافات بين المستويين العسكري والسياسي بشأن تفاصيل السياسات المتبعة في الحرب على غزة وتوزيع المساعدات التي قدمتها الدول والجهات الأجنبية للشعب الفلسطيني في القطاع.
وكان الاجتماع الحكومي الإسرائيلي الذي عقد مساء الخميس شهد "خلافات كبيرة" بين المؤسسة العسكرية والمستوى السياسي، بما في ذلك خلافات خطيرة عادت إلى الظهور بين رؤساء المؤسسة العسكرية والوزراء".
وتتعلق الخلافات الخطيرة بـ"المراحل المقبلة من الحملة العسكرية"، أي الحرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ 19 شهراً.
وكشفت وسائل إعلام عبرية أن "مشادة كلامية حادة اندلعت بين الجانبين خلال الجلسة، حيث رفع المشاركون أصواتهم".
وأشارت إلى أن عدم التوصل إلى اتفاق بين الجانبين بشأن مسار الحرب على قطاع غزة "يتطلب من الجيش الإسرائيلي مجددا تحديث الخطط التي أعدها والعودة بمقترحات جديدة تتوافق مع توجه وزراء الحكومة".
ومنذ الثاني من مارس/آذار، أغلقت دولة الاحتلال معابر قطاع غزة أمام الغذاء والإغاثة والمساعدات الطبية والبضائع، مما تسبب في تدهور كبير في الوضع الإنساني للفلسطينيين، وفقا لتقارير حكومية وحقوقية ودولية.
في هذه الأثناء، قال وزراء من اليمين المتطرف، ومن بينهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، إنه لا ينبغي السماح بدخول أي مساعدات إلى غزة على الإطلاق.
موجة من الالتماسات لإنهاء الحرب في غزة
في هذه الاثناء ومع استمرار العدوان الدموي على غزة، تشهد دولة الاحتلال تدفقًا غير مسبوق للعرائض والرسائل والبيانات العامة التي وقّعها مئات الآلاف من مختلف القطاعات والتخصصات، وتم تداولها على نطاق واسع بين العامة.
وتشترك هذه النداءات في مطلب واحد موحد: إنهاء الحرب - الآن، لا لاحقًا. دفع هذا الضغط المتزايد الحكومة وزعيمها إلى ردّ فعل محموم، شنّوا هجمات لفظية على أصحاب الالتماسات، وطالبوا قيادة الجيش بتسريح أي عسكري متورط في الحملة.
وعلى مدار أسابيع، شهدت دولة الاحتلال حركةً متصاعدةً تتمحور حول هدف إعادة الأسرى الإسرائيليين ووقف الحرب على غزة.
وقد بدأ ذلك بعريضة وقّعها ألف جندي احتياطي من سلاح الجو الإسرائيلي ، تلاها أفراد من وحدات قتالية وأمنية مختلفة، وأعضاء نقابات، ومحامون، وخبراء قانونيون، وأكاديميون، وفي النهاية عائلات الجنود القتلى. لا يبدو أن هذا الزخم سيتراجع، ولا يزال مدى تأثيره النهائي مجهولًا.
والرسالة المشتركة في عرائض الوحدات العسكرية هي دعوة مشتركة لإنقاذ الأرواح وإعادة الأسرى دون تأخير، حتى لو تطلب ذلك إنهاء الحرب في غزة فورًا. وتؤكد العرائض أن استمرار الحرب يخدم مصالح سياسية وشخصية، لا احتياجات أمنية.
وقد وقّع أكثر من 120 ألف إسرائيلي على هذه الالتماسات - وهو رقم غير مسبوق في تاريخ الاحتجاج ضد الحروب السابقة وهو ما يمثل تحولاً كبيراً في المعارضة المتزايدة للحرب الدائرة في غزة.
وعلى مدار ما يقرب من 600 يوم من إبادة غزة، شهدت إسرائيل احتجاجات متواصلة ومظاهرات أسبوعية واعتصامات حاشدة. ومع ذلك، تبرز الموجة الحالية من العرائض كحدثٍ هام واستثنائي، إذ جذبت اهتمامًا وطنيًا مكثفًا.
وهذا يُفسر حجم وطبيعة ردود الفعل المؤيدة والمعارضة، مع تزايد التكهنات بأن هذه العرائض قد تدفع المزيد من الفروع العسكرية إلى إصدار مطالب مماثلة لوقف الحرب - وهو اتجاهٌ بدأ بالفعل ويُعطي وزنًا ومصداقيةً لإمكانية نجاح هذه الاحتجاجات في كبح جماح استمرار الحرب.
وهناك أسباب عديدة وراء هذه الالتماسات، تتجاوز هدف استعادة الأسرى. أبرزها الاعتراف بأن السعي وراء "آخر مقاتل، وآخر صاروخ، وآخر نفق" في غزة لن يؤدي إلا إلى حرب لا نهاية لها.
فقد أصبحت التكلفة الاجتماعية والعسكرية باهظة وتتزايد بوادر التدهور المؤسسي وضوحًا، وتبدو العقائد العسكرية قديمة الطراز، ويُظهر الجيش علامات إرهاق وتدهور مُقلقة. وقد أسفر الاستنزاف المتهور للموارد في غزة عن عواقب وخيمة يصعب إخفاؤها.