مرّ شهر نيسان/ ابريل الماضي ثقيلًا على مدينة القدس ومسجدها المبارك وسُكانها وأراضيها، فلم يَسلم لا حجر ولا بشر ولا مقدسات، من انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين، إذ سجلت تصاعدًا ملحوظًا من حيث عددها ونوعيتها.
وفي تقرير نشره مرصاد التابع لـ "شبكة معراج" المقدسية، اليوم الخميس وتلقت "وكالة سند للأنباء" نسخةً عنه، وثق تصاعد اعتداءات الاحتلال والمستوطنين بحق المقدسيين وممتلكاتهم والمسجد الأقصى.
وخَلص التقرير إلى الاحتلال الإسرائيلي، يواصل تكريس سياسات التهويد وتغيير الواقع القائم في القدس، مستغلًا المناسبات الدينية لفرض أجندته الاستيطانية وتوسيع سيطرته على المسجد الأقصى.
ماذا حدث في الأقصى خلال نيسان؟
شهد المسجد الأقصى المبارك خلال شهر نيسان الماضي، 21 يومًا من الاقتحامات، بمجموع 10 آلاف و111 مستوطنًا اقتحموا باحاته، إلى جانب 6 آلاف و166 دخلوه تحت بند "سائح أجنبي".
فيما ذكرت شبكة الجزيرة الإعلامية، أنّ 6768 مستوطنًا من إجمالي المقتحمين في نيسان، اقتحموا الأقصى خلال 5 أيام بالتزامن مع احتفال اليهود بعيد الفصح العبري، وذلك بحماية شرطة الاحتلال.
وشارك في الاقتحامات مسؤولون ووزراء وحاخامات، أبرزهم الوزير المتطرف إيتمار بن غفير، وعضوا الكنيست أميت هاليفي، وتسيفي سوكوت، والمتطرف يهودا غليك، والحاخام شمشون إلباوم.
وخلال هذا العيد، أدى المتطرفون صلوات وطقوسا توراتية داخل المسجد الأقصى، ورقصات استفزازية وغناء، واقتحموا الساحات حفاة الأقدام باعتبار المكان مقدسا يهوديا.
ترافق ذلك مع تكثيف الجماعات الاستيطانية دعواتها لأنصارها بذبح وتقديم قرابين الفصح الحيوانية في المسجد الأقصى، وضُبطت عدة محاولات لتهريبها بالفعل.
وخلاله، طالبت جماعات الهيكل المتطرفة الوزير "ابن غفير" بفتح المسجد الأقصى كاملًا أمام المقتحمين للاحتفال بـ"يوم القدس" الذي يحلّ في نهاية مايو/ أيار الجاري، كما طالبوا بإدخال كافة الأدوات المقدسة اللازمة لصلواتهم.
إبعاد واعتقالات ومنع من السفر..
واصلت سلطات الاحتلال خلال نيسان، حملتها العنصرية التي تهدف إلى تقييد وجود المقدسيين في مدينتهم وفي المسجد الأقصى، من خلال الاعتقالات وإصدار أوامر إبعاد تعسفية، ومنع السفر خارج البلاد، وفرض غرامات مالية باهظة.
إذ وثق التقرير إصدار سلطات الاحتلال 21 قرار إبعاد ومنع من السفر، وحبس منزلي، أو غرامات مالية.
وتوزعت القرارات كالتالي: 6 إبعادات عن الأقصى والبلدة القديمة، قراران إبعاد عن القدس، قرار واحد إبعاد عن فلسطين، 3 قرارات منع من السفر، 6 قرارات بفرض غرامات مالية باهظة، و3 قرارات بالحبس المنزلي.
وتأتي هذه الإجراءات ضمن سياسة ممنهجة لتهجير السكان الفلسطينيين والتضييق عليهم في مختلف جوانب حياتهم، بهدف تقليص الوجود الفلسطيني في القدس وفرض واقع جديد يخدم المخططات الاستيطانية والتهويدية.
فيما سجل التقرير 152 عملية اقتحام يومية لبلدات وقرى وأحياء مدينة القدس، وشملت عمليات دهم للمنازل، واعتقالات تعسفية، وتفتيشات واسعة.
وسجّل "مرصاد" خلال نيسان 59 حالة اعتقال تصاعدت وتيرتها في الآونة الأخيرة، وتركزت في صفوف الشبّان والناشطين المقدسيين، وأخذت طابعًا عنيفًا.
كما أصدرت سلطات الاحتلال، خلال الشهر 23 قرارًا بحق المقدسيين، تنوعت ما بين حكم بالسجن الفعلي (14 قرارًا) واعتقال إداري (9 قرارات).
مواجهات ومقاومة في وجه العدوان..
شهدت القدس مواجهات بين القوات الإسرائيلية والفلسطينيين في أنحاء متفرقة بالمدينة، أسفرت عن 76 إصابة برصاص الاحتلال وقنابله الغازية أو بسبب الاعتداء المباشر.
وتنوّعت الإصابات بين حالات اختناق جراء الغاز، واعتداءات بالضرب، إلى جانب إطلاق الرصاص الحي والمطاطي.
كذلك رصد التقرير، 10 نقاط مواجهة شعبية مع الاحتلال في القدس خلال نيسان أبرزها الرشق بالحجارة، ومحاولة إعاقة اقتحامات البلدات والأحياء المقدسية.
هدم وتجريف يتواصل..
لم تتوقف سياسة الهدم والتجريف في مدينة القدس خلال نيسان، إذ سجّل التقرير 29 عملية تنوعت ما بين هدم ذاتي وهدم من قبل جرافات الاحتلال بالإضافة إلى عشرات أوامر وقرارات الهدم.
ويؤكد تقرير "مرصاد"، أنّ هذه السياسات تستمر في إطار محاولات الاحتلال لتغيير الطابع الديموغرافي للمدينة، مما يزيد من معاناة السكان المقدسيين ويهدد بتهجيرهم القسري.
إرهاب المستوطنين.. أبشع الفصول
يواجه المقدسيون تهديدًا مستمرًا من المستوطنين الذين يمارسون إرهابًا يوميًا ضدهم، اعتداءات جسدية وتخريب ممتلكات وتدنيس الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، بدعم وحماية كاملة من سلطات الاحتلال، حيث أحصى التقرير أكثر من 20 اعتداءً خلال نيسان.
استهداف المؤسسات.. "أونروا" في المقدمة
وفي إطار جرائمها بحق كل ما هو فلسطيني، عمدت سلطات الاحتلال خلال شهر نيسان 2025 إلى ملاحقة المؤسسات الفلسطينية عبر إغلاقها وحظر أعمالها مما يهدد الهوية الثقافية والتعليمية الفلسطينية.
وكان من أبرز هذه الانتهاكات، اقتحام المدارس الستّ التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وإخطارها بالإغلاق، وذلك بعد أسابيع من حظر عمل هذه الوكالة الدولية ووقف أنشطتها في القدس.
كما أغلق الاحتلال مقرَي "صندوق وقفية القدس" و"اتحاد نقابات عمّال فلسطين" بادعاء تبعيتهما للسلطة الفلسطينية.
4 مشاريع استيطانية خلال نيسان..
واصلت سلطات الاحتلال خلال شهر نيسان 2025 تصعيد أعمالها الاستيطانية في مدينة القدس، إذ رصد تقرير "مرصاد" أربعة مشاريع استيطانية تهدف إلى تعزيز السيطرة الإسرائيلية على المدينة وتغيير طابعها الديمغرافي والجغرافي.
وأشار التقرير إلى أنّ هذه التحركات تضمنت خطوات فعلية على الأرض، من شق طرق استيطانية، والموافقة على بناء وحدات استيطانية، إلى جانب الترويج لمشاريع تهويدية تستهدف الأحياء المقدسية.