الساعة 00:00 م
الجمعة 02 مايو 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.8 جنيه إسترليني
5.1 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4.08 يورو
3.62 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

"الضفة قلب الدولة التوراتية"..

مختصون لـ"سند" فرض "إسرائيل" الأمر الواقع في الضفة بَدَدَ حل الدولتين

حجم الخط
الضفة وحل الدولتين
نابلس- نواف العامر- وكالة سند للأنباء

لا تحتاج الوقائع على الأرض في الضفة الغربية والتي يتحكم الاحتلال وأذرعه السياسية والأمنية والعسكرية في ضخ الأوكسجين فيها منذ توقيع اتفاق اوسلو وتفرعاته، لكثير من الفهم بأن "حل الدولتين" قد تبخر، بَيْدَ أن حبر التواقيع على الوثائق الرسمية تحول لونه باهتاً، كما هي الآمال التي بنيت وتهاوت خلال ثلاثة عقود من الإعلان إلى اليوم.

"فرض السيادة في الضفة الغربية"..

صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية نشرت يوم الأحد الماضي ما يعبر عن إفصاح سياسي لا لبس فيه، على لسان خبراء إسرائيليون أن "ضم الضفة الغربية أصبح أمراً واقعاً وليس زحفاً ولا يسرع"، وهو وضوح يؤكد أنَّ حل الدولتين بات في "خبر كان".

ونقلت الصحيفة عن الخبراء قولهم إن "إسرائيل" تتعامل مع الضفة كما تتعامل مع النقب والجليل، من ناحية التطوير ورصد الموارد، وكذلك من أجل تطبيق "فرض السيادة" في الضفة الغربية.

ويضيف الخبراء أنه كلما فرضت "إسرائيل" حقائق ميدانية على الأرض، من خلال خطوات تنظيمية حكومية، وإقامة منطقة صناعية أخرى وبيت آخر وشق شارع آخر، ستنضج الأمور عندها وستكون هناك قدرة على فرض السيادة بشكل أفضل.

وكان وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش قد أعلن في أعقاب فوز دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية الأخيرة، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أن العام الجاري 2025 سيكون وفق ما أسماه "عام السيادة في الضفة الغربية"، التي تعتبر ركنًا جغرافيًا وسياسيًا مركزيًا في كيان الدولة الفلسطينية المعترف بها دوليا ولا زالت تخضع للاحتلال الاسرائيلي.

رؤى قاتمة.. وحل الدولتين "يتلاشى"

مختصون قدموا في أحاديث منفصلة مع "وكالة سند للأنباء" رؤىً "متشائمة وقاتمة" للغاية، أكدوا فيها على استحالة تطبيق حل الدولتين، والذي رأوا فيه مجاراة إسرائيلية للواقع الدولي بينما عملت "إسرائيل" على تغيير الواقع على الأرض غير عابئة بالصراخ السياسي العالمي وبيانات التنديد ورفض التوسع الاستيطاني المتسارع.

‏المختص في شؤون الصراع والمحلل سمير عودة يقول لـ"وكالة سند للأنباء"، إنه لم يعد بالإمكان الحديث الآن عن حل الدولتين بشكل فاعل، كي يؤدي الغرض الذي وضع لأجله في فلسطين.

ويتابع "عودة" أن "إسرائيل" سعت لإبطال خيار الدولتين عبر جعله مكلفاً وغير قابل للتطبيق فلسطينياً، مرجعاً ذلك إلى التقسيمات للأراضي الفلسطينية "أ، ب، ج"، والتي حالت دون وجود تواصل جغرافي أساس أي دولة ذات سيادة.

ناهيك عن إجهاض خيار الدولتين بممارسات على الأرض كقضم الأراضي الفلسطينية، وشق طرق التفافية، بناء جدار الفصل العنصري، هدم المنازل، منع الاستثمار في أراضي (ج)، ومنع الامتداد الطبيعي للكثير من المدن والقرى والبلدات.

ويرى "عودة" أن القضايا الجوهرية التي أرجأت "إسرائيل" التفاوض حولها أحالتها إلى مستحيلات؛ نظراً لإشغال "إسرائيل" بالمواطن الفلسطيني وقيادته في هموم معيشية تجعل الحديث عن تلك القضايا المصيرية ضربًا من العبث.

ويزيد على قوله "بينما قضايا اللاجئين والمناطق المقدسة والحدود وموضوعات المياه وغيرها باتت لا يمكن التغلب عليها بسهولة".

ويردف ضيف "وكالة سند للأنباء"، أن الفعل الإسرائيلي يُرى على الأرض من خلال ما ذُكر سابقا، ومن خلال الاستثمار في البنية التحتية وإنشاء مستوطنات ضخمة جدًا أصبحت وكأنها تشكل دولة أخرى بعمقها وقوتها للكيان الإسرائيلي.

ويُرجع ضيفنا ذلك العمق والقوة، كون "إسرائيل" تحوي جامعات ومصانع وتستقبل عمالة وكيانات مجتمعية ضخمة جدا، وهذه المناطق بالأساس تُستهدف من قبل اليمين الإسرائيلي الذي يتمدد في هذه الأرضي ليستعيد فكرة قومية الدولة.

ويُشدد "عودة" أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة والتي تمثل التوجه اليميني بأشكاله المتعددة، لا يمكن أن تسمح بإقامة دولة فلسطينية في حدود عام ١٩٦٧، ناهيك أنه لا يمكن ذلك من الناحية العملية لو أجبرت على ذلك.

تمهيد للضم.. ماذا عن السلطة؟

بدوره، يرى الباحث والكاتب عطية جوابرة أن الظروف الحالية مهدت الطريق بضم الضفة وإنهاء خيار الدولتين، وتمثل ذلك بالتوسع الاستيطاني الجنوني وسن القوانين الجديدة وإعادة إحياء الإدارة المدنية بالضفة.

ويقول "جوابرة" لـ"وكالة سند للأنباء"، إن ما يجري يعيد إلى الأذهان الفكر الصهيوني ورواده وعلى رأسهم "جابونتسكي" الذي شدد أن التعامل مع العرب بحكم ذاتي ُمقلص، وأن الضفة بمسماها الديني لديهم "يهودا والسامرة" قلب الكيان، ما يعني أن حل الدولتين تبخر وانتهى بشكل كامل.

ويعتقد "جوابرة" أن من أهم واجبات الحكومة الإسرائيلية الحالية أو ما يليها وفق برامجها ورؤاها، الذهاب نحو انهيار السلطة الفلسطينية لا إنهاؤها، تزامناً مع ما أسماه الانفصال الكامل بين القيادة الفلسطينية والواقع الشعبي، متوقعاً الأسوأ مع ما يجري من تغيير لواقع مخيمات شمال الضفة بهدف إنهاؤها لما تمثله من رمزية وجود الشعب الفلسطيني.

من جهته، يقول المختص في الشأن الإسرائيلي خلدون البرغوثي إن السلوك الإسرائيلي والممارسات على الأرض قبل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وبعده، ومع إحكام "سموتريتش" قبضته على الإدارة المدنية، ينفذ عملية الضم بحكم الأمر الواقع، مستهدفاً بذلك صلاحيات السلطة الفلسطينية وحل الدولتين بذلك بات في حكم المنتهي.

ويتساءل البرغوثي – برأي صانع القرار الإسرائيلي وأحزابه- ما مصير نصف مليون مستوطن بالضفة ومثلهم في القدس، وما الحل معهم؟ ومع تعاظم قوة الصهيونية الدينية في الجيش والسياسة، هل سيحصل تمرد عسكري يوقف فيه الجيش أي حل؟ مستذكراً نموذج رئيس الوزراء الإسرائيلي سابقاً إسحاق رابين، عندما ذهب بخيار حل الدولتين وتمت إزاحته بالاغتيال.

ويعتقد الإعلامي والمحلل السياسي أكرم النتشة أن حل الدولتين من البداية لم يتم المساس به إسرائيلياً؛ مجاراة للواقع الدولي ومطالبه والتظاهر بالذهاب نحو التسوية، على وقع تضاعف الاستيطان بقفزات ضخمة تسترت خلف إعادة الانتشار وتسليم السلطة الفلسطينية للصلاحيات، لكنه كان عمليا حلاً مرحلياً.

ويؤكد "النتشة" لـ"وكالة سند للأنباء" أن فكرة "ترامب" من الضم قبل أعوام تلاقت مع سن القوانين الإسرائيلية والسياسات بالضفة، متزامنة مع العمل على إضعاف السلطة لدرجة الانهيار ومن ثم وضع البدائل المخطط لها من الأدوات المحلية، بينما يرى اليمين أن الأخيرة تمثل مشروعاً سياسياً يناقض فكرة الضم وإنهاؤها.

ويضيف "النتشة" أن "تيار الصهيونية الجديدة يعتقد أن دولة إسرائيل في الضفة وإسرائيل الحالية امتداد للدولة التاريخية".

ويتابع "الدولة الساحلية لا تعني للخطاب التوراتي شيئاً، الدولة تقام فقط فوق جبال القدس والخليل ونابلس، إنهم يتحدثون عن إدارة الصراع إلى ما لا نهاية".

ويختم "النتشة" حديثه، أنه ومع فرض الوقائع الجديدة على الأرض والتي تتنامى كل يوم، فإن الهدف الرئيس سيطرة المستوطن على الفضاء الأرضي غير المسكون بعد، إن كان حضورا فلسطينيا كاملاً.

ويزيد: "والفلسطيني وتجمعاته بغض النظر عن العدد والملكية محصورا في مناطق سكناه وهنا السؤال عن حدود الدولة الفلسطينية على الارض وإمكانية تحققها؟