الساعة 00:00 م
السبت 24 مايو 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.87 جنيه إسترليني
5.08 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4.09 يورو
3.6 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

انعكاسات حرب غزة على الحالة النفسية للجنود الإسرائيليين وتهديد استمرارية خدمتهم

تغير المواقف الأوروبية من حرب الإبادة.. ما السر وما مدى التأثير؟

حماس: لا مفاوضات حقيقية منذ السبت ونتنياهو يُحاول تضليل العالم

ترجمة خاصة.. الغارديان: غزة تحت الأنقاض... وأصوات التواطؤ الغربي ترتجف متأخرة

حجم الخط
غزة.jpg
غزة- وكالة سند للأنباء (ترجمة خاصة)

بينما تنفّذ دولة الاحتلال الإسرائيلي "حلاً نهائياً" على مرأى ومسمع العالم، وبعد أن حُوّلت غزة إلى أنقاض ومقابر جماعية، بدأ التململ يظهر في دوائر السلطة الغربية التي التزمت الصمت طوال 19 شهراً، بحسب ما أبرزت صحيفة الغارديان البريطانية.

وقالت الصحيفة إنه لم يعد ممكناً التظاهر بأن الهدف ليس تفريغ القطاع من سكانه، أو أن عمليات القتل الجماعي لا تندرج ضمن مشروع استعماري واضح. ومع تراكم الأدلة على أن ما يحدث هو إبادة منظمة، بدأت بعض الأصوات في العواصم الغربية ترفع نبرة "الاعتراض"، وإن متأخرة.

وأشارت الصحيفة إلى أنه في المملكة المتحدة، وبعد شهور من التجاهل، وُصفت الجرائم بأنها "فظيعة". هددت لندن وباريس وأوتاوا باتخاذ "إجراءات ملموسة" إذا استمر القتل والتجويع، تهديدات جوفاء لم تُقنع أحدًا.

والإعلام بدوره بدأ بتحول خجول، حيث بات بعض المذيعين، مثل بيرس مورغان، يتحدّون الرواية الإسرائيلية، لا سيما بشأن منع دخول الصحفيين إلى غزة. لكنه تغير جزئي ومحدود، لا يمحو شهوراً من التواطؤ الإعلامي مع آلة القتل.

هذه التحركات لا تُعيد الطفلة هند رجب التي قُتلت بدم بارد عندما أُطلقت مئات الرصاصات على سيارتها المحاصرة. لن تُعيد عمال الإغاثة الذين دُفنوا في قبور سطحية بعد إعدامهم، ولا المستشفيات والمدارس والمراكز التي دُمرت عمداً، ولا أطراف آلاف الأطفال الذين سيعيشون بإعاقات دائمة. ولن تُصلح جيلًا كاملًا يعاني من سوء التغذية وانقطاع التعليم.

محاولات لتبرئة الذات

رأت الغارديان أن الاعتراضات الغربية المتأخرة التي تصدر اليوم ليست أكثر من محاولات لتبرئة الذات. هي احتجاجات شكلية، يطلقها الساسة والإعلاميون الذين ساهموا في تبرير وتطبيع الإبادة، ليقولوا لاحقاً "لقد تحدثنا!".

لكن هل سيغفر لهم التاريخ؟ ماذا سيقول هؤلاء حين تقرأ الأجيال القادمة عن المجازر، وتسأل: كيف سمح عالم يدّعي التحضر والالتزام بالقانون الدولي بمذبحة تُبثّ مباشرة؟ ماذا سيقولون حين يُذكَّرون بأنهم صمتوا في وجه قصف الأطفال بأسلحة مموّلة من دافعي الضرائب في الغرب؟

ورغم ذلك، لم يفت الأوان بعد. لا يزال بإمكان من التزموا الصمت حتى الآن أن يرفعوا صوتهم. الكثير من الناس العاديين فعلوا ذلك. لوغان روزوس، طالب جامعة نيويورك الذي حُجبت شهادته بعد خطاب تخرّج أدان فيه المجازر، لن يندم على موقفه. الطلاب المطرودون من كولومبيا بسبب اعتصاماتهم، والممثلة ميليسا باريرا التي خسرت دورها بسبب تضامنها مع فلسطين، يمكنهم القول إنهم اختاروا الضمير على المصلحة.

لكن أصحاب السلطة الحقيقية – من سياسيين ورؤساء شركات إعلامية وقيادات غربية – لن يتمكنوا من قول الشيء ذاته. سيُلقى اللوم على بنيامين نتنياهو، لكن الجريمة لا تقف عنده.

إنها إبادة بايدن وهاريس، ترامب وفانس، كير ستارمر وديفيد لامي. إنها إبادة نُفذت برضا من قادة الغرب، وبتواطؤ من شركات كبرى مثل مايكروسوفت ووسائل الإعلام السائدة. الجميع شارك، صمتاً أو دعماً أو تبريراً.

الصمت تواطؤ

أكدت الغارديان أنه لولا التحريض المنهجي على الفلسطينيين في الإعلام، ولولا القمع الذي استهدف كل صوت مؤيد لفلسطين في الجامعات والصحف ومنصات التواصل، لما وصلنا إلى هذا الحد. لولا كذبة "قطع الرؤوس" التي رددها جو بايدن وصحفيون كبار، لما تجرأت دولة الاحتلال على تنفيذ خطة إبادة بهذا العنف.

ونبهت إلى أنه قد يبدو من السذاجة الاعتقاد بأنه سيكون هناك حساب. فكم من الأميركيين سمعوا عن النكبة؟ كم منهم يعرفون عن راشيل كوري التي دهستها جرافة إسرائيلية وهي تحاول حماية منازل الفلسطينيين في غزة عام 2003؟ وكم يعرفون عن تسميم المياه في القرى الفلسطينية عام 1948؟ رواية الفلسطيني لا تزال تُقمع وتُطمس، بينما تُضخم فظائع "الطرف الآخر".

وشددت على أن العدالة الحقيقية باتت بعيدة، لكن المساءلة لا تزال ممكنة. يجب توثيق الجرائم، وإحصاء الشهداء بدقة، وتوضيح أن الرقم الرسمي الذي تجاوز 55 ألفاً لا يشمل من قضوا جوعاً أو مرضاً أو تحت الأنقاض. يجب ألا تُنسى هذه الإبادة، ولا أن تُقدّم كرقم إحصائي مجرد.

وختمت الغارديان "إذا كنت في الغرب، فأنت جزء من هذه المأساة. يحدث كل هذا باسمك، وبأموال ضرائبك، وبصمت ممثليك المنتخبين. الصمت ليس حياداً، بل تواطؤ. وكما قال مارتن لوثر كينغ: "في النهاية، لن نتذكر كلمات أعدائنا، بل صمت أصدقائنا".