الساعة 00:00 م
الإثنين 02 يونيو 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.74 جنيه إسترليني
4.96 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
3.99 يورو
3.52 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

غزة في قلب نهائي دوري أبطال أوروبا 2025

مصائد موت وإذلال المُجوَّعين.. مساعدات مغمسة بدماء الباحثين عنها في غزة

موقع فرنسي: خطة المساعدات الإسرائيلية لغزة تواجه الفشل المبكر

حجم الخط
شاحنات المساعدات الإنسانية.jpg
غزة- وكالة سند للأنباء (ترجمة خاصة)

أكد موقع Mediapart الفرنسي أن خطة المساعدات الإسرائيلية لغزة تواجه الفشل المبكر وتفكك المؤسسة المشبوهة التي كان من المزمع الإشراف عليها بعد افتضاح مؤامرة المحاولة الفاشلة للالتفاف على دور المنظمات الدولية.

وأبرز الموقع أن دولة الاحتلال سعت خلال الأشهر الماضية إلى إنشاء بنية موازية لتوزيع المساعدات الإنسانية في غزة، خارج إطار الأمم المتحدة والمؤسسات الإغاثية التقليدية.

لكن هذه الخطة، التي تم الترويج لها تحت غطاء "الإنسانية"، انهارت بسرعة، لتكشف عن أهداف سياسية وأمنية مستترة خلف القناع الإنساني.

وأكد الموقع أن "مؤسسة غزة الإنسانية" (GHF)، التي تأسست في سويسرا في فبراير/شباط 2024، وُلدت ميتة وتوقفت عن العمل قبل أن تبدأ فعليًا.

ففي 25 مايو/أيار الجاري، أعلن رئيسها التنفيذي، جاك وود، استقالته، مؤكدًا أن المؤسسة غير قادرة على الالتزام بالمبادئ الإنسانية الأربعة: الإنسانية، والحياد، والاستقلالية، والنزاهة.

مشروع التفاف على القانون الدولي

كانت GHF مصمّمة لتكون غطاءً لما سعت دولة الاحتلال إلى فرضه كأمر واقع: بديل عن وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية في توزيع المساعدات داخل غزة.

وبدلاً من العمل عبر المؤسسات المعترف بها دوليًا، كانت الخطة الإسرائيلية ترتكز على بناء منظومة توزيع خاضعة بالكامل لرقابة الاحتلال، تُدار عبر مراكز مركزية في جنوب القطاع، تحت حماية شركة أمنية أمريكية خاصة تُدعى SRS.

هذه الشركة الأمنية أُحيطت بشبهات عديدة، إذ كشف Mediapart عن روابط تربطها بشخصيات عسكرية مقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ومن خلال هذه الشبكة، كانت دولة الاحتلال تحاول فرض نموذج توزيع يُجبر الفلسطينيين على تقديم بيانات بيومترية مقابل الحصول على الطعام، وهو ما وصفته منظمات دولية بأنه "استغلال إنساني فجّ" وانتهاك صارخ للكرامة والخصوصية.

رفض دولي واسع

الخطة لم تحظ بأي دعم يُذكر من المؤسسات الدولية. برنامج الغذاء العالمي، اليونيسف، ومنظمة الصحة العالمية، إضافة إلى منظمات غير حكومية كبرى مثل "أطباء بلا حدود" و"أنقذوا الأطفال"، رفضت جميعها الانخراط في الخطة، واعتبرتها مخالفة للأعراف والقانون الإنساني الدولي.

ووصل الأمر إلى أن منظمة "أنقذوا الأطفال" اضطرت لنفي مزاعم GHF بانضمامها للمشروع، بعد أن نشرت المؤسسة معلومات مضللة بهذا الشأن في 22 مايو/أيار.

وفي تطور خطير، دخلت منظمة TRIAL International السويسرية على الخط، مطالبة السلطات بفتح تحقيق في مدى قانونية المؤسسة، لا سيما فيما يتعلق بالتزامها باتفاقيات جنيف. هذا التحرّك أجهز على ما تبقى من شرعية المشروع، وأسهم في الانهيار السريع للمبادرة.

نسخة أمريكية في ملاذ ضريبي

بعد سقوط الفرع السويسري، حاولت الجهات ذاتها إعادة تدوير المشروع عبر تسجيل نسخة جديدة من GHF في ولاية ديلاوير الأمريكية، المعروفة بكونها ملاذًا ضريبيًا وشبه قانوني.

اللافت أن النسخة الجديدة لم تُسجّل كمؤسسة غير ربحية، ما يعزز الشبهات حول أهداف تجارية وأمنية محتملة وراء الغلاف "الإنساني".

هذا التحول يكشف ليس فقط عن الطابع الانتهازي للمشروع، بل أيضًا عن محاولة توظيف المساعدات أداةً لابتزاز الفلسطينيين سياسيًا واقتصاديًا، لا سيما في ظل كارثة إنسانية غير مسبوقة تعصف بالقطاع منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.

استخدام الجوع كسلاح

قال موقع Mediapart إن ما يُسمّى "خطة المساعدات" لم يكن في جوهره سوى تكريس لمنهجية إسرائيلية مستمرة: استخدام الغذاء والدواء كسلاح.

فدولة الاحتلال التي شددت حصارها بشكل كامل على غزة من مارس/آذار، طرحت خطتها هذه كبديل "إنساني"، في حين أن هدفها الحقيقي كان تقليص دور الأمم المتحدة، وتفكيك الشبكة الإنسانية الدولية التي طالما اعتبرتها عقبة أمام مشاريعها الاستيطانية والتطهيرية.

بلغة أوضح، لم تكن المؤسسة السويسرية – ولا شبيهتها في ديلاوير – إلا محاولة لإضفاء الشرعية على آلية توزيع خاضعة كليًا للاحتلال، تُصمم وفق حساباته الأمنية لا احتياجات الناس.

وقد استهدفت الخطة، في جوهرها، إعادة تشكيل الساحة الإنسانية لتكون أداة دعم للرؤية الإسرائيلية، وليست حاملة لرسالة القانون الدولي الإنساني.

النهاية السياسية للمشروع

بفشل GHF وتفككها المبكر، تكبّدت دولة الاحتلال هزيمة سياسية مزدوجة: داخليًا، أخفقت في فرض نموذجها الأمني على العمل الإنساني، وخارجيًا، خسرت أي غطاء شرعي يمكن أن يبرر استمرارها في تهميش الأمم المتحدة، وحرمان أكثر من مليوني إنسان من حقهم في المساعدات الإنسانية دون شروط أو ابتزاز.

ورغم محاولات إعادة إحياء المشروع بأسماء وعناوين جديدة، فإن الإجماع الدولي بات واضحًا: لا بديل عن منظومة أممية شفافة ومستقلة، توزع المساعدات وفق القانون الدولي، لا وفق أجندات الاحتلال.

ويختم موقع Mediapart بأن هذا الفشل الإسرائيلي المدوي في تسويق بديل إنساني "مُفصّل" يعكس حقيقة مركزية: لا يمكن لأي مشروع إنساني أن ينجح وهو قائم على الاحتلال، والإقصاء، والرقابة الأمنية، مهما تعددت وجوهه أو اختلفت مواقعه الجغرافية.