سادت حالة من الفوضى في مراكز توزيع المساعدات التي أعلن الاحتلال الإسرائيلي بدء تشغيلها اليوم الثلاثاء في قطاع غزة، إذ اقتحمت حشود المواطنين الجياع أحد المراكز، ما أدى لانسحاب عناصر الأمن التابعين للشركة الأمريكية المسؤولة عن المركز.
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي اعلن، اليوم الثلاثاء، بدء تشغيل مركزين لتوزيع المساعدات في منطقة تل السلطان ومحور "موراغ" في رفح جنوبي قطاع غزة، وذلك ضمن "الافتتاح التدريجي" لأربعة مراكز أُنشئت خلال الأسابيع الماضية، ضمن خطة رفضتها الأمم المتحدة ومنظمات دولية عدة.
وما إن أعلن عن بدء تشغيل المركزين، حتى تدفقت حشود المواطنين عليهما، وفقدت الشركات الأمنية الخاصة السيطرة على أحد الموقعين، في ظل الأوضاع الإنسانية الكارثية في قطاع غزة.
وأظهرت مشاهد من قطاع غزة حشودا من الفلسطينيين وهي تقتحم مركز المساعدات الجديد الذي افتتحته شركة أميركية بدعم من جيش الاحتلال في رفح.
وأفادت تقارير صحافية أن مروحيات عسكرية تابعة لقوات الاحتلال أطلقت النار على المدنيين في الموقع، ما أدى إلى تفاقم الوضع وخروج المركز عن السيطرة، وانسحاب عناصر الشركة الأميركية.
ويأتي تشغيل المركزين في إطار ما يعرف بـ"الآلية الأميركية الإسرائيلية" الجديدة لتوزيع المساعدات، والتي تشرف عليها شركات ومؤسسات أميركية خاصة مرتبطة بالاحتلال، في عملية تخضع بالكامل لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي.
من جانبه، أكد المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة أن الاحتلال الإسرائيلي فشل فشلاً ذريعاً في مشروع توزيع المساعدات.
وقال "الإعلامي الحكومي" في بيان تلقته "وكالة سند للأنباء": "نؤكد أنّ مشروع الاحتلال الإسرائيلي لتوزيع المساعدات في ما يُسمّى "المناطق العازلة" قد فشل فشلاً ذريعاً وفقاً للتقارير الميدانية، ووفقاً لما أعلن عنه الإعلام العبري كذلك".
وأوضح المكتب أن آلاف الجائعين، الذين حاصرهم الاحتلال وقَطَع عنهم الغذاء والدواء منذ حوالي 90 يوماً، اندفعوا نحو تلك المناطق "في مشهد مأساوي ومؤلم، انتهى باقتحام مراكز التوزيع والاستيلاء على الطعام تحت وطأة الجوع القاتل".
وأشار إلى أن قوات الاحتلال تدخلت بإطلاق النار وأصابت عددا من المواطنين، "ما يعكس بوضوح الانهيار الكامل للمسار الإنساني الذي تزعمه سلطات الاحتلال".
واعتبر أنّ ما حدث اليوم هو "دليل قاطع على فشل الاحتلال في إدارة الوضع الإنساني الذي خلقه عمداً"، من خلال سياسة التجويع والحصار والقصف.
وأضاف أنّ إقامة "غيتوهات عازلة" لتوزيع مساعدات محدودة وسط خطر الموت والرصاص والجوع، "لا تعكس نية حقيقية للمعالجة، بل تُجسّد هندسة سياسية ممنهجة لإدامة التجويع وتفكيك المجتمع الفلسطيني، وفرض مسارات إنسانية مُسيّسة تخدم مشروع الاحتلال الأمني والعسكري".
وحمل المكتب، الاحتلال الإسرائيلي كامل المسؤولية القانونية والإنسانية عن حالة الانهيار الغذائي في غزة، وأدان استخدامه المساعدات "كسلاح حرب وأداة للابتزاز السياسي"، وإصراره على منع دخول الإغاثة عبر المعابر الرسمية والمنظمات الأممية والدولية.
وطالب الأمم المتحدة ومجلس الأمن بالتحرك لإيقاف الجريمة، وفتح المعابر بشكل عاجل ودون قيود، وتمكين المنظمات الإنسانية من أداء مهامها، بعيداً عن تدخل الاحتلال وأجنداته.
كما طالب بإيفاد لجان تحقيق دولية مستقلة لتوثيق جريمة التجويع، ومحاكمة قادة الاحتلال، مناشدا الدول العربية والإسلامية ودول العالم تفعيل مسارات إنسانية مستقلة وآمنة لكسر الحصار.
وعبر عن الرفض القاطع لأي مشروع يعتمد "مناطق عازلة" أو "ممرات إنسانية" تحت إشراف الاحتلال الذي يمارس القتل والتجويع والإبادة.